​​الملحق الثقافي ​في أمريكا د.محمد العيسى لـ "التنمية الإدارية":51 ألف مبتعث ومبتعثة في أفضل الجامعات الأمريكية

​​​​​​

​​​​​





​المملكة في المرتبة الثالثة بعد الصين والهند بين الدول الأكثر ابتعاثاً لطلابها في أمريكا 

38 ألف مبتعث مقابل 13 أاف مبتعثة في أمريكا والعدد يصل إلى 98 ألف بالمرافقين

التخصصات الهندسية في الصدارة، يليها التجارية والإدارية، ثم الطب والخدمات الطبية

المرأة تتفوق على الرجل في التمريض، والعلوم التربوية، والاجتماعية، والدراسات السلوكية، والرياضيات

​ 

أكد الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية د.محمد العيسى أن هناك طفرات حقيقية تمر بها العلاقات السعودية-الأمريكية في المجالات العلمية والثقافية، وأشار إلى أن الملحقية الثقافية هي الممثل الرسمي للمملكة فيما يخص التعليم والثقافة بالولايات المتحدة الأمريكية، ولا يقتصر دورها على رعاية الطلاب والإشراف عليهم، وإنما يمتد ليشمل تواصلها مع الأجهزة والمؤسسات العلمية والثقافية الأمريكية؛ كي تقدم رؤية حقيقية إيجابية عن الهوية، والثقافة السعودية، وعن تراث المملكة وحضارتها.

عمل دؤوب

  • هل لك أن تطلعنا على أوجه التعاون البارزة بين المملكة وأمريكا في المجال العلمي والثقافي؟

أولاً لابد أن يكون واضحاً وقبل كل شيء أن المملكة العربية السعودية تحتل مكانة متقدمة جداً بين قائمة أكبر الدول ابتعاثاً لطلابها في الولايات المتحدة الأمريكية. ويأتي ترتيبها هذا العام في المرتبة الثالثة بعد الصين والهند، وتعود بداية العلاقات السعودية الأمريكية في المجالات التربوية والثقافية إلى اتفاقية التعاون التي أُبرِمت بين البلدين في عام 1946، والتي تعتبر نقطة تحول وانطلاقة حقيقية نحو الابتعاث السعودي إلى أمريكا. وهناك طفرات حقيقية تمر بهذه العلاقات تؤشر على هذا الإقبال المتنامي من الابتعاث؛ وتؤدي-نظراً لكثافته-إلى تطوير سياستها وتحسين أدائها وفق الظروف، ومنها اللجوء إلى المركزية واللامركزية في الإدارة، والبحث عن حلول بديلة لمواجهة الكثافة الطلابية المتزايدة للابتعاث في أمريكا، وإنشاء المكاتب الفرعية والاتجاه بسرعة نحو التقنية واستخدام الحاسب الآلي، وتوطيد علاقاتها بالجامعات والمؤسسات التعليمية والأكاديمة ومراكز البحوث في أمريكا.

 

ويعد برنامج الابتعاث وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-رحمه الله-حينما كان ولياً للعهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 14 ربيع الثاني عام 1426هـ الموافق 22 مايو عام 2005م، ولقائه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش نقطة انطلاق تاريخية كبرى في تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية في مجال التعليم والابتعاث؛ حيث أُعلن في البيان الختامي لهذه الزيارة عن اتفاق البلدين على ضرورة تذليل العقبات والصعوبات أمام المواطنين والطلاب السعوديين الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم داخل الولايات المتحدة الأمريكية؛ وفي ضوء ذلك صدرت موافقة المقام السامي على ابتعاث الطلاب لمواصلة دراستهم الجامعية والعليا والحصول على درجات علمية مختلفة يحتاجها سوق العمل.

وقد تم ذلك من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي يعد أكبر برنامج في تاريخ الابتعاث بالمملكة، ونقطة انطلاق مهمة لدعم الجامعات السعودية والقطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة من أبناء الوطن. والملحقية الثقافية هي الممثل الرسمي للمملكة فيما يخص التعليم والثقافة بالولايات المتحدة الأمريكية، ولا يقتصر دورها وجهدها فقط على رعاية الطلاب والإشراف عليهم؛ وإنما يمتد ليشمل تواصلها مع الأجهزة والمؤسسات العلمية والثقافية الأمريكية والدولية ومع المعارض والمتاحف والمؤتمرات ومع المواطن الأمريكي العادي، وغاية ما تقوم به أن تقدم رؤية حقيقية إيجابية عن الهوية والثقافة السعودية، وعن تراث المملكة وحضارتها، وعن دورها الحيوي والبنّاء كدولة عربية إسلامية كبرى ورائدة بين ربوع العالم.

وقد استطاعت الملحقية على مدى سنواتها توطيد علاقتها مع كافة الأجهزة المتصلة بالابتعاث في أمريكا، ابتداء من قبول المبتعثين، وإلحاقهم بالجامعات، وتوفير الإقامة الآمنة لهم، ومتابعة انتظامهم واستمرارهم في الدراسة، حتى اكتمالها وتخرجهم. وتتحدد هذه الأجهزة فيما يلي: شؤون الطلاب والمشرفين بالجامعات وأعضاء هيئات التدريس فيها، والجهات الأمنية المختلفة، والمسؤولون في أجهزة الهجرة والإقامة.

وهناك تنسيق كامل بين هذه الأجهزة والملحقية، كما أن هناك لقاءات متبادلة وعمل دؤوب بينها؛ من أجل ضمان استقرار الطالب ومتابعته علمياً، وثقافياً، واجتماعياً ونفسياً. ولقد أتاحت هذه العلاقات-من خلال تواصل الملحقية والزيارات الميدانية التي تقوم بها مع الجامعات والجهات المعنية الأخرى-الارتقاء بمستوى المتابعة الطلابية علمياً وثقافياً واجتماعياً ونفسياً وتوفير الاستقرار الكامل لهم، وتسكين أكبر عدد من الطلاب في أكبر وأفضل الجامعات المعترف بها، وإتاحة الفرصة للطلاب والطالبات لخوض تجربة العمل أثناء الدراسة والتدريب أو التأهيل؛ للعمل داخل المؤسسات الأمريكية الشهيرة والتعاقد مع أكبر المؤسسات بما في ذلك المؤسسات الطبية والمستشفيات الجامعية في تأهيل أطبائنا.

 

ولقد تحولت مهمة الابتعاث بمرور الزمن من مجرد التأهيل العلمي للحصول على مؤهل ما إلى المشاركة الفاعلة داخل المجتمع الأمريكي، وإرساء دعائم تفاهم حقيقي يؤسس لفكرة الحوار الإيجابي والتفاهم المنشود. ولقد لعبت اللغة وبرامجها أيضاً في السنوات الأولى من دراسة دورها في إزالة الحائط الفكري والثقافي الذي كان عائقاً أمام هذا النوع من التفاهم البناء. كل ذلك رفع من مستوى قدرة المواطن السعودي الذي بدء دارساً أو مبتعثاً، وأصبح خريجاً مؤهلاً متخصصاً يجيد لغة أهل هذه البلاد نموذجاً ورمزاً لهوية سعودية تم إعدادها، والإنفاق عليها، وتأهيلها؛ للتواصل مع العالم وتعزيز مكانة المملكة لديهم.

والملحقية الثقافية شريك فاعل في الكثير من المؤتمرات والندوات التي تقيمها أو تشارك فيها؛ لدعم المزيد من التواصل مع المجتمع الأمريكي على كافة المستويات، ومنها جمعية التعليميين الدوليين (نافسا). وهي جمعية للمهنيين المتخصصين في كافة مجالات التعليم الدولي، والجمعية الأمريكية لمسجلي الكليات وموظفي القبول، وهي جمعية مهتمة بتقديم التنمية المهنية والإرشادات والمعايير التطوعية المستخدمة من قبل المسؤولين عن التعليم، وجمعية الدراسات الشرق أوسطية، وهي جمعية مهتمة باستحضار الدارسين والمهتمين بدراسات المنطقة.

وكذلك مؤتمر واشنطن للتعليم الدولي، وهو المؤتمر الذي تقيمه سنوياً في العاصمة الأمريكية، ومجلس واشنطن للتعليم الدولي وتشارك فيه الملحقية وتستضيف أحد جلساته، ويقدم فيه معلومات مستقلة عن التعليم الدولي، ويستفيد منه المئات من ممثلي الجامعات وبرامج اللغة والسفارات والمنظمات غير الحكومية، وباسبورت دي سي وهو برنامج سياحي ثقافي تتيحه المدينة لسكانها وزائريها؛ للتمتع بالمدينة والتعرف على ثقافتها وتراثها والسير في أرجائها وأحيائها. ولأن واشنطن مدينة تمثل المجتمع الدبلوماسي الدولي؛ فالتجول فيها هو بمثابة سياحة حول سفارات دول العالم، وهي فرصة يُتاح فيها عرض فنون وثقافة هذه الدول وشعوبها، وأخيراً وليس آخراً المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية، وهي مؤسسة تعليمية تقوم على تحسين المعرفة الأمريكية، وفهم العالم العربي، وينطلق من هذا المجلس المؤتمر السنوي لصناع السياسة العربية الأمريكية، وتحرص الملحقية على المشاركة فيه وتشرك فيه أيضاً الطلاب.

دبلوماسية شعبية

  • كم عدد المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وما أبرز الخدمات وأوجه الدعم التي تقدمها الملحقية الثقافية لهم؟

يبلغ عدد المبتعثين والمبتعثات السعوديين في أمريكا بنهاية عام 2017 وأوائل هذا العام نحو 51886 مبتعثاً من بينهم 13171 مبتعثه، كما يبلغ إجمالي المبتعثين والدارسين والمرافقين الذين تشرف عليهم الملحقية إجمالا نحو98692 مبتعثاً ودارساً ومرافقاً. وتتحدد هويتهم ما بين: الطالب، والموظف، والمرافق المبتعث، والدارس على حسابه الخاص، والمرافقين من الدارسين وغير الدارسين، وجميعهم تحت إشراف الملحقية.

وتقدم الملحقية الثقافية السعودية لمبتعثيها ودارسيها العديد من الخدمات والدعم، فهي فضلاً عن مسؤولياتها في المتابعة العلمية والإشراف الدراسي والمالي على المبتعثين والزيارات الميدانية التي تجريها في مواقع الدراسة ولقاءاتها المتعددة بالأساتذة والمشرفين الدراسيين والإداريين بالجامعات؛ فهي تقوم أيضاً بدعم الأنشطة الطلابية داخل الجامعة، ومن خلال الأندية الطلابية السعودية التي يسمح بتأسيسها وفق القواعد والقوانين المسموح بها في الجامعات وتحت مظلتها ويبلغ عددها 223 نادياً وجامعة في نحو 191 مدينة و44 ولاية أمريكية. كما تقوم الملحقية بالإستعانة بمبتعثيها كرموز ثقافية واعية تمثل المملكة وتدعم مشروع تواصلها مع المجتمع الأمريكي وإرساء معالم رسالتها القائمة على تحقيق التفاهم بين الشعوب، عن طريق الإعداد والتنظيم والمشاركة في المعارض والمؤتمرات واللقاءات الدولية التي تنظمها المنظمات والجمعيات الثقافية والتعليمية المهتمة بشؤون التعليم والثقافة في أمريكا.

وتشجع الملحقية مبتعثيها على القيام بدورهم في دعم الدبلوماسية الشعبية التي تقوم على التعريف بالهوية والثقافة واحترام الآخر، ومن هذه المنظمات التي أنشأها طلابنا في هذا الصدد: منظمة "إيد بإيد"، ومنظمة "من أمريكا إلى أمريكا" وتتوليان مهام الأعمال التطوعية التي يقوم بها المبتعثون في المجتمع المحلي وفي مواقع الدراسة والبيئة المحيطة بهم، ومنظمة "بصمات" مبتعث وتتولى مهمة توثيق مختلف الإنجازات التي حققها المبتعثون أثناء فترة ابتعاثهم بالولايات المتحدة الأمريكية، أما منظمة "سعوديون في أميركا" فتتناول أخبار المبتعثين وتتولى تطوير وجمع المعلومات المفيدة عنهم، وأخيراً "الجمعية السعودية للعمارة والتخطيط" التي تُعنى بالعمارة الإسلامية والفن الإسلامي وتوثيق ونشر مشاريع وأبحاث الطلاب والمبتعثين في هذا المجال والترويج له ولأهميته، ويؤدي التوسع في مثل هذه الأنشطة الطلابية إلى تكوين دبلوماسية شعبية قادرة على التعامل مع الرأي العام وتغيير النظرة السلبية والحقائق المغلوطة؛ من خلال الحوار المتبادل البناء.

وتدعم الملحقية الأنشطة الشبابية وتقنياتها وشبكاتها الإلكترونية المختلفة مثل: فيسبوك، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب؛ للتواصل فيما بينهم، فضلاً عن مجلة "المبتعث" التي تصدرها الملحقية منذ أكثر من 40 عاماً.

وتحرص الملحقية على تقدير مبتعثيها وتقييم إنجازاتهم وتقدير الجهد المبذول وتشجيع المنافسة، كما تحرص أيضاً على دمج طلابها ومبتعثيها بالبيئة الأكاديمية والحياة الإجتماعية وأنشطتها الثقافية التي تفرز معنى التواصل والتفاهم وتحقق الغرض منه. وتحرص الملحقية أيضاً على معالجة حالات الإخفاقات الاجتماعية والقانونية التي قد يتعرض لها الطلاب وتؤثر على دراستهم، ويتم تحويل هذه الحالات وفق نوعيتها إلى الجهات المعنية-إن لم تحل داخلياً-كسفارة خادم الحرمين الشريفين، ووزارة التعليم، وغيرهما من الجهات والدوائر الحكومية ذات العلاقة. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الحالات بلغت في العام الماضي نحو 1729 حالة أي بنسبة 1,75%، وهي نسبة قليلة جداً إذا ما قورنت بإجمالي عدد من تشرف عليهم الملحقية وعددهم نحو 98692 مبتعثاً ودارساً ومرافقاً، وتتنوع هذه القضايا فتشمل: قضايا الهجرة، والأسرة، والقضايا الجنائية، والمدنية، والقضايا الصحية، والسلوكية، وقضايا الأمن، والوفيات.

جامعات مميزة

 

  • ما هي الحلول التي تضعها الملحقية لمواجهة تزايد أو تكدس الطلبة السعوديين في جامعة ما؟

يحدث التكدس الطلابي نتيجة لزيادة الإقبال على إلحاق الطلاب بالجامعة وفق التخصصات الموصى بها وتزايد عددهم في هذه التخصصات عن الحد المسموح به في الجامعة، وفي هذه الحالة يتم وضع البرنامج على التكدس ومتابعته عن قرب، فإذا تجاوز البرنامج الحد المسموح به يغلق ولا يستثنى منه أي طالب.

أما إذا لاحظت الملحقية زيادة إقبال الطلاب على جامعة ما دون أسباب جوهرية؛ فيتم إغلاق الجامعة مؤقتاً والتنسيق معها لمعرفة الأسباب، فإن عولجت يتم إعادة الفتح.

  • ما هو دور الملحقية نحو توجيه المبتعثين السعوديين وتشجيعهم للالتحاق بالجامعات المميزة والمرموقة؟

تحرص الملحقية على إلحاق مبتعثيها ومبتعثاتها في أفضل الجامعات الأمريكية وتبذل جهدها في دفع طلابها للدخول في هذه المنافسة الضارية التي تتم بين الطلاب المجدين الأمريكيين ومن مختلف الجنسيات. تستخلص الملحقية خبرتها في هذا المجال من تجربتها في الإلحاق والقبول وسعيها الدائم للحصول لهم على أفضل الفرص الجامعية المتاحة وأجودها في الجامعات الأمريكية. ولذلك فهي تختار الجامعات صاحبة السمعة ذات التاريخ والباع الطويل والتفوق في مجالات العلوم والأبحاث العلمية والأكاديمية والتخصصات وفق تطلعاتنا وسياساتنا التنموية الطموحة. ولذلك أخذت الملحقية على عاتقها أن تكون الجودة سيدة الإختيار وأن تكون الجامعة من أفضل الجامعات.

وهناك معايير يطرحها المختصون في هذا المجال من أهمها التخصص الجامعي، وأن تتسم البيئة بالتنوع الثقافي، والجامعة المعترف بها تاريخياً وأكاديمياً. تلك التي تتسم باستقرار نتائجها سنوياً وتحافظ على ترتيبها في التصنيف وتتنافس به بين الجامعات الأول. كل هذا يوجه الملحقية نحو الجامعة الأفضل ضمن الخيارات المتاحة. ومع ندرة العرض وزيادة الطلب على جامعات القمة تصبح المنافسة في غاية التعقيد، خاصة حينما يكون الرهان القبول بين المتنافسين على جامعات القمة مثل جامعات: "برنستون"، و"هارفارد"، و"شيكاغو"، و"ييل"، و"كولومبيا". وعلى الرغم من أن الفارق ليس كبيراً بين جامعة وأخرى؛ إلا أن الملحقية تسعى دائماً إلى اجتياز طلابها هذه المنافسة بأكبر قدر من المقاعد في هذه الجامعات.

تحديات وسنة إعدادية

  • ما هي أبرز التحديات التي تواجه الملحقية وتتطلع لتجاوزها؟

هناك متغيرات كثيرة ومتلاحقة تتعلق بالإدارة التعليمية ومستجداتها في الخارج، ونحن في القرن الحادي والعشرين ونتعامل مع جامعات ومؤسسات تتطور من تلقاء نفسها وبسرعة وأصبحنا نستخدم وسائلها ونتسارع في اللحاق بها وبمستجداتها وهذا أمر ليس هيناً.

وشتان الفرق بين أن تدير مجموعة من الطلاب في الخمسينيات والستينيات، وبين الآن ونحن نستقبل الآلاف من هؤلاء الطلاب ونشرف عليهم وعلى مرافقيهم، ونتولى رعايتهم صحياً، واجتماعياً، وتعليمياً. وقد أتحنا للمرافق فرصة الدراسة أو تعلم اللغة؛ حتى تعود الأسرة وقد اكتملت تجربتها الثقافية واحتكاكها بالخارج والاستفادة من وجودها فيه. وهذه التحديات هي من صميم الإنجاز، أيضاً فنجاحنا في تبسيط الخدمة والارتقاء بها هو نجاح لهذا التحدي. وما زلنا على هذا الدرب نبذل الجهد لتحسين إدارة العمل والاستفادة من معطيات التكنولوجيا والتقنيات العديدة التي ظهرت لنا.

لكن هناك أموراً أخرى تحتاج إلى وقت وجهد لا تستطيع الملحقية وحدها أن تقوم بها؛ لأنها ناشئة من الصغر؛ أو لأنها من الخطوط والملامح التي لم تعد موجودة الآن في ضوء هذا التطور وما تقتضيه من متغيرات، فنحن في حاجة ماسة إلى إعادة تنمية المهارات عند الطلاب خاصة ما يتعلق بمهارات التفكير النقدي، وإدارة الوقت والموارد، فكل الحسابات التواكلية أصبحت تصب في النهاية ضد مصلحة الطالب وتقف حجر عثرة في سبيل تحقيق المنافسة بينه وبين غيره من الطلاب الذين أدركو أهمية هذه المهارات وإعتادو عليها وعلى استغلالها منذ الصغر.

ولذلك أرى أهمية قصوى في تطبيق البرامج التجسيرية أو برامج الإعداد للطلاب، وهي بمثابة سنة إعدادية قبل بدء الدراسة تحتسب فيه المواد الأكاديمية التي درسوها ضمن مقررات الدراسة، ولقد أثبتت التجربة أهمية هذه السنة في تحقيق النجاح المطلوب للطلاب وإعدادهم ودخولهم في منافسة حقيقية مع نظرائهم من غير السعوديين. خاصة الذين اجتازوا مرحلة اللغة أو أتقنوها. والدراسة والإعداد لهذه السنة مهمين للغاية خاصة حينما يشعر الطالب أنه قد ظلم نفسه في المنافسة والإستيعاب والفهم أمام الطالب الأمريكي ولغته الأم.

هندسة وإدارة

  • ما أهم التخصصات التي يقبل المبتعثون على دراستها بالجامعات الأمريكية؟ وما أبرز هذه الجامعات؟

 تبلغ نسبة المبتعثين والمبتعثات إلى أمريكا في بداية هذا العام 52,57% من جملة من تشرف الملحقية عليهم إجمالاً، وتبلغ نسبة المبتعثات بينهم 25,37%. وهي نسبة كبيرة يحسب فيها الفضل لسياسة الابتعاث السعودي التي تقوم على تشجيع ابتعاث السعوديات والاهتمام بتعليم المرأة بشكل عام. كما تحسب أيضاً للمبتعثات أنفسهن اللاتي أثبتن إقبالاً وجدية وقدرة وإنجازاً في الدراسة فإزدادت أعدادهن عاماً بعد عام.

أما بالنسبة لعدد المبتعثين الذكور في أمريكا فقد بلغ عددهم نحو 38713 مبتعثاً بنسبة 74,61% من مجمل المبتعثين والمبتعثات. ويتضح من متابعة مجالات التخصص أن التخصصات الهندسية تحتل المقدمة بين عدد الدارسين ويبلغ عددهم 15445 مبتعثاً ومبتعثة بنسبة 29,76% يليها في القائمة الأعمال التجارية والإدارية وعددهم 12467 مبتعثاً ومبتعثة بواقع 24,02%. ومن بعدهما تخصص الطب والخدمات الطبية في المرتبة الثالثة ويبلغ عددهم 6110 مبتعثاً ومبتعثة بنسبة 11,77%.

أما فيما يتعلق بإقبال المرأة؛ فيظهر تفوقها على الرجل في عدة تخصصات منها: التمريض، والعلوم التربوية، والاجتماعية، والدراسات السلوكية، والعلوم الفيزيائية، والرياضيات، والإحصاء، والفنون، وحماية البيئة، وعلوم الحياة.

أما عن الجامعات التي يدرسون فيها؛ فتؤكد الدلالات على نجاح الملحقية في تسكين طلابها في أفضل الجامعات الأمريكية رغم شراسة المنافسة وتقيدها بالنسب، حيث بلغ عدد المبتعثين والمبتعثات الدارسين في أفضل مائة جامعة نحو 2628 مبتعثاً ومبتعثة أي بنسبة 5,06% من مجموع المبتعثين. من بينهم 435 مبتعثاً ومبتعثة في أفضل عشرين جامعة وهم يمثلون نسبة 16,55% من مجموع الملتحقين في أفضل مائة جامعة.

إيجابيات وتعثر

  • ما أسباب تعثر بعض المبتعثين؟ وما دور الملحقية في مساعدتهم؟

التعثر يبدأ من اللغة، وهي مشكلة أساسية تتطلب الحل وعليها يتوقف نجاح الطالب. والطالب عليه أن يبذل الجهد في التواصل والتعامل مع المجتمع الذي يعيش فيه والتعايش معه، والانعزال صورة سلبية لا تحقق الهدف من البعثة، وقد يحدث التعثر بعد ذلك بسبب سوء الاختيار سواء في المقررات التي يدرسها أو في صميم التخصص. والطالب المبتعث يدرس في أمريكا ويقيم بها بصفته طالباً يتعين عليه الانتظام في الدراسة، والطالب غير المنتظم يخل بدراسته وإقامته في نفس الوقت، وقد تتخذ ضده إجراءات قد تؤدي في النهاية إلى ترحيله. ولا يمكن استبعاد الإهمال والتقصير من الطالب المتعثر، كما لا يمكن استبعاد الكثير من الظروف التي تتأثر بها الدراسة وتؤدي إلى التعثر كالخلافات الزوجية، والمشكلات والقضايا القانونية التي سبق ذكرها. كلها وغيرها عوامل تعثر تتطلب الحسم الفوري، لكننا نتحدث في نسبة ضئيلة جداً لا تذكر.

  • برأيك، ما أهم جوانب الإفادة التي تقدمها الدراسة بأمريكا للمبتعثين الشباب؟ وما هي الرسالة التي تقدمها للمبتعث كي يحقق أقصى استفادة من سنوات دراسته؟

الخروج من دائرة الحفظ إلى البحث والمراجعة والتدقيق والتعامل مع المجموعات البحثية والمناقشات الجماعية. والاعتقاد الجازم بأن الجامعة قد بنيت لخدمة المجتمع وأن على الطالب أن يدلي بعلمه وبحثه وجهده فيه، وأن هناك تقييماً لهذا الأداء. ولذلك يتطلب من الطالب لتحقيق فلسفة التعليم المستمر المواظبة على الحضور دون انقطاع والمشاركة في الأنشطة الدراسية داخل الفصل الدراسي وأداء واجباته وتسليمها أولاً بأول في التاريخ المحدد، والحرص على أداء الاختبارات التي تقدم باستمرار خلال الفصل الدراسي، ومن جوانب الإفادة أنها تضمن نجاح الطالب وتقدمه المستمر وفي الوقت نفسه رسالة إليه إن عمل بها نجح وإن لم يعمل تعرضت مسيرته الدراسية للتعثر.

  • كيف ترى النشر العلمي للباحثين السعوديين في المجلات العلمية الأمريكية المحكمة؟

من وظيفتنا التشجيع على النشر العلمي، وتكريم وتقدير أعضائه، ودفعهم إلى المشاركة في هذه البحوث والاستمرار فيها حتى بعد عودتهم إلى المملكة، فهذا نوع من التميز نقدره ونسعى إلى إبرازه في وسائلنا الإعلامية والثقافية والتعريف به لدى كافة المؤسسات المختصة. ولنا في ذلك تجارب كثيرة ومنها رعاية المبتعثين من أصحاب الاختراعات والابتكارات والبحوث الفائزة، وتقديم العون لهم في إطار مقدرتنا وإمكانياتنا.

 


15/07/1439
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة