التفرقة بين التوقيع والتصديق والانضمام للمعاهدات الدولية

​​عندما يتم إصدار اتفاقية دولية يتم إبلاغ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بنصوص هذه الاتفاقية، وكل دولة حرة في أن تقبل تلك الاتفاقية أو ترفضها. وغالباً ما تُمنح الدول فترة زمنية معينة للتوقيع على تلك الاتفاقية، فإذا قامت الدولة بالتوقيع عليها؛ فإن ذلك يكشف عن رغبتها في الانضمام لتلك الاتفاقية مستقبلا.

فالتوقيع إذن هو خطوة تمهيدية كي تصبح الدولة طرفاً في الاتفاقية أو المعاهدة، وهذا التوقيع لا يرتب أية التزامات قانونية على الدولة الموقعة، وإنما يكون لتأكيد عزمها على اتخاذ ما يلزم من خطوات للالتزام بالمعاهدة أو الاتفاقية في تاريخ لاحق. وبحسب تعبير الفقه الفرنسي هو التزام أدبي (une obligation morale)  بألا تسلك الدولة أفعالاً تخالف موضوع الاتفاقية وأهدافها.

التصديق: ولكي تصبح الدولة ملزمة بالاتفاقية؛ يجب أن تقوم بالتصديق عليها، علماً بأنه لا يوجد وقت محدد يجب على الدولة أن تقوم بالتصديق فيه على المعاهدة أو الاتفاقية التي وقعت عليها. وعلى ذلك، فالتصديق هو فعل بموجبه تعلن الدولة عن قبولها الالتزام بالمعاهدة، وذلك بإيداع صك تصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة. وهكذا فالتصديق إجراء يكون مسبوقاً دائماً بالتوقيع على المعاهدة، وبمقتضاه تصبح الدولة مسؤولة عن تنفيذ الالتزامات القانونية المنصوص عليها في الاتفاقية أو في البروتوكول الاختياري.

الانضمام: ويوجد إلى جانب التصديق إجراء آخر له نفس القوة الملزمة للتصديق، أي يجعل الدولة مُلزمة بالمعاهدة أو الاتفاقية وهو الانضمام. فالأخير هو قبول الدولة بالالتزام بالمعاهدة دون أن تكون قد وقعت عليها، وذلك عن طريق إيداع صك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة. وعلى ذلك فالانضمام له الأثر القانوني نفسه الذي للتصديق، ويكمن الفرق بينهما في وجوب التوقيع قبل التصديق لإنشاء الالتزام القانوني، بينما الانضمام يتطلب خطوة واحدة فقط وهي إيداع صك الانضمام. وعادة ما يستخدم الانضمام من جانب الدول التي ترغب بقبول الالتزام بمعاهدة ما بعد انقضاء الموعد النهائي للتوقيع عليها، مع الإشارة إلى أن الكثير من المعاهدات متعددة الأطراف تنص على الانضمام حتى عندما يظل باب التوقيع على المعاهدة مفتوحاً.

وتلجأ بعض الدول إلى اتخاذ عملية الموافقة المحلية قبل التوقيع على المعاهدة، وتنضم إليها حال الانتهاء من الإجراءات. وعلى أي حال فسواء كان الإجراء هو المصادقة أو الانضمام، فإن للسلطات المعنية في كل بلد، كالبرلمان أو الكونجرس أو مجلس النواب أو مجلس الشورى، أو مجلس الوزراء أو مجموعة من هؤلاء اتخاذ الإجراءات التي ينص عليها الدستور أو النظام الأساسي للحكم لاتخاذ القرار الرسمي بالانضمام إلى المعاهدة؛ في ضوء ما إذا كانت قوانينها الوطنية تتوافق مع نصوص المعاهدة أم لا، والنظر في الوسائل المناسبة التي تعزز الالتزام ببنود المعاهدة، حتى يتم صياغة صك التصديق أو الانضمام كوثيقة رسمية موقعة من الجهات المسؤولة في الدولة ومختومة، وتودع لدى الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك.

ويبدأ نفاذ الاتفاقية باكتمال النصاب القانوني لعدد الدول المصدقة على الاتفاقية، وهو أمر نسبى يختلف من اتفاقية لأخرى، فمثلاً النظام الأساسي للمحكمة الجنائية 1998م يشترط تصديق 60 دولة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م يشترط تصديق 35 دولة، واتفاقية حقوق الطفل يشترط تصديق 20 دولة، وغيرها.

وفي ضوء ما سبق؛ فقد صدر عن مجلس الوزراء بالمملكة القرار رقم 287 وتاريخ 14 / 8/ 1431هـ بشأن إجراءات عقد الاتفاقيات الدولية متضمنا 15 مادة تغطي الجوانب المختلفة لمسألة التوقيع والتصديق والانضمام للاتفاقيات الدولية.​​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة