مرونة للجهات للاستفادة القصوى من مواردها البشرية وحوكمة إدارتها

​​​​

تشهد المملكة العربية السعودية نهضة تنموية شاملة ومواكبة لأحدث المعايير العالمية؛ ولذلك بات من المهم إجراء عدد من التعديلات والتغييرات في عدد من الأنظمة واللوائح التنظيمية، والتي من بينها ما يتعلق بالوظائف العامة؛ حتى تلبي طموحات وطننا وتسهم في الارتقاء بأداء مؤسساتنا العامة، في ظل التحديات التي تجتاح العالم بأسره. ومن هذا المنطلق فإن تناول طرق شغل هذه النوعية من الوظائف بالمملكة وتطورها في ضوء التعديلات الحديثة يعد من الموضوعات المهمة، والتي تمس قطاعاً كبيراً من مواطنينا، ولا سيما الموظفين. وهو موضوع البحث الذي أجراه د.حسان بن مختار المؤنس، ونشرته مجلة "الإدارة العامة" في عددها الأحدث، الصادرة عن معهد الإدارة العامة، ونسلط عليه الضوء في السطور التالية.

خيارات بديلة

ينوه البحث إلى أن الإحصائيات الحديثة تشير إلى زيادة عدد الموظفين الحكوميين في المملكة العربية السعودية بعد أن تطوَّر عددُهم-على اختلاف تصنيفاتهم ورُتبهم-من 900 ألف عام 1427ه، إلى أكثر من مليون و530 ألف عام 1438هـ، مقابل أكثر من 3 ملايين عامل في القطاع الخاص (حسب إحصائية الهيئة العامة للإحصاء لعام 2019م)؛ وبالتالي فإن نسبة موظفي القطاع العام تُعادل 50% من نسبة العاملين بالقطاع الخاص؛ أي ما يُقارب 26% من نسبة القوى العاملة من السعوديين. وبذلك تقترب نسبة التوظيف الحكومي في المملكة من أعلى النسب في العالم. ولمجابهة تحديات التوظيف في القطاع العام وتطوير رأس المال البشري، جاءت التعديلات الحديثة على نظام الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية الجديدة-لائحة الموارد البشرية-لتمنح جهة الإدارة خياراتٍ بديلةً لسدِّ احتياجاتها من الموظفين.

تقليدية وحديثة

يصنف د.حسان المؤنس تطور طرق شغل الوظائف العامة في المملكة إلى تصنيفين، كالآتي:

  • الطرق التقليدية: تتحدد في 5 طرق؛ وذلك بعد أن أبقت التعديلات الجديدة على طُرُق شَغْل الوظائف العامة التي اعتمدتها أنظمة ولوائح المملكة منذ صدور أول نظام للموظفين، وهي: التعيين، والترقية، والتكليف، والنقل، والإعارة.
  • الطرق الحديثة: فقد منحت اللائحة التنفيذية الجديدة للموارد البشرية في الخدمة المدنية اللجوء إلى طريقتين هما: الاستعارة، والتعاقد. وذلك بشكل أصلي وليس على سبيل الاستثناء.

آثار قانونية

عقب ذلك يناقش د.المؤنس الآثار القانونية المترتبة عن هذين النوعين؛ فبالنسبة لهذه الآثار الخاصة بالطرق التقليدية يتناولها الباحث من زاويتين، أولاهما: منح صلاحيات أوسع ومرونة أكبر للجهة الإدارية، والثانية تتعلق بتوضيح وتحديد ضوابط وشروط اللجوء إلى آليات شغل الوظائف. أما الآثار القانونية المتعلقة بالطرق الحديثة فيستعرضها من خلال 4 زوايا، الأولى: تغير المفهوم السعودي للوظيفة العامة؛ مواكبةً للاتجاهات الحديثة، وثانيتهما: إعادة النظر في التكييف القانوني لعلاقة الدولة بالعاملين فيها، والثالثة: تحديد القانون المطبَّق وعدم المساواة أمامه، والرابعة: تحديد الجهة المختصة بنظر منازعات موظفي الإدارة.

إشكالات ومرونة

وتوصل الباحث إلى عدد من النتائج المهمة، والتي أبرزها أن التعديلات الجديدة لم تقم بسد بعض الثغرات القانونية التي كانت موجودة سابقًا، كمسألة طلب النقل من الموظف، ومن المتوقع حدوث عدة إشكالات عملية عند التوسع في اللجوء إلى التعاقد لشغل الوظائف العامة، وخلق تفاوت بين المراكز القانونية لموظفي نفس الجهة من ناحية وموظفي مختلف الجهات من ناحية أخرى، وإضفاء المزيد من المرونة للجهات الإدارية بما يخدم التوجه العام للاستفادة القصوى من الموارد البشرية للجهات الحكومية وحوكمة إدارتها.

تعديلات وإضافات ومساواة

وفي ضوء هذه النتائج والبحث؛ يوصي د.حسان المؤنس بتعديل لائحة الموارد البشرية بإضافة مادة في آلية النقل بحيث يمكن للموظف طلب النقل، وبإضافة مواد إلى اللائحة نفسها للنص على الأثر المترتب عن عدم تنفيذ قرارات شغل الوظيفة المتعلقة بالترقية والتكليف والإعارة والاستعارة والتعاقد، وتحديد شروط اللجوء إلى تجديد بعض آليات شغل الوظائف العامة، ومراعاة مبدأ المساواة بين الفئات والرُّتب الوظيفية المتشابهة، ودراسة مدى إمكانية وجدوى دمج نظام الخدمة المدنية ولوائحه مع نظام العمل ولوائحه.

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة