ماذا أعطاك عملك في اليوم الأول؟

اليوم الأول في حياة الموظف لا يمكن أن ينساه إلى أن يترجل من الوظيفة إلى حياة التقاعد. فالشاب المتحمس المقبل على الحياة وعلى الوظيفة بشوق يتمنى أن ساعات الدوام 24 ساعة وليست 7 ساعات؛ من شدة حماسه وانبهاره بعالمه الجديد، وتطلعه لإثبات ذاته منذ اليوم الاول. وهذا اليوم ينبغي أنه تمنحه الهيئات والمنظمات اهتماماً كبيراً؛ فمن خلاله يكون غرس الولاء والانتماء في نفس الموظف سهل جداً. ويبقى هذا الشعور لديه حتى وإن ترك المنظمة إلى أخرى. فستبقى المنظمة الأولى هي الحبيب الأول.

لذلك فالاهتمام باليوم الأول من حياة الموظف بالغ الأهمية؛ فإذا ما تم غرس الولاء والانتماء في روح الموظف فستضمن المنظمة أعلى درجات الإنتاجية والانضباط والالتزام والرغبة في التفوق، والغيرة على المنظمة. وعندما يشعر الموظف بالفخر بمنظمته فستكون قد حققت نجاحًا كبيرًا في جانب مهم من جوانب بناء شخصية الموظف الجديد.

ومن العوامل المساعدة على جعل حياة الموظف مشرقة منذ اليوم الأول تقديم هدية أو مجموعة هدايا رمزية له تحمل شعارات المنظمة، وتكون متنوعة. وليس بالضرورة أن تكون مكلفة مادياً، فالأهم مردودها على نفس الموظف. وكم رائع وجميل أن يعود الموظف الشاب إلى منزله بعد أول يوم عمل محملاً بهدايا من منظمته تجعله فخور بوظيفته ومنظمته أمام أسرته ومجتمعه. إنها لحظات لا تنسى.

وقد تبنت كثير من المنظمات هذا المنهج، حيث تقدم للموظف الجديد مجموعة من الأجهزة التقنية البسيطة، أو حقيبة فيها مجموعة تذكارات وهدايا متنوعة غير مكلفة، وكذلك بدلة رياضية عليها شعار المنظمة. أو كوبونات شرائية، وغيرها؛ لتستفيد منها عائلته أيضا. وهذا ما يجعلهم فخورين بالمنظمة التي يعمل بها ابنهم. وإذا ما استطاعت المنظمة أن تتجاوز كسب ولاء الموظف الجديد إلى كسب ولاء أسرته، فهذا نجاح عظيم للمنظمة. ومن المهم أن يقابل الموظف الجديد المسؤول الأول في المنظمة ويستمع منه؛ فهذا له تأثير السحر في نفس الموظف، ويجعله فخورًا بهذا التقدير الذي حظي به.

إن تعزيز روح الانتماء وغرس قيم الولاء في نفس الموظف يجب أن يكون منذ اليوم الأول؛ فالموظف في هذا اليوم مثل الأرض الخصبة إن وضعت فيها البذور النافعة أنتجت، وإن كان العكس فقد فات على المنظمة فرصة ثمينة. 

إن الانتماء للمنظمة لا يكون بالكلمات الإنشائية أو إعطاء الموظف الجديد كتاباً عن الحقوق والواجبات، بل يكون بمنحه شيئاً محسوساً؛ فالموظف في مثل هذا العمر لديه اهتمامات وتطلعات يجب أن يتوافق معها تفكير المنظمة في الترحيب به مع أول يوم عمل.

وما يؤسف أن بعض المنظمات لا تلقي بالاً لهذه الأمور، بل تعتبرها ترفاً وزيادة مصروفات وخسائر، غير مدركة أن هذا يمثل جزءاً من بناء شخصية الموظف الجديد. فهناك موظفون جدد في بعض المنظمات يبدؤون اليوم الأول في الوظيفة بلا مكتب، أو كل يوم مكتب، ليس لعدم الحاجة إليه، ولكن سوء في استقبال الموظف الجديد، والاستعداد له. وبعضهم يصدم بكمية عمل ومهام يطلب منه إنجازها، وبعضهم يفجع بكمية النصائح والأوامر التي تصل حد التهديد بوجوب الالتزام والانضباط، مع ذكر العقوبات وتنوعها وتدرجها؛ مما يشكل لديه رد فعل سلبي. يبقى في نفسه طويلا.

الخلاصة..إذا أردنا صناعة موظف يدين بالولاء لمنظمته ويشعر بالانتماء تجاهها ويفاخر بها؛ علينا الاهتمام بالانطباع الأولي لديه عن المنظمة من خلال ما نتركه في نفسه من شعور في اليوم الأول لمباشرته العمل.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة