دور القيادات التربوية في إدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة

​​ 

  • ممارسة ومتطلبات إدارة التغيير لدى القيادات النسائية جاءت بدرجة عالية
  • الحوافز، واللوائح، والمعلومات المحدثة، والبرامج التدريبية، والشراكة المجتمعية من أبرز المعوقات

 

​في مجتمع المعرفة الإنسان هو رأس المال بوصفه منتجاً للمعرفة، حيث يتيح له المجتمع فرصة كي يعرف ويتعلم، ويعمل، وهو ما يتحقق من خلال المؤسسات المختلفة بالمجتمع في عالم متغير. ومن هنا يتوجب على هذه المؤسسات أن تتأقلم مع بيئتها المحيطة بها، وتتفاعل معها؛ ولذلك يقع على عاتق مديري تلك المؤسسات تبني منهج إدارة التغيير والتطوير والتحسين المستمر، خاصة في المؤسسات التعليمية والتربوية. وانطلاقاً من الجهود التنموية لقيادتنا الرشيدة، من خلال إطلاق مشروع التطوير والتعليم عام 1430هـ، ومنها مشروع تطوير القيادات التربوية، وما لذلك المشروع من أهمية بالغة في تطوير وتحسين التعليم؛ تتضح أهمية هذه الدراسة الميدانية بعنوان: "دور القيادات التربوية في إدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة: دراسة ميدانية على القيادات النسائية في وزارة التعليم"، والتي أجرتها كل من: أ.جواهر بنت صالح الشثري، وأ.نجوى بنت محمد الفارس، وأ.عزة بنت علي الشهري، ونستعرضها معكم في هذا العدد.

التعليم والتغيير

تؤكد الباحثات في مستهل دراستهن على أن إدارة التغيير ليست عملية سهلة، وإنما هي عملية متشابكة ومتداخلة في عناصرها ومكوناتها، وتتسم بالإبداع والابتكار في ممارستها، ويعتمد نجاحها بالدرجة الأولى على العنصر البشري، الذي يتمثل في جانبين رئيسين هما: حماس قيادة التغيير من جهة، والتزام المتأثرين بالتغيير من جهة أخرى. وفي هذا الصدد تلفتن إلى ما أوصى به المؤتمر التربوي الذي عقد بالقاهرة عام 1995م بعنوان: "إدارة التغيير في التربية وإدارته في الوطن العربي" أن تتبنى البلاد العربية فلسفة التغيير في نظمها التربوية لمواجهه التحديات المستقبلية، وأن تتحول أجهزة التعليم فيها إلى أدوات لإحداث التغيير على أن تتوفر له إدارة واعية تعمل على تهيئة المناخ التربوي لتقبل التغيير ودعمه، وتشير الدراسة إلى ما توصل "كوشرين Cochran" إليه فيما يتعلق بأهمية وجود القيادة المؤثرة التي تؤدي إلى التغيير؛ مما أظهر الحاجة الماسة لمعرفة دور القيادات التربوية في إدارة التغيير، وهو ما يمكن إبرازه في السؤال التالي: ما دور القيادات التربوية في إدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة؟ والذي تسعى هذه الدراسة للإجابة عليه.

وتتحدد أهمية هذه الدراسة من ناحيتين: أولاهما العلمية؛ حيث تعد ممارسة إدارة التغيير للقيادات التربوية من التوجهات الإدارية الحديثة التي تطالب بتوجيه سلوك القادة الإداريين التربويين لمواكبة الثورة العلمية والتكنولوجية، والتطلعات المستقبلية في ميدان التعليم، التي تعمل على تحقيق التنمية والتقدم بكسر الجمود، في ضوء حاجات ومتطلبات مجتمع المعرفة، بالإضافة إلى قلة الأبحاث والدراسات في هذا المجال. وثانيتهما الناحية العملية؛ إذ تطمح الباحثات أن تسهم نتائج الدراسة في إيجاد إطار مرجعي يكشف عن المحددات السلوكية والممارسات التنظيمية اللازمة للقيادات التربوية لإدارة التغيير في المؤسسات التربوية، التي يمكن أن يستفيد منها المسؤولين الإداريين التربويين ومتخذو القرار التربوي في وضع الخطط اللازمة للتغيير والتطوير، والاستفادة منها في مجال التعليم بصفة عامة، بما ينعكس إيجابيا على مستوى الخدمات المقدمة للطلبة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام، وأن تقدم الدراسة صورة واضحة عن معوقات تطبيق إدارة التغيير لدى القيادات التربوية النسائية في وزارة التعليم، وكذلك المساعدة في توجيه البحوث المستقبلية لعمل أبحاث ودراسات في هذا المجال المهم والحيوي.

متطلبات ومعوقات

وقد توصلت الدراسة للعديد من النتائج المهمة، والتي يمكن أن نوجزها في أن درجة ممارسة إدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة لدى القيادات النسائية في وزارة التعليم جاءت بدرجة عالية؛ فقد وافقت مفردات عينة الدراسة على المشاركة الإعلامية عبر قنوات الإعلام المختلفة، بالإضافة لمعارض التعليم، وتشجيع العاملين على إيجاد حلول ابتكارية لتطوير إجراءات العمل، وعقد اجتماعات دورية بين كافة المعنيين من قيادات وعاملين للتعريف بالبرامج التطويرية للوزارة، وإفادة العاملين في الوزارة بالمستجدات الحديثة عبر قنوات الاتصال المختلفة، وحفظ وتخزين البيانات عبر وسائط التخزين المختلفة لإمكانية استدعائها بأسرع وقت وأقل جهد. وأوضحت النتائج أيضاً أن درجة توفر متطلبات إدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة لديهن جاءت بدرجة عالية؛ إذ أبدين موافقتهن على توفير التجهيزات اللازمة، وتطوير اللوائح التنظيمية وتحديثها على نحو يسمح للوزارة بالاستجابة السريعة للمستجدات الحديثة، وتقديم دورات تدريبية لإكساب العاملين بالوزارة مهارات تطويرية، والالتزام بتوافر معايير ومواصفات الجودة الشاملة في البرامج التطويرية المستحدثة في الوزارة، وإعادة هيكلة الوزارة على نحو يسمح بإحداث التغيير المأمول.

كذلك أشارت نتائجها إلى أن المعوقات التي تحول دون ممارسة القيادات التربوية لإدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة تبرز في الآتي: قصور في نظام الحوافز والمكافآت المقدّمة للعاملين المتميزين في الوزارة، وجمود السياسات واللوائح المنظمة للعمليات الإدارية في الوزارة وعدم مرونتها بالشكل الكافي لإحداث التغيير والتحسين، وافتقار الوزارة لقاعدة معلومات محدّثة، لتسهيل عملية تبادل المعلومات بين الإدارات والأقسام المختلفة، والقصور في تقديم البرامج التدريبية اللازمة لتأهيل العاملين وإكسابهم المهارات التطويرية اللازمة لإحداث التغيير، وضعف دور برامج الشراكة المجتمعية بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المختلفة. وأسفرت باقي النتائج عن أن كلًا من: المؤهل التعليمي، وسنوات الخبرة كقيادة لديهن، والدورات التدريبية التي حصلن عليها لم تكن مؤثرة في درجة ممارسة القيادات التربوية لإدارة التغيير في ضوء مجتمع المعرفة، ومتطلبات تفعيل إدارة التغيير، والمعوقات التي تحول دون ممارستهن إدارة التغيير.

وفي ضوء تلك النتائج؛ توصي الدراسة بالآتي: تعديل نظام الحوافز والمكافآت المقدمة للعاملين المتميزين في الوزارة، والحرص على عدم جمود السياسات واللوائح المنظمة للعمليات الإدارية في الوزارة، ومرونتها بالشكل الكافي لإحداث التغيير والتحسين، وتفعيل برامج الشراكة المجتمعية بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المختلفة، وإلحاق العاملين بالبرامج والدورات التدريبية لتأهيلهم وإكسابهم المهارات التطويرية اللازمة لإحداث التغيير، وامتلاك الوزارة لقاعدة معلومات محدثة، تسهّل عملية تبادل المعلومات بين الإدارات والأقسام المختلفة.​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة