اهتمت الأجهزة الحكومية بتفعيلها والاستفادة من إمكاناتها الكبيرة "الحسابات الحكومية على تويتر"..خدمة عملاء إلكترونية مميزة وفعّالة

د.عبيد العبدلي: القطاع الحكومي ينافس القطاع الخاص في التسويق وخدمة العملاء

عبدالرحمن الحسين: وزارة التجارة والاستثمار توفر أعلى معايير التدريب لموظفي خدمة العملاء ليؤدوا عملهم باحترافية

سليمان العنزي: المملكة أكبر دولة منفقة بمجال تقنية المعلومات في الشرق الأوسط، وتحسين العملية الإنتاجية والكفاءة التشغيلية للأجهزة الحكومية أبز النتائج

عامر الغامدي: "تويتر" يضمن تقديم خدمة عملاء مميزة من جانب الأجهزة الحكومية في المملكة

 أحمد الخميس: كثير من المنصات الرسمية لا تجيب عن الاستفسارات والأسئلة وتكتفي بإجابات موحدة ومكررة

 عبدالرحمن المقوشي: جميع تجاربي مع الأجهزة الحكومية إيجابية وتؤكد على أننا وصلنا لمرحلة عالية من الحوكمة الإلكترونية

 على الوادعي: التجاوب مع الجمهور وتوصيل كافة الرسائل لهم يعزز الشفافية في الأجهزة الحكومية


 

اهتمت الأجهزة الحكومية في الفترة الأخيرة بالنشاط الإعلامي، ففي ظل التطور التكنولوجي الكبير وثورة الاتصالات والمعلومات، وتوفر العديد من الأدوات والوسائل الاتصالية المستحدثة، أُتيحت للأجهزة الحكومية بدائل عديدة لأداء الأنشطة الإعلامية والتسويقية وخدمة عملاءها من المستفيدين والمراجعين، وكان على رأس هذه الوسائل والتقنيات الاتصالية شبكات التواصل الاجتماعي، وتحديداً "تويتر" بما لها من شعبية ومتابعة كبيرة داخل المملكة؛ ولهذا وجدنا الكثير من المستفيدين من الجمهور يتعاملون مباشرة مع حسابات الأجهزة الحكومية لمتابعة أخبار الخدمات المقدمة ومعرفة كل جديد والاستفسار عن الكثير من الخدمات. وقد كان هناك اهتمام موازٍ من هذه الأجهزة، حيث أتاحت حساباتها لخدمة المستفيدين والعملاء، وقامت بتعيين متحدثين رسميين للرد على الاستفسارات وليكونوا صوت المؤسسة الرسمي أمام الجمهور ووسائل الإعلام. في هذا التحقيق نناقش مدى جودة خدمة العملاء عبر هذه الوسائل الحديثة ومدى تعاون وتجاوب الأجهزة الحكومية مع عملاءها.

رضا المستفيدين

في البداية يقول د.عبيد بن سعد العبدلي عضو مجلس الشورى: نرى حراكاً كبيراً في الفترة الأخيرة في القطاع الحكومي، وتوجهاً لتبني مفهوم التسويق الصحيح داخل هذا القطاع؛ وهذا يدل على أن هناك رغبة في تطوير خدمات المؤسسات الحكومية وتقديم خدمة متميزة ترضي عملاء القطاع الحكومي الذي بدأ ينافس القطاع الخاص فيما يتعلق بالتسويق وتقديم خدمات أفضل تواءم تطلعات المستفيدين منها، ولدينا أمثلة كثيرة جداً على ذلك.

ويمكن القول بأن إيمان القائمين على التسويق بالقطاع الحكومي بأهمية وضرورة التسويق أدى إلى إنشاء مراكز اتصال تسويقي ومراكز أبحاث تسويقية، وهذا توجه محمود ويتواكب مع رؤية 2030م. فالخطاب الحكومي لابد أن يتغير مع تغير وعي المواطنين، ومع رؤية المملكة 2030م، ولدى كل وزارة وإدارة حكومية مسؤوليات لابد عليها أن تتواصل جيداً مع المستفيدين من هذه الخدمات.

إن أية منظمة تريد أن تنجح في المجتمع السعودي، يجب عليها أن تهتم بخدمة العملاء، والوسائل كثيرة في هذا الشأن. فعليها أن تعرف الكثير عن رضا المستفيدين، وأن تستمع لهم وتتواصل معهم وتحل مشاكلهم. وعلى المؤسسات أن تدرك أن خدمة العملاء ليست مجرد أن يكون لدى العميل أو المستفيد مشكلة مع المؤسسة فيتم التواصل معه بشأنها؛ فخدمة العملاء أعم وأشمل من هذا بكثير.

وأرى أن أغلبية مؤسساتنا السعودية بدأت تهتم بخدمة عملاءها؛ لأن المنافسة شديدة، ووعي المستهلكين كبير. كما نشطت بقوة المطالبات بحماية حقوق المستهلكين، وتسعى المؤسسات السعودية إلى إرضاء عملاءها حتى يظلوا على علاقة قوية بها.

تقنيات إلكترونية

من جانبه، يشير المتحدث الرسمي لوزارة التجارة والاستثمار عبدالرحمن الحسين إلى أن مركز خدمة العملاء بالوزارة يطبق مفهوم الموظف الشامل ضمن بيئة عمل جديدة ومتطورة تعتمد على التقنيات الإلكترونية الحديثة التي تسهٍل الإجراءات وتختصر الوقت على العملاء، وتسهم في تقديم خدمة نوعية لهم، كما يخصص المركز منطقة متطورة للخدمة الذاتية توفر للعميل الحصول على الخدمة التي يريدها آلياً، بالإضافة إلى وجود مسارات ومجموعات محددة لكل خدمة، ما يمكن العميل من الحصول على الخدمة التي يبحث عنها بكل يسر وسهولة.

ويضيف الحسين: تعد معرفة الموظف التامة للخدمة التي يطلبها العميل والأمور التي يجب القيام بها للحصول على الخدمة بيسر وسهولة من أهم المهارات التي يجب توافرها في موظف خدمة العملاء، ولذلك تحرص الوزارة على توفير أعلى معايير التدريب لموظفي خدمة العمل ليتمكنوا من القيام بعملهم باحترافية.

ويؤكد الحسين أن المركز يولي كذلك اهتماماً كبيراً بالعناية بالعملاء؛ لضمان تقديم خدمة مميزة للمستفيدين، من خلال تطوير أدوات لقياس مستوى رضا المستفيدين، حيث يقوم المركز وبشكل دوري بقياس رضا المستفيدين عن خدماته سعياً لتحسينها، وكذلك لمعرفة السلبيات والعمل على تلافيها. كما وضعت الوزارة مؤشرات لقياس الأداء، يتم من خلالها قياس الأداء الفعلي لمراكز خدمة العملاء بناءً على معايير علمية؛ بهدف الوصول لتقديم أفضل خدمة ممكنة للمستفيدين من خدمات وزارة التجارة والاستثمار. 

خدمة مميزة

وقد تواصلنا مع بعض المواطنين ممن يتعاملون مع الخدمات الإلكترونية للأجهزة الحكومية لمعرفة آرائهم في مستوى تجاوب هذه الأجهزة مع عملاءها، حيث يرى عامر بن محمد الغامدي أن موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هو منصة إعلامية يمكن من خلاله إبراز دور المنشأة وتقديم خدمات استفسارات العملاء والمستفيدين من خلالها-فعلى سبيل المثال-دور الاتصال المؤسسي في الهيئة العامة للجمارك فعّال في هذا الجانب، من خلال الرد على استفسارات العملاء والمستفيدين وإبراز جهود الجمارك في مجال الأمن ومكافحة التهريب الجمركي والغش التجاري والتقليد. ويضيف الغامدي: "إن تفعيل موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" للمنشآت الحكومية يضمن تقديم خدمة مميزة للعملاء والمستفيدين، والرد على استفساراتهم، وإرشادهم بشكل عاجل بشأن جميع العوائق التي قد تواجههم".

استفسارات وأسئلة

ويرى أحمد محمد الخميس أن معظم الأجهزة الحكومية والهيئات تسعى لمواكبة التطور التكنولوجي السريع الحاصل في مجتمعنا السعودي، وتسعى تلك الجهات لإبراز تطورها وحداثتها بإيجاد وسائل للتواصل وتقديم الخدمات الإلكترونية لأفراد المجتمع عبر المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي مثل: "تويتر" و"فيس بوك"، وغيرهما.

ويضيف الخميس: "إلا أن كثيراً من الجهات الحكومية تفتقر لتفعيل هذه الميزة لجعلها ذات فائدة أكبر للمتعامل معها؛ حيث إن أغلب منصات التواصل تفتقر للإجابة عن الكم الكبير من الاستفسارات والأسئلة التي توجه لهم عبرها وتكتفي أغلب تلك الأجهزة الحكومية بإجابات موحدة أشبه بالمكررة تتمحور حول ما نقوله نحن بالعامية (راجعنا ويصير خير)". ويتابع الخميس: "إذن ما الفائدة من وجود حسابات لتلك الجهات في منصات (للتواصل) الاجتماعي دون أن نحظى بإجابات مفيدة تغنينا عن العناء من مراجعة الجهة نفسها".

سرعة الاستجابة

وعلى صعيد آخر، يقول عبد الرحمن عبد الله المقوشي: "أعتقد أن الجهات الحكومية في المملكة العربية السعودية بدأت بمنافسة بعضها في سرعة الاستجابة، فالمتابع سيرى أن هذا التطور كان تصاعديًا وقد بدأ منذ سنوات ماضية، حتى وصلنا إلى مرحلة عالية المستوى من ناحية دقة المعلومة وسرعة الاستجابة. وكانت جميع تجاربي التواصلية مع الأجهزة الحكومية إيجابية، وأدركت بعد عدة تجارب أننا قد وصلنا الى مرحلة عالية من اتقان الحوكمة الإلكترونية.

تعزيز الشفافية

ويشير علي أحمد الوادعي إلى أن هناك تجاوباً وخاصة في السنوات الأخيرة؛ إذ زاد اهتمام تلك الجهات بالشأن الإعلامي بشكل عام وخاصة عبر "تويتر" من خلال سرعة الرد والاستجابة وإدراك الدور المهم لخدمة العميل وتعزيزها بشكل أكثر فاعلية؛ بهدف التواصل المستمر مع العملاء بمختلف فئاتهم.

ويضيف الوادعي: "أرى أنهم يحاولون التجاوب مع الجمهور وإيصال كافة الرسائل بالطرق البسيطة والواضحة التي تسهم في تحقيق أهدافهم تماشياً مع برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، وذلك بتعزيز الشفافية في جميع القطاعات الحكومية.

برامج وطنية

من جانبه، يقول سليمان بن عبيد العنزي عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة العامة: "مع بداية الألفية الثالثة بدأت المملكة خطوات نوعية في مجال الحكومة الإلكترونية؛ بهدف تحويل الإجراءات والمعاملات الحكومية إلى صيغة إلكترونية وتسهيل حصول المواطن والمقيم على الخدمات الحكومية إلكترونياً، مما أسهم في توفير الوقت المهدر في الانتظار للحصول على بعض الخدمات الحكومية".

ويضيف العنزي: "وبينما شكًل ذلك تحولاً في منظومة خدمة العملاء من الأساليب التقليدية إلى الأساليب الحديثة؛ تباينت الوزارات والهيئات الحكومية في تقديم خدماتها الإلكترونية، وإن توفرت بعض أكثر التطبيقات أهمية وفعالية وتلك التي يحتاجها المواطن في الجهات الحكومية. ويبرز هنا تطبيق "أبشر" من وزارة الداخلية والذي أصبح جزءاً رئيسياً في تعاملات المواطن والمقيم. كما وفرت وزارة التعليم العديد من الخدمات والتطبيقات الإليكترونية؛ مثل خدمات نظام "نور" الذي يقدم خدماته للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور لمتابعة أبناءهم، وخدمات أخرى متعددة. وبرزت وزارة التجارة والاستثمار في مجال التطبيقات الإليكترونية؛ مثل تطبيق تقديم البلاغات عن المخالفات التجارية أو تطبيق فتح السجلات التجارية. كذلك تعتبر تجربة تقديم خدمة التقديم الموحد رائدة في توحيد منصة التسجيل والقبول للعديد من الجامعات السعودية على الصعيد الوطني، ولا ننسى التطور في تقديم الخدمات إلكترونياً في وزارة العدل كمثال في هذا السياق".

ويتابع: "ومع إعلان المملكة العربية السعودية رؤيتها 2030؛ تسارعت الجهود الحكومية للعمل في إطار خطة تحقيق الرؤية، وساعد تحديد مؤشرات للأداء الحكومي KPI's على التقدم باتجاه تحقيق الأهداف الإستراتيجية. إن هدفاً مثل "رفع فاعلية أداء الحكومة وكفاءتها، وتحسين وضع المملكة العربية السعودية في مؤشر فاعلية الحكومة الصادر عن البنك الدولي"؛ يعني التقدم أكثر من 50 مرتبة للوصول للمرتبة رقم 20 على الأقل؛ مما يجعل من تقنية المعلومات وخدمة العملاء إلكترونياً عاملاً رئيسيًا في إنجاز البرامج الوطنية الواردة في الرؤية؛ مثل برنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي على سبيل المثال. كما تتضمن رؤية 2030 "العمل على نشر الخدمات المشتركة عبر المؤسسات الحكومية" أي تقديم الخدمات المشتركة القائمة على فكرة وحدة أعمال متخصصة تركز على تقديم مجموعة خدمات شفافة لمجموعة مستخدمين منتقاة بدقة متناهية. كل ذلك سيؤدي إلى تحسين مؤشرات خدمة العملاء بشكل عام".

ومن دوافع الأمل بتحقيق الأهداف-والحديث لا يزال للعنزي-كون المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة منفقة بمجال تقنية المعلومات والاتصالات على مستوى الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق ليصل إلى 150 مليار ريال هذا العام 2019م، كما أن استخدام تقنية المعلومات والاتصالات من قِبل الأفراد والمؤسسات في القطاعين الحكومي والخاص ارتفع بشكل سريع وملحوظ في السنوات الأخيرة؛ مما سيؤدي إلى تحسين العملية الإنتاجية والكفاءة التشغيلية للأجهزة الحكومية.

وللحصول على خدمة فعالة للعملاء-يوضح سليمان العنزي-أنه لا بد من توسيع تغطية خدمات الحكومة الإلكترونية والخدمات العامة مع تعزيز الكفاءة والفعالية في تقديمها وكذلك تسهيل وصول المواطنين إلى التقنيات الحديثة، من خلال شبكة حديثة للألياف الضوئية وتوفير اتصال فائق السرعة بالإنترنت على أوسع نطاق ممكن من التغطية، وكذلك توفير إجراءات لحماية المستخدمين وضمان حصول الأفراد على الخدمات التي يستحقونها وتعزيز قوانين حماية البيانات، وقوانين حماية الملكية الفكرية والإجراءات القضائية، وقوانين مكافحة الاحتكار ومكافحة الفساد؛ مما يزيد في ثقة المستخدمين لخدمات تقنية المعلومات والاتصالات. ولا ننسى دور النظام التعليمي في تنمية قاعدة مهارات تقنية المعلومات والاتصالات الحالية، من خلال استحداث الجامعات السعودية مسارات جديدة في مجالات الاتصال التسويقي والإعلان الرقمي والصحافة الإليكترونية.

ولتتواكب خدمة العملاء مع هذا الحراك الوطني؛ يرى العنزي أنه لا بد من إعادة النظر في أساليب تقديم الخدمات واختيار العاملين في خدمة العملاء، فبعض القيادات الإدارية –كما يبدو-تتعامل مع إدارات خدمة العملاء كما كانت تتعامل مع إدارات العلاقات العامة غير مدركة أهميتها، فلا تهتم باختيار الموظفين الأكثر كفاءة للعمل فيها، بل قد تصبح خدمة العملاء مآلاً للموظفين ذوي الأداء الضعيف. كما يجدر بالقيادات معرفة أن دور العاملين بخدمة العملاء لا يقتصر على مقابلة العملاء أو الرد على الهاتف، ولكن يقومون بعدد كبير من المهام والمسئوليات؛ مثل تزويد العميل بكافة المعلومات التي يحتاج إليها، والرد على جميع أسئلته واستفساراته، والتفاعل معه بشكل إيجابي، وحل مشكلته بنجاح مما يضمن رضاء العميل، وذلك ما يسهم في تحسين سمعة المنظمة، ويوضح تميزها في تقديم الخدمة.

ويشير سليمان العنزي إلى أنه يتوجب على الجهات الحكومية توعية عملاءها وتقديم المعرفة المعلوماتية اللازمة لتسهيل حصولهم على الخدمات المطلوبة، بحيث لا تكتفي بتوفير الإجابات الجاهزة –ربما المحنطة أحياناً-لبعض الأسئلة المختارة على الموقع أو التطبيق الإليكتروني، بل لابد لها من التفاعل الحقيقي والكامل مع العملاء كما لو أن عملية التواصل تتم وجهاً لوجه. إن إعطاء المواطنين الفرص للمشاركة وإيصال أفكارهم والاطلاع على التقييم وإبداء الرأي؛ سيؤدي إلى تطوير الخدمات الحكومية وتحسين خدمة العملاء بشكل عام.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة