التفويض وتنمية مهارات الموظفين

​يعد المورد البشري أحد أهم روافد نجاح العملية الإدارية في المؤسسات والداعم لتحقيق الفاعلية التنظيمية؛ من خلال إدارته للمواد المادية والبشرية والأجهزة والمعدات لتحقيق الأهداف ومقابلة تطلعات ورغبات المستفيدين ومحاولته لأدراك البيئة ومتغيراتها والتوائم معها بقدر الإمكان، ولعل  ذلك لن  يتأتى  إلا  من  خلال  رؤية  وإدراك  واضح  لأهمية المورد البشري  وتنمية  مهاراته؛  من خلال سلوك قيادي  واشرافي  فعال  يتسم  بالمرونة  والتمكين والتفويض؛ إذ يعد التفويض أحد المجالات التي  يستطيع  من خلالها قادة المؤسسات  تنميه  مهارات وقدرات  منسوبيهم، واكتشاف الصفات الإبداعية والقيادية وبناء قادة الصف الثاني في المؤسسات؛ من خلال إعطاء المرؤوسين الحق في  ممارسة  سلطات الرئيس مع تحمل المسؤولية.

ويحقق التفويض مجموعة من المزايا التي تسهم في تنمية مهارات ومقدرات الموظفين في المؤسسة؛ من خلال تنميته العديد من المهارات لديه، وهي: المهارات الاجتماعية وهي القدرة على التعامل مع الآخرين بمرونة وإيجابية. فمن خلال المشاركة والإنصات والتواصل الفعال وإدراك التمايز في قيم وعادات وتوجهات الآخرين؛ تتفتح مداركه حول أساليب جديدة في تعامله مع الآخرين؛ إذ أن نجاحه لا يتحقق إلا من خلال نجاحه في التعامل مع الآخرين وإستخدامه أساليب الذكاء العاطفي والاجتماعي في بيئة ومحيط العمل؛ وبالتالي فإن التفويض يقتضي ضرورة تنمية المهارة الاجتماعية لديه. كذلك فإن المهارة التحليلية تُمكنه من تفهم طبيعة المشكلات وإيجاد الحلول الإبداعية لها. فالتفويض يقتضي المرونة والتكيف مع الأحوال الظرفية للعمل؛ فقد يجد المُفوض نفسه في موقف غير إعتيادي  يتطلب قراراً غير  روتيني خلال فترة  زمنية  وجيزة؛ وبالتالي  فإن توفر قدر  من المرونة  في التصرف  واتخاذ القرار المناسب  يجعل الشخص  أمام  مجموعة من المواقف  بدءاً  من قبول التحدي  وتوسيع الإدراك لاستيعاب  مضامين  ومعطيات الموقف الحالي واستدراك المشكلة وجمع البيانات والمعلومات ذات الصلة بالمشكلة أو الموقف وتحليها؛ وصولاً لمجموعة من البدائل والخيارات، وإعمال العقل الفكر لاختيار البديل الأمثل  بما يساعد  في  التعامل  مع الموقف بإيجابية.

وفيما يتعلق بالمهارة التقنية؛ فهي ذلك النوع من المهارات التي تُمكٍن الموظف من إنجاز مهامه؛ من خلال أساليب فنية أو نظامية محددة، وبما أن المفوض قد وٌجِد في موقف يحتم عليه ضرورة التوائم مع الصلاحيات والسلطات التي فُوِضت إليه بأساليبها الإجرائية والفنية؛ فإن ذلك يكون بمثابة التحدي لتنمية مهاراته التقنية. وبالنسبة للمهارة التنظيمية فتُعني بترتيب الموارد والمسؤوليات وقنوات الاتصال. فعندما يُنقل لشخص ما تكليف وصلاحية لتنفيذ عمل محدد فإن ذلك يعنى بالضرورة تحمل المسؤولية اللازمة لإنجاز هذه المهمة. ومن هنا فإن الموقف يحتم عليه ضرورة ممارسة التخطيط التكتيكي، وتقسيم الأدوار، وتحديد التوقيتات الزمنية اللازمة لإنجاز المهمة وترتيب الأولويات، وتحقيق فاعلية الاتصال، وممارسة أساليب التشجيع والتحفيز للزملاء والمرؤوسين. أما المهارة الشخصية فهي تلك المهارات التي تتعلق بسلوكيات وأخلاقيات الموظف في مكان عمله. فالتفويض يعني ثقة المُفوٍض في المُفوًض له؛ وبالتالي لابد من احترام هذه الثقة من خلال التحلي بالنزاهة والأمانة واحترام الوقت والآخرين والتفاني ونكران الذات؛ وبالتالي فإن المفوًض له يعمد إلى التحلي بالسلوكيات التي تعكس أهليته لتحمل التفويض؛ وبالتالي يكتسب هذه المهارات الشخصية. فمن خلال ما تقدم يمثل التفويض أحد العوامل التي تنمي مهارات ومقدرات الموظفين.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة