الخبيرة الإعلامية د.ناهد باشطح: تغطية الإعلام السعودي أضعف من إنجازات الأجهزة الحكومية والحل بتطوير المنصات الإعلامية الرسمية


  • التواجد الإعلامي للقيادات الإدارية لا بد أن يكون مدروساً والجمهور لا يتقبل الحضور المرتبك والضعيف.
  • تحليل البيانات الضخمة يعزز قدرة المسؤول على اتخاذ القرار بناءً على معلومات دقيقة.
  • معظم الحسابات الرسمية للوزارات على "تويتر" يديرها فريق غير متخصص في الإعلام.

​في هذا الوطن الكثير من النساء اللاتي اقتحمن العديد من المجالات الصعبة وحققن نجاحاً كبيراً ومثّلن المملكة في الخارج، من هذه النماذج المشرفة د.ناهد باشطح، وهي صحفية وكاتبة سعودية، وهي المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "أبعاد لصناعة المحتوى الرقمي"، كما أنها مؤسس مركز "المرأة السعودية الإعلامية" عام 2003م، وكاتبة عمود في صحيفة الجزيرة منذ عام 2009م ومستشار إعلامي لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن خلال عام 2014م، وعملت كاتبة في جريدة الرياض بين عامي 2002م و2009م. وقد فازت بجائزة المرأة العربية المتميزة في حقل الصحافة والاعلام من قبل مركز دراسات مشاركة المرأة العربية في فرنسا في دورته الرابعة عام 2007م. وهي حاصلة على الدكتوراه في الإعلام عام 2016 من جامعة سالفورد في المملكة المتحدة. سألناها عن الكثير من قضايا الإعلام الرقمي ودوره في الأجهزة الحكومية السعودية.

​أسلوب جديد

  • تسند الكثير من المؤسسات الحكومية إدارة حساباتها على السوشيال ميديا لفريق الدعم الفني دون وجود متخصص يجيد أبجديات العمل الإعلامي الرقمي، كيف تقيمين حسابات الأجهزة الحكومية السعودية؟

تهتم الوزارات والشركات والمؤسسات الكبرى بحساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن البعض يجهل أنّ إدارة مثل هذه الحسابات مهمة لا يستطيع القيام بها الصحفي التقليدي وحده، أو التقني الذي لم يمارس الصحافة وحده؛ لأنها ليست فقط أخباراً اختلفت وسيلة نشرها، بل أسلوباً جديداً لا يمكن التعامل معه دون أن يتم دون تطوير الفهم والإدراك لما يعنيه التواصل الاجتماعي كمنصات إعلامية. لذلك فإنّ محتوى تغريدات الحسابات الرسمية للوزارات والمؤسسات الأهلية ليست أمراً سهلاً؛ لأنها تعبِّر عن رؤية المنشأة ونهجها وذلك مرتبط بالصورة الذهنية لها.

وبعض الحسابات الرسمية لدينا في "تويتر"-مثلاً-تفعل ما أشرت إليه، ويتضح ذلك من خلال التغريدات التي تسبب الإحراج للوزير أو وزارته، أو لشركات أهلية كبرى، وقد شهدنا أمثلة عدة، لكني لا أستطيع التقييم بدقة لعدم وجود دراسات لتحليل مضمون هذه الحسابات. إن تغريدات الحسابات الرسمية ليست مجرد 280 حرفاً، بل مهارة توظيف الرسالة الإعلامية التي تبثها الوزارة أو المؤسسة إلى الجمهور، ومن خلالها يتم التفاعل الذي تنشده. هذه التغريدات هي صورة الوزارة الذهنية، بل وصورة الوزير شخصياً في ذهنية المجتمع.

  • صناعة المحتوى الرقمي أصبحت مهنة مستقلة بذاتها تهتم بها مختلف المؤسسات وتتسابق لتوظيف أخصائي المحتوى المبدع، هل ترين ضرورة لوجود وظيفة بهذا الاسم في لائحة الخدمة المدنية؟

نعم، يفترض أن تكون هناك وظيفة لأخصائي المحتوى، على أني أعتقد أنه يوجد ضمن تصنيفات وظائف الخدمة المدنية وظيفة صحفي ليس من وقت بعيد، وفي تخصصات الابتعاث لا يوجد الابتعاث في تخصص الإعلام رغم دراسة أعداد كبيرة من المبتعثين لهذا التخصص، ولا أعلم كيف يتم ذلك، لكني أستطيع القول إننا كصحفيين مهملين في اكتساب احترام المجتمع لهذه المهنة.

البيانات المفتوحة

  • زادت أهمية الإعلام الرقمي في الآونة الأخيرة للمؤسسات الحكومية، ليس فقط لدوره في تسويق خدمات هذه المؤسسات، ولكن أيضاً باعتباره مصدراً للبيانات الضخمة التي يمكن توظيفها بالتحليل واستخلاص المؤشرات، هل تلتمسين اهتماماً من جانب الأجهزة الحكومية في المملكة بهذا الجانب؟

على المؤسسات الحكومية أن تفعّل خدمة البيانات المفتوحة تطبيقاً لمبادئ التحول الرقمي ومبدأ الشفافية في رؤية 2030، وقد بدأت بالفعل معظم المواقع الإلكترونية في ذلك، لكن المؤسف أن معظم البيانات لا تتفق مع معايير مبادرة الأمم المتحدة للبيانات الحكومية. ولو قمنا بزيارة مواقع بعض الوزارات سنجد أن البيانات في بعض هذه المواقع لا يمكن الاستفادة منها؛ لأنها ليست بيانات "خام"، وبالتالي لابد للوزارات من تطبيق سياسة البيانات المفتوحة بشكلها الصحيح، وليس مجرد واجهة كقسم في موقعها الإلكتروني.

  • توافرت برمجيات جديدة تستخدم في تحليل البيانات الضخمة ومنها بيانات السوشيال ميديا مثل Tableau وPowerbi وNodexl وغيرها من البرامج، هل سنرى في المستقبل إعلانات وظائف تطلب متخصصين للعمل على برمجيات محددة؟

.

في رأيي تبرز أهمية التحليل للبيانات الضخمة من خلال إعطاء صاحب القرار القدرة على اتخاذ القرار؛ بناءً على معلومات دقيقة ومحللة بشكل علمي، كما أن لها دوراً في معرفة الرأي العام وتشكيله. وشخصياً، استخدم من هذه البرامج Tableau؛ لأنه يفيد في تطبيق صحافة البيانات، وهو برنامج سهل الاستخدام. لكن البرمجة اليوم هي لغة العصر وهي لا تفيد الصحفي إلا إذا اهتم بتحليل البيانات الضخمة والمفتوحة، بينما برنامج Tableau يكفي الصحافي دون البرمجيات المعقدة والمتخصصة في علم البرمجة لتطبيق صحافة البيانات فقط.

ذكاء اصطناعي

هل يمكن أن يمتد الذكاء الاصطناعي إلى العمل الحكومي مستقبلاً، وبرأيك ما أهم المجالات التي يمكنه اقتحامها؟

تكمن أهمية الذكاء الاصطناعي في تسريعه خطوات التحول الرقمي. فقد خلصت جمعية "إيساكا" الدولية -المسؤولة عن بناء وتشغيل "المقياس العالمي للتحول الرقمي" بالمؤسسات -إلى أنَّ هناك خمس تقنيات تقود هذه العملية عالميًا وهي: البيانات الكبيرة، والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، وخدمات الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، وسلاسل الكتل. إنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي سوف يساعد الصحفيين والقائمين على النشر في تحليل وتوليد النصوص، بما يوفِّر عليهم جهدًا كبيرًا، ويمنحهم، في الوقت ذاته، نطاقاً عريضاً من الأفكار والمعلومات التي تعزِّز من جودة إنتاجهم المهني وانتشاره.

وبالطبع فإن الذكاء الاصطناعي ثورة علمية لا يستهان بها، وفي بلادنا ونتيجة اهتمام الدولة؛ بدأ يدخل في مجال التعليم والطب، وفي وزارة الاتصالات والتقنية هناك اهتمام خاص به. وأنا على المستوى المهني مهتمة بعلاقة الذكاء الاصطناعي بالمحتوى الإعلامي، وقريباً سوف تظهر للنور صحيفتي الالكترونية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.

  • كيف تقيمين جهود الإعلام السعودي لتغطية شئون الأجهزة الحكومية ومعالجتها؟

التغطيات في مستواها المهني أضعف من إنجازات الأجهزة الحكومية التي طالها التحديث، وإن كنت أرى أن على الأجهزة الحكومية أن تطور منصاتها الإعلامية بدلاً من انتظار وسائل الإعلام التقليدي.

حضور مرتبك

  • ما روشتة النجاح للتواجد الإعلامي الفعال للقيادات الإدارية الحكومية في وسائل الإعلام؟

أن يكون التواجد الإعلامي مدروساً ومرتبطاً بالصورة الذهنية الصحيحة لهذه القيادات؛ فلم يعد الجمهور يتقبل الحضور الإعلامي المرتبك أو الضعيف، وقد تطور الجمهور بتطور تقنيات الإعلام.​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة