كم مرة أحسست بالإحباط عند الانتهاء من مناقشة موضوع معين بالقاعة التدريبية؛ وذلك للشعور بأنك لم تتمكن من إيصال جميع المعلومات المطلوبة أو ذكر ما يجول فعلًا في خاطرك، مع اليقين أنه ما زال لديك الكثير من الكلام ولكن للأسف لم تقله. وهنا يبدأ الحوار السلبي مع النفس من حيث لومها؛ لعدم التمكن من إيصال المعلومة، وأحيانًا لضعف في الشخصية، وما إلى ذلك.
وحتى تضع يديك على سبب هذه المشكلة الخاصة بالتواصل؛ يجب إلقاء نظرة على نموذج التواصل لعالم النفس "ألبرت محرابيان"، والذي يحدد فيه ما يلي:
- 7% من نجاح التواصل من خلال الكلمات (Verbal).
- 38% من نجاح التواصل من خلال نبرات الصوت (Vocal).
- 55% من نجاح التواصل من خلال لغة الجسد(Nonverbal) .
مع العلم أن المرأة تتفوق على الرجل في إدراك لغة الجسد؛ فقد أكدت دراسة العالم الأمريكي "آلان بييز" في بحثه عند إزالة الصوت من الأفلام وعرضها على بيئة ولغة مختلفة لمجتمع الدراسة (العينة 1600) وطُلب كتابة قصة الفيلم، فكانت نسبة النساء اللاتي كتبن القصة صحيحة (86%)، ونسبة الرجال (42%).
اسأل نفسك
وبالرجوع بالزمن قليلاً، وبتحليل طريقة كلامك أثناء المناقشة بالقاعة التدريبية؛ قم بالتركيز على صوتك وطريقة كلامك وأجب عن الأسئلة التالية:
- هل استخدمت صوتك بطريقة صحيحة؟
- هل وضعت النبرة المناسبة مع الكلمة المناسبة؟
- هل وضعت القوة في صوتك عندما أردت التركيز على نقطة معينة؟
- هل كان صوتك عاليًا وحادًا في لحظة محاولتك إقناع الطرف الآخر بفكرة غير مقتنع بها؟
- هل همست في اللحظة التي كان يجب فيها أن يكون صوتك مرتفعًا وقويًا؟
أداة المدرب
صوتك هدية من الله، يجب عليك الاعتناء به وتدريبيه جيداً وباستمرار؛ للوصول به للدرجة التي يمكن استخدامه وتوظيفه في أي وقت وفي كل مكان، كما في القاعة التدريبية، ومع الأصدقاء، وعند تلاوة القرآن الكريم، وكما جاء في الحديث قول النبي (صلى الله عليه وسلم): " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " رواه البخاري(7527)، وكان أبو موسى الأشعري–رضي الله عنه-صوته حسنًا، استمع إليه النبي–صلى الله عليه وسلم-وقال: " لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود"، فقال أبو موسى–رضي الله عنه-: "لو علمت أنك تستمع إلي لحبرته لك تحبيراً" رواه البخاري(5048)، ومسلم(793)؛ فربما يكون الصوت الحسن سبباً في التأثر بسماع القرآن. وقد علم أن الأصوات ليست مكتسبة ولكنها فطرية؛ فالله–تعالى-هو الذي يعطي مَن يشاء ويحرم مَن يشاء وله في ذلك الحكمة البالغة. وليس للإنسان أن يتكلف ما لا يقدر عليه، وإنما عليه أن يحرص على تحسين صوته بقدر الاستطاعة.
والصوت أداة مهمة للمدرب، فهل تتدرب لكي تستخدم صوتك أثناء التدريب؟ هذا ما يطلق عليه فن التلوين الصوتي، وهنا يتبادر للذهن مفهوم التلوين الصوتي وهو التنويع الصوتي باستخدام خصائص الصوت المختلفة (النوع-الدرجة-الشدة-المدة) وتوظيفها بمهارة ودقة؛ لتوصيل المعنى المقصود وتأكيده.
بمعنى آخر هو مهارة تجعل من الصوت أداة للتعبير عن المعاني الداخلية غير المرئية (بالعقل والوجدان)، وذلك من خلال إلقاء الكلمات والجمل بتنويعات صوتية مختلفة ومناسبة لتوصيل الرسالة للمتلقي، وتأكيد المعنى وتوضيحه بشكل أكثر إقناعاً وتأثيراً ومتعة.
أهميته
ولفن التلوين الصوتي أهميته الكبيرة في أداء المدرب كالتالي:
- إثارة السمع وجذب الانتباه.
- الإحساس بالمتعة والتشويق والابتعاد عن الملل والرتابة.
- قوة الإقناع والتأثير وإدراك المعاني بشكل أكثر سرعة وتركيز.
- الحفاظ على عدم تداخل المعاني والتمييز بين العبارات والجمال والأساليب المختلفة.
منح المدرب الشعور بالثقة والراحة أثناء التدريب، لسهولة التعبير عما يريده والفرصة لترتيب أفكاره قبل طرحها.
شروطه
تتضح شروط التلوين الصوتي الجيد، بالنظر إلى خصائصه المميزة، من حيث:(نوع الصوت، ودرجته، وشدته، ومدته).
فمن جانب نوع الصوت، أي طابع الصوت والصفة الخاصة به (بصمة الصوت)، نلاحظ ما يلي:
- تحدث كنتيجة لحدوث عدد كبير أو قليل م ذبذبات واهتزازات الأحبال الصوتية في وقت معين أثناء عملية الزفير، فكلما زاد عدد هذه الاهتزازات؛ كلما كان الصوت حاداً (الجواب).
- وكلما قل عدد وسرعة تلك الاهتزازات؛ كلما كان الصوت غليظاً (القرار)، ويتوسطها الطبقة الوسطى.
يستطيع المدرب أن ينوع بين الطبقة الحادة، والطبقة الوسطى، والطبقة الغليظة أثناء الحديث تبعاً للمعنى الذي يريد أن يُعبر عنه، وتبعاً لتأثير الكلمات والمواقف وأنواع الأساليب التي يتحدث بها.
كذلك ومن ناحية شدة الصوت أي قوته، نتبين الآتي:
- تتوقف على قوة الاهتزازات. فكلما كانت ذبذبات واهتزازات الأحبال الصوتية ضعيفة؛ كلما كان الصوت منخفضاً (P.) وكلما كانت الاهتزازات قوية كان الصوت مرتفعـــاً (F.).
يستطيع المدرب أن ينوع بين الصوت المرتفع والصوت المنخفض، وأيضاً يمكنه التشديد (النبر القوي) على بعض الكلمات؛ وذلك تبعاً لأهميتها وللمعنى الذي يريد أن يعبر عنه، وأيضاً تبعاً لتأثير تلك الكلمات والمواقف وأنواع الأساليب التي يتحدث بها.
أما مدة الصوت أي الامتداد الزمني (إيقاع الكلمات)، نلاحظ ما يلي:
- فبالنظر لعنصر الزمن يكون الصوت طويلاً ممتداً أو قصيراً، ويشمل أيضاً زمن السكتات والوقفات بأنواعها المختلفة.
يستطيع المدرب أن ينوع بين الصوت الطويل وبين الصوت القصير وأيضاً بين السرعات المختلفة أثناء الحديث؛ تبعاً للمعنى الذي يُعبر عنه، وتبعاً لتأثير الكلمات والمواقف وأنواع الأساليب التي يتحدث بها.
إرشادات
الإرشادات التي يجب مراعاتها في التلوين الصوتي أثناء التدريب، على النحو الآتي: