التدريب عن بُعد بوابة عصرية للتوظيف

​​

يتميز العصر الحالي بالتغير المستمر والتطور السريع في كافة جوانب الحياة؛ نتيجة التدفق المعرفي والاكتشافات الحديثة المتلاحقة والتقنية المتقدمة. فلم يشهد أي عصرٍ من العصور الماضية تطوراً متسارعاً في مجالات تقنية المعلومات والاتصالات واستخداماتها في الحياة من حولنا كما نشهده اليوم من تطورٍ مذهل؛ بل وأحدثت هذه التطورات الهائلة نقلة نوعية في ميدان التدريب والتوظيف حتى بات من الضروري إعادة النظر في نظم التدريب وتطويره ليكون عصرياً، وبما يلبي المتطلبات العصرية للتوظيف؛ لذا فالهيئات والمؤسسات في الوطن العربي ليس أمامها الآن سوى مسايرة هذا التطور والمضي على وتيرته إن أرادت اللحاق بالدول المتقدمة.

وقد استطاع التدريب بوصفه علماً-بدأت تظهر نظرياته المختصة به-يُشكٍل نقلة نوعية في التنمية الإدارية للأفراد والجهات المهتمة بالموارد البشرية، ومن الجدير بالذكر أن التدريب ينقسم من حيث التنفيذ إلى قسمين رئيسين هما: التدريب قبل الخدمة (قبل التوظيف)، والتدريب أثناء الخدمة، كما يُصنف من حيث التطبيق إلى قسمين أيضاً هما: التدريب النظري، والتدريب العملي. وقد أصبح التدريب ضرورةً ملحة سواء قبل التوظيف أو للتطوير المهني وهو ما تسعى إليه هيئات ومؤسسات المملكة. وبالإمعان في أساليب التدريب الحديثة، نجد ضالتنا في التدريب عن بُعد الذي يعد أسلوباً تدريبياً يعتمد على استخدام وسائل الاتصال والتقنيات الإلكترونية بأشكالها المتنوعة؛ لإيصال المعلومات والمهارات والاتجاهات للمتدربين بشكل متزامن أو غير متزامن، وبأقل جهد، وأكثر كفاءة وجودة.

وتُعد الفترة التدريبية قبل التوظيف من أهم الخطوات التي يجب أن يتخذها الباحث عن عمل؛ وذلك للاطلاع على آليات العمل في سوق العمل واكتساب المهارات المختلفة، بالإضافة إلى تطوير الذات لرفع مستوى الكفاءة بالعمل؛ ليصبح الشخص قادرا على العمل بشكل راقٍ عند التوظيف وأداء العمل بصورة إيجابية. فالتدريب يأتي استكمالاً لما تمت دراسته في المرحلة الجامعية، ويستطيع المتدرب من خلال التدريب الاطلاع على رسالة المؤسسة ورؤيتها والتعرف على أهدافها وسياساتها وخدماتها، وتوثيق العلاقة مع المسؤولين والموظفين بالمؤسسة، ومن خلال التدريب يشارك المتدرب الموظفين أعمالهم ومهامهم المختلفة لفترة معينة، ومن ثم يبدأ بالعمل بنفسه تحت إشراف المسؤولين.

ويمتاز التدريب عن بُعد بتجاوز قيود المكان والزمان، ومراعاة الفروق الفردية بين المتدربين، وإتاحة الفرصة للمتدربين للتفاعل الفوري إلكترونياً، كذلك يتميز بالقدرة على توسيع فرص القبول للمتدربين. 

التدريب عن بُعد وتطوير عملية التوظيف، ومهامه: عملية التوظيف عبارة عن مجموعة من الفعاليات التي تستخدمها المنظمة لاستقطاب مرشحين للعمل، والذين يتصفون بالكفاءة والتميز والقدرة على المساهمة في تحقيق أهداف المنظمة. ويمكن للتدريب عن بُعد الارتقاء بالمهارات والقدرات الوظيفية وتطويرها لدي الباحثين عن العمل، أو لدى الموظفين؛ وذلك بما يؤدي إلى تطوير منظومة الأداء التنظيمي للمؤسسات المختلفة بالمملكة، وبما يتفق مع رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020.

وعلى جانب آخر، فإن التدريب عن بُعد يمكن أن يسهم في تطوير ثماني مهام للتوظيف بشكل عصري، وذلك على النحو التالي:

أولا: تخطيط الموارد البشرية، والتأكد من تغطية احتياجات المنظمة من الموظفين، حيث يتحقق ذلك بتحليل خطط المنظمة لتحديد المهارات المطلوب توافرها في الموظفين.

ثانيا: توفير الموظفين: يجب على الإدارة جذب المرشحين لسد الاحتياجات من الوظائف الشاغرة، وتُستخدم أداتان في هذه الحالة هما: مواصفات الوظيفة، ومتطلباتها.

ثالثا: الاختيار: بعد عملية التوفير، يتم تقييم المرشحين الذين تقدموا لشغل المواقع المعلن عنها، حيث يتم اختيار من تتطابق عليه الاحتياجات.

رابعا: التعريف بالمنظمة: فبمجرد اختيار الموظف يجب أن يتم دمجه بالمنظمة.

خامسا: التدريب والتطوير: فمن خلال التدريب والتطوير تحاول المنظمة زيادة قدرة الموظفين على المشاركة في تحسين كفاءة المنظمة.

سادسا: تقييم الأداء: يتم تصميم هذا النظام للتأكد من أن الأداء الفعلي للعمل يوافق معايير الأداء المحددة.

سابعا: قرارات التوظيف: وهي قرارات متنوعة؛ فمنها المتعلقة بالمكافآت التشجيعية، والنقل، والترقيات، كلها يجب أن تعتمد على نتائج تقييم الأداء.

ثامنا: إنهاء الخدمة: وذلك من خلال أشكال عديدة كالاستقالة الاختيارية، والتقاعد، والإيقاف المؤقت، والفصل.


15/07/1439
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة