​اقتصاد التطبيقات .. استثمار في التقنية لتحقيق أهداف رؤية 2030


​ 

ابتكارات الشباب السعودي قادرة على صناعة اقتصاد رقمي قائم على المعرفة

"مرسول" و"مشواري" و"نعناع" و"أفوكادو" تطبيقات سعودية متميزة

"حراج" بدأ بتكلفة 825 ريالاً ووصلت قيمته السوقية إلى 600 مليون ريال

 

 

يسهم اقتصاد التطبيقات في تحقيق رؤية المملكة 2030 الطموحة، فمن بين الأهداف المهمة للرؤية إثراء المحتوى المحلّي وتطوير الإبداعات والابتكارات، وبناء مستقبل واعد في شتّى المجالات، وخصوصاً العالم التقني، والذي يعتبر من أكبر الروافد الاقتصادية. لقد أصبح عالم التطبيقات الذكية أمراً واقعاً وفرض نفسه بقوة على السوق العالمي والسوق المحلي، ولم يعد مجرد أفكار مبتكرة مستعينة بالتقنية الحديثة؛ فقد باتت التقنية الحديثة أحد العوامل المهمة المؤثرة في مستقبل التجارة الإلكترونية، وهو ما يسهم على المستوى المحلي في بناء اقتصاد مزدهر يتسم بالتنوع والتنمية المعتمدة على التكنولوجيا.

 

نهاية التسعينيات

تحولت عمليات تطوير تطبيقات الهواتف الذكية بالنسبة لمئات من السعوديين، من مجرد هواية إلى مصدر رزق يدر عليهم آلاف الريالات، وذلك بعد أن حقق هذا السوق إقبالاً ملحوظاً من قبل الملايين من المستخدمين المقبلين بشراهة على شراء وتحميل تطبيقات الهواتف بمختلف أنواعها؛ ويعود السبب الرئيس لهذا التحول، إلى أن الاستثمار في هذه السوق لا يحتاج إلى إمكانيات مادية كبيرة، مما حدا بالكثير من الشباب السعودي إلى التفاعل مع عالم التطبيقات، فنشأت بيئة شبابية فريدة من نوعها من مطوري التطبيقات الهواة والمحترفين، والذين برز إنتاجهم في العديد من البرامج العربية والمحلية.

وقد بدأت تطبيقات الهواتف في الظهور للمرة الأولى في نهاية التسعينيات-وفقاً لموقع العربية نت-وكانت مقتصرة حينها على عدد من البرامج البدائية، كالألعاب، والآلة الحاسبة، والتقويم، ومع ثورة الهواتف الذكية حدثت ثورة مماثلة في تطوير وصناعة التطبيقات، جعلت تجربة استخدام الهواتف أكثر إمتاعاً وفائدة، وتحولت إلى جزء أساسي من حياتنا اليومية.

تجارة إلكترونية

وقد أدت ثورة الهواتف الذكية إلى ارتفاع الطلب على التطبيقات الإلكترونية، فوفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة «آب آني» المتخصصة في هذا المجال؛ يتوقع مع نهاية عام 2018 أن يسجل تحميل التطبيقات الذكية 223 مليار تحميل، بقوة دفع هائلة من مستخدمي الدول الناشئة التي تنتشر فيها أكثر فأكثر الهواتف الذكية الرخيصة، كما يزداد فيها انتشار الإنترنت. والملاحظة الثانية التي أشارت إليها الدراسة، والتي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط، هي أن مستخدمي التطبيقات المحملة على الهواتف الذكية زادوا مدة الاستخدام بشكل كبير، حتى وصل المتوسط إلى 45 يوماً في السنة.
وعلى صعيد الإيرادات، أنتجت هذه الصناعة 86 مليار دولار أنفقها المستخدمون خلال عام 2017م، أي أعلى بنسبة 100%، قياساً بالإنفاق على التطبيقات في عام 2015م. وترجح المصادر المتخصصة أن يبلغ الرقم بنهاية عام 2018م (110) مليار دولار.

وتكشف الدراسة أن متوسط التطبيقات المحملة على الهاتف الذكي الواحد يبلغ 80 تطبيقاً، لكن الاستخدام الشهري لا يشمل إلا 40 تطبيقاً. وتذكر الدراسة أن المستخدمين في إندونيسيا، والبرازيل، والهند هم الأكثر مساهمةً في النمو الهائل لتحميل التطبيقات؛ ففي الصين، واليابان، يُحمٍل المستخدمون على هواتفهم أكبر عدد من التطبيقات، بما يتجاوز المتوسط العالمي، إذ إن الصينيين، واليابانيين يُحمّلون 100 تطبيق في المتوسط مقابل 80 عالمياً. ووفقاً للدراسة نفسها؛ فإن تطبيقات التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري وألعاب الفيديو تأتي على رأس التطبيقات المحملة.
حيث يقضي المستخدم مع تطبيقاته نحو 3 ساعات يومياً، علماً بأن هناك فروقات بين دولة وأخرى ومستخدم وآخر، وكل مستخدم يزيد على هاتفه الذكي نحو تطبيقين شهرياً. لكن هناك تطبيقات يُحمٍلها المستخدم بدافع فضول ما، ولا يستخدمها إلا مرة واحدة أو مرات قليلة.

ويقضي المستخدم وقتاً على التطبيقات أطول 7 مرات من ذلك الذي يخصصه للولوج إلى شبكة الإنترنت عموماً عبر الموبايل. ويزداد الإقبال على التطبيقات المالية، لا سيما المتخصصة بالمدفوعات، فالمستخدمون باتوا يطلبون خدمات فورية سرية وسريعة أكثر من أي وقت مضى، كما أن هناك عدداً متزايداً من المقبلين على العملات الرقمية، التي-وإن كانت أسعارها متذبذبة بقوة -تبقى بالنسبة لملايين من المستخدمين رهاناً على المستقبل، وينمو أيضاً الإقبال على تطبيقات التسوق الإلكتروني، مع زيادة في العرض تلجأ إليه أكثر فأكثر منصات التجارة الإلكترونية والماركات التجارية، لتستطيع الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستهلكين.

هدف إستراتيجي

وعلى المستوى المحلي؛ فإن التطبيقات والمواقع الإلكترونية السعودية قادرة على تحقيق مبيعات وأرباح تتجاوز 10 مليار ريال بحلول عام 2030 لتساهم بشكل فعال في الاقتصاد الوطني، وتصبح أحد المرتكزات الرئيسة في رؤية الوطن التي تعتبر الاستثمار في التقنية والتكنولوجيا أحد أهدافها الإستراتيجية، وذلك وفقاً لما أكده عضو لجنة شباب الأعمال بغرفة جدة، خالد عبادي، لجريدة الرياض.

وقال عبادي: وصلت القيمة السوقية لأحد التطبيقات المحلية السعودية المحلية، وهو موقع "حراج"، إلى 600 مليون ريال، رغم أنه تأسس في عام 2008م بتكلفة لم تتجاوز 220 دولاراً فقط، حيث وصل حجم المبيعات المتداولة شهرياً عن طريق التطبيق إلى 400 مليون ريال وعمولة الموقع 1 % فقط من قيمة الصفقة، مشيراً إلى أن عدد التطبيقات في (آب ستور) الذي انطلق عام 2008م كان لا يتجاوز 500 تطبيق فقط، في حين وصل اليوم إلى 2.2 مليون تطبيق، وبدأ "جوجل بلاي" عام 2009م بشكل متواضع، لكنه أعلن مؤخراً أن عدد التطبيقات لديه وصلت إلى أكثر من ثلاثة ملايين تطبيق.

 

حكومة إلكترونية

وعلى المستوى الرسمي؛ حققت المملكة قفزات كبيرة في مجالي الحكومة الإلكترونية والحوكمة الإلكترونية، عبر تنظيمات بدأتها مع مطلع الألفية الثانية بتحويل الإجراءات والمعاملات الحكومية إلى صيغة إلكترونية، وذلك في الوزارات والإدارات الحكومية وأتاحتها مؤخراً بشكل إلكتروني كامل للمواطنين. وقد مكّنت هذه الحوكمة الإلكترونية المواطن السعودي من تنفيذ أغلب معاملاته بشكل إلكتروني من تجديد رخص القيادة واستخراج تأشيرات العمالة وتجديد الجوازات وتسديد الرسوم والمخالفات وغيرها من مئات الخدمات الإلكترونية في بيته.

أدى ذلك إلى انطلاق شرارة التنافس بين الوزارات والدوائر الحكومية الأخرى بتقديم خدماتها بشكل إلكتروني؛ للاستفادة من ثورة التطبيقات الذكية التي يمر بها العالم. وتستعرض صحيفة "مال" الاقتصادية في تقرير لها أهم التطبيقات الحكومية الرسمية السعودية التي يحتاجها المواطن السعودي. ولعل أهمها على الإطلاق تطبيق (أبشر)، وهو أهم التطبيقات الحكومية السعودية وأكثرها موثوقية وتقديماً للخدمات، ويُقدم من قبل وزارة الداخلية الرائدة في مجال الخدمات الإلكترونية. يدعم أبشر اللغتين العربية والإنجليزية، ويتيح الاستفادة من الخدمات المقدمة من مختلف قطاعات وزارة الداخلية، والتي تخدم الأفراد من مواطنين ومقيمين مع مراعاة دقيقة للخصوصية ومعايير الحماية الأمنية. ويُمكّن التطبيق من استعراض البيانات الشخصية بأمان، وكذلك بيانات أفراد العائلة والعمالة وإجراء العديد من الخدمات الالكترونية، ومنها تجديد وإصدار رخص القيادة والسير، والجوازات، والإقامات، والتأشيرات، وتصاريح السفر، والاستعلام عن وتسديد المخالفات المرورية، وغيرها من الخدمات الإلكترونية الأخرى التي تقدم من الجوازات، والمرور، والأحوال المدنية، والأمن العام، والإمارات.

تطبيقات سعودية

إن الذي يتابع المشهد الرقمي المحلي يشاهد نمواً كبيراً في تطبيقات التوصيل بكافة أشكالها، مثل توصيل الخدمات أو المأكولات أو غيرها، وهذا نمو جيد سيغير من شكل المعادلة في قطاعات التوصيل والتجزئة، وستساهم هذه التطبيقات-التي ساهم في تطويرها سعوديون-في خلق اقتصاد رقمي جديد يكون رافداً للاقتصاد المحلي، وفقاً للخبير حاتم الكاملي بصحيفة "مال"، والذي يذكر أن حجم توصيل مقاضي المنزل مثلاً في السعودية يتجاوز 430 مليون ريال بحسب شركةTo door step ، وهو سوق كبير وواعد يقدر حجم نموه السنوي بـ 35%. وهناك رواد أعمال سعوديون قرروا أن يكتشفوا هذا السوق ويغيروا المعادلة ويوفروا حلولاً مبتكرة لمشاكل هذا القطاع وتقديم خدمة بسيطة للمواطن وابتكار سوق جديد والمساهمة في القضاء على التستر التجاري في هذا القطاع.

فتطبيقات مثل: "نعناع"، و"أفوكادو"، و"todoor"، وغيرها من التطبيقات-والحديث لا يزال لحاتم الكاملي-قادرة على أن تكون اللاعب الرئيس في المستقبل؛ إذا لم يبادر اللاعبون الحاليون في هذا القطاع إلى الاستثمار في قطاع توصيل الأغذية اليومية والركون للنماذج التقليدية في إدارة أعمالهم في ظل هذا التحول الرقمي.

ويقول خبير التسويق الرقمي أن هناك فرصة كبيرة لتطبيقات محلية قادرة على أن تتحول إلى شركات مليارية عملاقة؛ إذا ما وجدت الدعم الكافي والبنية التحتية المناسبة وتسهيل التشريعات الحكومية والإسراع في حل مشاكل الدفع الالكتروني. وهذه التطبيقات ستحرك الاقتصاد في المستقبل القريب وهي التي ستغير شكل قطاع التوصيل في المنطقة قريباً.​​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة