الأنظمة الذكية وعصر جديد ومزيد من التحديات

​​أنتجت التطورات الحديثة في علم الأنظمة الذكية تطبيقات قادرة على الفهم والتعلم الذاتي؛ مما مكنها من أن تنافس القدرات البشرية. ومن المرجح أن تستهل هذه التطورات عصر جديد من الازدهار والرفاهية غير مسبوق، غير أن التحول قد يكون مؤلماً وقاسياً بدون ضبط وتعديل للسياسات التي تحكم نظامنا الإداري، والاقتصادي، والتعليمي، وإذا ما تركنا هذه الأمور دون رادع؛ فقد نشهد انتشار الفقر على خلفية تصاعد الرفاهية والثروة، مع استمرار البطالة والتفاوت المتزايد في الدخل بين الفئات الغنية والفقيرة.

وإذا نظرنا إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي نجد أنها تعمل على جهاز كمبيوتر مكتبي، أو قد تعمل بداخل انسان آلي "ربوت". هذه الأنظمة تبدأ بتصميم نموذج بسيط، ثم يتعلم ويكتسب خبرات بطريقة ذاتية؛ حتى يتمكن من أن يستوعب، ويتفحص جبال من المستندات الضخمة التي تتدفق من خلال أجهزة الكمبيوتر وشبكة الانترنت. هذا المجال من البحوث له عدد من المسميات. فقد يُطلق عليه التعلم الآلي، والشبكات العصبية، والبيانات الضخمة، والنظم الإدراكية، أو الخوارزميات الجينية،

كل هذه التطورات تجعل من حركة الإنتاج أكثر كفاءة وفعالية؛ مما يزيد من الثروة وفرص العمل الجديدة التي ستظهر تلبية لرغباتنا واحتياجاتنا المتزايدة؛ ولكن هذا لا يعني بالضرورة أننا سنكون أفضل حالاً. التغير في نمط العمل سيكون أسرع من قدرة العمال على التكيف معه، أو قد لا يكون الوقت والفرصة متاحين لاكتساب تلك المهارات للتعامل مع الوظائف الجديدة.

أمثلة:

  • افتتحت شركة "أمازون" العملاقة متجرها الذكي في مدينة "سياتل" بأمريكا صباح يوم 23 يناير 2018، حيث يُقدم للمستهلكين كل أنواع البقالة والوجبات الجاهزة، وهو عبارة عن سوبر ماركت بدون صفوف، وبدون "كاشير "، وبدون موظفي محاسبة.
  • حوالي 40 شركة تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة والاستشارات القانونية في المملكة المتحدة.
  • في مدينة "دالاس"-خلال شهر يونيو عام 2016م-قامت الشرطة باستخدام روبوت لقتل المشتبه به "ميكا جونسون" الذي قتل خمسة ضباط.
  • تم إجراء أول عملية جراحية بواسطة الروبوت في مدينة مونتريال في أكتوبر 2010م،
  • استخدام حوالي 600 روبوت لحلب الابقار في بريطانيا، واستخدام جرار بدون سائق في ولاية "أيوا" بأمريكا عام 2017م.
  • السيارات ذاتية القيادة التي من المتوقع أن تكون السيارات بدون سائق بحلول عام 2025م.

وقد ذكر البروفيسور "مايكل جبيس"-الأستاذ في جامعة شيكاغو بوث لإدارة الأعمال-أن التقنية ستجعل العديد من الوظائف ذات المهارات المتدنية أقل تحفيزاً من ناحية الدخل، وأضاف إن الجامعات والمدارس وأرباب العمل بحاجة إلى التركيز على تدريس مهارات التحليل وحلول المشاكل، فضلاً عن الإبداع والمهارات الاجتماعية ومهارات التواصل. وقد أكد معهد اقتصاديات العمل في ألمانيا على أن الوظائف ذات المهارات العالية مثل الإدارة والقيادة والتي تتطلب الإبداع والمهام المعرفية والسمات الاجتماعية أقل تعرضاً للخطر.

ويقول باحثون من شركة "برايس ووتر هاوس" أنه على الرغم من أن ما يقرب من ثلث فرص العمل في بريطانيا يمكن أن تختفي بحلول عام 2030م؛ بسبب الروبوتات وبرمجيات الذكاء الاصطناعي. وظائف المهارات المتوسطة والوظائف ذات العمل الروتيني هي الأكثر تعرضاً للخطر؛ ولكنهم أكدوا على أنه يمكن لهذه التقنية أن تعزز الإنتاجية، وتزيد من فرص العمل في مواقع اقتصادية أخرى. أما القطاعات التي لديها أعلى نسبة من الوظائف المعرضة للخطر فهي: النقل والتخزين (56%)، والصناعة التحويلية (46%)، وتجارة الجملة والتجزئة (44%). ويقدر أن التعليم والصحة والعمل الاجتماعي يواجهان أدنى مخاطر التشغيل الآلي".  

15/07/1439
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة