10 توصيـــات لتـــطبيقها بكفـــاءة في الأجهــزة الحــكومــية فـي المملكــــة إدارة المواهب..منظومة شاملة للتوظيف والتدريب وتحقيق الأداء الأفضل للموظفين

​​​​​د.حمدان المحمد: رؤية المملكة 2030 تحتاج إلى قيادات إدارية موهوبة ومؤسسات قادرة على إدارة هذه المواهب

د.بندر الربيعي: إدارة المواهب إستراتيجية شاملة على مستوى المنظمة لتوظيف وتدريب واستبقاء أفضل الموظفين

فهد الزهراني: الأجهزة الحكومية تحتاج لإدارة المواهب لتتوائم مع برنامج التحول الوطني 2020

 

تعد إدارة المواهب من الاتجاهات الحديثة في التطوير البشري؛ حيث إنها تختلف عن إدارة الموارد البشرية وتتكامل معها للوصول بالعنصر البشري لأفضل أداء وظيفي في مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص. في هذا التحقيق نناقش أهمية إدارة المواهب، ودورها في الأجهزة الحكومية في المملكة.

 

​إستراتيجية شاملة

في البداية، يقول أ.د.حمدان بن إبراهيم المحمد مدير المركز الوطني لأبحاث الموهبة والإبداع بجامعة الملك فيصل في الأحساء: "مما لا شك فيه أن الموهبة أصبحت مهمة لتحقيق التميز لأي مؤسسة؛ وذلك يجعل من اختيار المواهب وإدارتها بشكل فعّال أحد العوامل الحاسمة في نجاح المؤسسات وزيادة قدرتها التنافسية. وتتضمن إدارة المواهب حسب العديد من المختصين تنفيذ إستراتيجيات متكاملة أو أنظمة مصممة لتحسين عمليات توظيف وتطوير الأشخاص والاحتفاظ بذوي المهارات المطلوبة والاستعداد لتلبية الاحتياجات التنظيمية الحالية والمستقبلية. وتعرف أيضا بأنها عملية تطوير وتوحيد وتكامل بين التركيز على قدرات ومواهب الموظفين لتحقيق المنافسة، وتطوير العاملين الجدد، والمحافظة على العاملين الحاليين، وجذب العاملين الموهوبين من ذوي الخبرات العالية للعمل في الشركات والمؤسسات. وبرأيي فإن إدارة المواهب في القطاعات والأجهزة الحكومة هي: إستراتيجية واسعة منظمة شاملة للتوظيف والتدريب والاحتفاظ بالأداء الأفضل للموظفين".

ويضيف د.حمدان المحمد: "وقد توصلت العديد من الدراسات العلمية الحديثة إلى وجود نتائج إيجابية في سلوك وأداء الموظفين والقيادات الذين تم التعامل معهم في منظمتهم وفقاً لإستراتيجيات إدارة المواهب، فهي تتضمن تغيير التركيز من مناسبة الموظف للدور الذي يقوم به في المؤسسة إلى مناسبته للمؤسسة كلها، وكذلك للأدوار المستقبلية له في هذه المؤسسة. ولتحقيق نجاح إدارة المواهب؛ لابد من وجود وحدات متخصصة بإدارة المواهب ضمن إدارة القوى البشرية، يُناط بها التفاف القادة نحو المواهب والتركيز عليها داخل المؤسسة، إلى جانب تمكين تحديد وتقييم القدرات والمهارات الحالية والمطلوبة لكل موهبة من المواهب والموظفين في المؤسسة".

ويستكمل د.المحمد: "كما يجب أن تعمل وحدات إدارة المواهب على التوافق مع رؤية المؤسسة ورسالتها، وأن تعمل من خلال نظام لإدارة المواهب متخصص وقابل للتطبيق ضمن الأنظمة التي تسير عليها تلك المؤسسات في إطار شمولي يتوافق مع خطط الدولة وتطلعاتها. وقد ركزت النماذج العالمية في مجال إدارة المواهب وتبنى معظمها إستراتيجيات: التخطيط، والاستقطاب، واختيار الموهبة، وتقويم الأداء، والتدريب والتطوير، والاحتفاظ بالموهبة، وخسارة الموهبة، وتحليل الفجوة، وتعويض الموهبة".

ويرى مدير المركز الوطني لأبحاث الموهبة والإبداع أن المؤسسات تدرك باستمرار دور التقنيات الإستراتيجية والمبتكرة في مساعدتها على تطوير قوى العمل والتنمية الاقتصادية بشكل أفضل، حيث هناك العديد من الأنظمة الحاسوبية لإدارة المواهب في المؤسسات على اختلاف حجمها، ونشاطها. كما يدرك القاصي والداني أن تبني المنظمة لسياسة الاحتفاظ بالمواهب يؤدي إلى شعور الموظفين بالانتماء والفخر تجاه منظمتهم.

ويتابع الأستاذ بجامعة الملك فيصل: "ونحن بالمملكة العربية السعودية بحاجة ماسة لتطوير نظم إدارة المواهب بمؤسساتنا الحكومية وصولاً لتحقيق التنمية التي تتطلع إليها قيادتنا الرشيدة من خلال تحقيق رؤية المملكة 2030، وما يرتبط بها من مشاريع تنموية عملاقة تحتاج إلى قيادات موهوبة، وإلى ومؤسسات قادرة على إدارة هذه المواهب، مستخدمين الأساليب العلمية الداعمة لكيان هذه المؤسسات، وصولاً إلى التنمية الشاملة، ودفع عجلة التقدم والمنافسة الإقليمية والدولية".

"الموضات" الإدارية!

ويرى د.بندر بن محمد الربیعي أستاذ الموارد البشرية المساعد بجامعة أم القرى، والمستشار والمدرب في إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية أن إدارة المواهب تتمحور حول توقع احتياجات المنظمة من رأس المال البشري، ومن ثم التخطيط لمقابلة هذه الاحتياجات. وهذا يعني أن هذا المفهوم يشير إلى نوع من التحول في التفكير التقليدي حيال التوظيف والتدريب والاحتفاظ بأفضل الموظفين.

ويضيف د.الربيعي: "وبشكل أدق؛ سيتغير التركيز من تساؤل "هل الموظف مناسب لهذه الوظيفة أو هذا الدور؟" إلى تساؤل آخر أهم وهو "هل هذا الموظف يعتبر مناسباً ليس فقط لهذه الوظيفة فحسب وإنما أيضاً للمنظمة ككل، وللأدوار المستقبلية المتوقعة؟" وهذا يشير بجلاء إلى أن إدارة المواهب هي إستراتيجية شاملة على مستوى المنظمة لتوظيف وتدريب واستبقاء الموظفين الأفضل أداءً. لكن من هذا التعريف-والحديث لايزال للربيعي-قد يظن البعض أن هذا يشير أيضاً إلى إدارة الموارد البشرية. ليس هذا تماماً، بل قد تنظر إلى إدارة المواهب على أنها الأخت الصغرى للموارد البشرية، فبينهما قواسم مشتركة وثمة اختلافات أيضاً. إن إدارة المواهب البشرية هي كل تفكير وممارسة متعلقة بالموظفين كموارد للمنظمة، فكلاهما في النهاية قد يقومان بالأمر نفسه؛ لكن ربما بمنهجيتين مختلفتين، وهنا مزيد من التفصيل:

الهيكلة: عمليات مثل التوظيف والتدريب والتعويضات واستبقاء الموظفين. فهي عمليات مركزية في قسم / إدارة الموارد البشرية. في مفهوم إدارة المواهب؛ معظم هذه الممارسات تكون من مسؤولية كل أقسام وإدارات المنظمة، وبهذه الكيفية تكون المنظمة ككل مسؤولة عن هذه النشاطات ولها مصلحة في تحقيقها.

المسؤوليات: إدارة الموارد البشرية تركز بشكل أكبر على عمليات إدارية، فمثلاً تتعامل مع دفع الأجور وتنظيم الإجازات وتعويضات الموظفين وشكاواهم. في المقابل؛ فإن إدارة المواهب-في الغالب-تركز على مساعدة وتطوير وتنمية أفضل المواهب بالمنظمة. عندما تفكر في التطوير المهني ومتابعة الالتزام بالحضور فكلاهما مهم للمنظمة، لكن من الواضح أن أحدهما أكثر روتيناً وتكراراً.

التطبيق: إدارة المواهب ينظر لها عادة على أنها إستراتيجية، وفي الغالب تبدو كخطة طويلة المدى وشاملة للمنظمة وترتبط ارتباطاً وثيقاً بأهداف العمل العامة، بينما الموارد البشرية تكون أكثر تكتيكاً لتتعامل مع الإدارة اليومية لاحتياجات متطلبات الموظفين.

ويشير د.الربيعي إلى أن السؤال عن أي منهما أفضل للمنظمات المعاصرة قد لا يكون مستقيماً، فليس الأمر أن إدارة الموارد البشرية أفضل، أو أن إدارة المواهب أكثر ملائمة. كلا، فالإجابة تعتمد باختصار على ماذا تريد تحقيقه، وما ينقص منظمتك في الوضع الراهن؟ وماذا تحتاج على المدى البعيد؟ ومع هذا؛ قد ترى أن كلاً منهما مكملاً للآخر، لذا قد تكون منظمتك بحاجة لتبني كلا الأمرين معاً، وهذا سائغ ومطلوب خصوصاً في فترات التحول الإستراتيجي للمنظمة وفي فترات عدم التأكد في البيئة المحيطة بالمنظمة.

ويرى أستاذ الموارد البشریة المساعد بجامعة أم القرى أنه من الضروري الإشارة إلى عدم الانسياق وراء ما يمكن تسميته بـ"الموضات الإدارية"، والجزم بصلاحية ممارسات معينة مطبقة في أماكن أخرى والجزم بنجاحها في منظمتك، بل من المحتم على صانعي القرار بالمنظمة التروي في دراسة أي نهج وتكييفه بشكل يكون متسقاً مع الإستراتيجية الخاصة بمنظمتهم.

طريقة 360 درجة

ويقول المستشار الإداري والتربوي بمركز التميز بالمدينة المنورة فهد بن عبدالله الزهراني: "في ظل المتغيرات التي تفرضها المرحلة الراهنة لتحقيق التميز في الأداء الحكومي ومواكبة الأبعاد الإستراتيجية لبرنامج التحول الوطني ورؤية الوطن المستقبلية؛ أجزم بأن الأهمية القصوى ستكون للتميز الفردي، المتجسد في أفراد فاقوا أقرانهم باستعدادات وقدرات فطرية غير عادية، جعلتهم يكتنزون معرفة ضمنية في مجالات عملهم، ومكنتهم من إنجازات متميزة ونوعية، وأداء يفوق بقية الموظفين العاديين، وهذه الفئة رغم أهميتها وعظيم تأثيرها؛ إلا أن إدارتها تتطلب مزيداً من العناية والاهتمام؛ نظراً لطبيعتها السيكولوجية وندرتها، لذا أصبحت إدارة المواهب تشكيل إداري ملح في الإدارات الحكومية اليوم، لتمارس إستراتيجيات جذب واكتشاف المواهب وتصنيفها بين قيادية وجوهرية وداعمة ومن ثم تطويرها وتعاقبها في الإحلال الوظيفي وفق الخطة الإستراتيجية للإدارة الحكومية المتوائمة مع برنامج التحول الوطني ورؤية السعودية 2030".

ويضيف الزهراني: "وينبغي على الإدارات الحكومية ما يلي:

  • تحديد تعريف للموهبة ومفهوم إدارة المواهب وفق طبيعة العمل والمهام المناطة بها.
  • عدم الخلط بين مهام إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية ومهام إدارة المواهب.
  • تأهيل القيادات الحالية لإدارة هذه الفئة بحكمة ووعي للمحافظة عليها وضمان استمرارية تميزها.
  • تمكين القيادات الشابة الواعدة وتأهيلها من خلال العلاقات التطويرية ومهام التحدي.
  • تطبيق طريقة 360 درجة في تقييم أداء الموظفين الأكثر دقة ومصداقية.
  • نشر ثقافة التميز من خلال التدريب والتطوير والتمكين وتوطين مؤشراته.
  • تنظيم جوائز للتميز داخل الإدارة الحكومية تؤهل الموظفين لمنافسات وجوائز تميز محلية وإقليمية وعالمية.
  • إكساب الموظفين معارف ومهارات تؤهلهم للتميز والجودة في تقديم خدمات المستفيدين الداخليين والخارجيين.
  • التنظيم أو المشاركة في ملتقيات دورية لاستعراض ممارسات متميزة في إدارة المواهب محلياً وعالمياً.
  • ربط العلاوات والحوافز المادية بمؤشرات متفق عليها للأداء والانجاز.​
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة