التقييم وسيلة وليس غاية

تمارس الشركات والمنشآت الكبرى في القطاع الخاص التقييم بشكل واسع، منذ مدة ليست بالقصيرة؛ لتأهيل وتطوير مواردها البشرية. إلا أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة توجه العديد من الجهات والهيئات الحكومية إلى تقديم خدمات التقييم لموظفيها، حتى إنه لا يكاد يخلو تجمع للمختصين إلا ويُذكر فيه تنافس الشركات الأجنبية في الحصول على عقود لتنفيذ خدمات التقييم لدى جهاتهم. والسؤال هو: هل لدى هذه الجهات متخصصين يدركون الهدف من عملية التقييم ولديهم معرفة وتمكّن بطبيعة هذه العملية؟ ومن ثم لديهم القدرة لإدارة هذه العملية منذ لحظة إعداد كراسات الشروط والمواصفات وحتى التعاطي بمهنية مع مخرجات التقييم وتطويع هذه المخرجات لنجاح المنظمة والعاملين فيها.

التقييم ليس عملية مستهدفة في حد ذاتها، وإنما وسيلة نستخدمها؛ حتى تُبني عمليات التعيين والتطوير الوظيفي على أدوات موضوعية تقلل من تأثير التحيزات الشخصية للمدراء أو مسؤولي الموارد البشرية. فكم من مرة كنا ضمن لجان المقابلات الشخصية وداخلنا شعور بأن اختيار أشخاص أو رفضهم كان بتأثير عوامل لا تتعلق بكفاءة هؤلاء الأشخاص، وإنما كان عائداً لانطباعات شخصية فسرناها بحسب خبراتنا الذاتية وأصدرنا فيها حكمنا بملاءمتهم للوظيفة أو العكس، وهنا تبرز أهمية التقييم ليسهم في اختيار الأشخاص الأنسب والأكفأ للالتحاق بالوظيفة، فهو يحدد مستوى قدرات وكفاءة الأشخاص ويلعب دورًا مهمًا في أغراض التوجيه والتطوير المهني؛ وبالتالي تقليل التكلفة والمخاطرة التي قد تنجم من استخدام أساليب غير فاعلة في عملية الاختيار والتوظيف. من المهم أن نكون ملمين بجوانب هذه العملية؛ حتى لا نفقد البوصلة ونكون محمولين بكل ريح تسويق وتكون ممارسات التقييم لدينا غاية وليس وسيلة.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة