قصص ملهمة للقادة والمديرين والموظفين

​​

ينظر الخبراء والمتخصصون، مثل الأمريكي "روبين سبكيولاند"، إلى قصص الآخرين، بخاصة في المجال الإداري، باعتبارها أفضل الطرق لنجاحهم، وإعادة اكتشاف أنفسهم، واستنهاض قدراتهم، وتجويد أدائهم من خلال استخلاص الدروس المستفادة منها، فضلاً عن أنها مثيرة للحماس والاهتمام والتحفيز والتسلية. كذلك فإن الأمر لا يقتصر على هذا فقط، وإنما تبرز للشباب الباحثين عن التوظيف والمتطلعين إلى التميز أن عصرنا الحالي يمكنك النجاح فيه بسهولة! من خلال تطوير ذاتك، والتفكير خارج الصندوق. هذا ما نستعرضه معكم عبر العديد من هذه القصص على صفحات "التنمية الإدارية".

ملح الطعام

أولى هذه القصص، ترويها لنا مدونة "أراجيك" التي تقدم قصصاً في المجال الإداري كنماذج للشباب العربي؛ كي يسير على نهجها، خاصة في مجال التوظيف والعمل.  تشير القصة إلى أهمية سلوك المديرين وما تكشف عنه تصرفاتهم وردود أفعالهم إزاء المواقف المختلفة. فعندما كان "هنري فورد"-مالك مؤسسة "فورد" وأول ملياردير في أمريكا-ينوي تعيين أحد المديرين الجدد، فإنه كان يأخذه معه لتناول الغذاء؛ لكي يختبره. فإذا أضاف المدير المرتقب الملح إلى الطعام بدون أن يتذوقه؛ فإن "فورد" كان يرفض تعيينه، فقد كان "فورد" يعتبر هذا دلالة على أن المدير المرتقب سيقوم بتنفيذ الخطط الجديدة قبل أن يختبرها.

مهندس "غير تقليدي"

وننتقل معكم إلى قصة هذا الزبون الذي-بحسب ما يذكره موقع "علوم الإدارة"-ذهب إلى وكالة سيارته يشكو من أنه حين يذهب لشراء البوظة من المتجر المجاور لبيته فإن سيارته لا تعمل إذا اشترى "بوظة" بالفراولة! أما إذا اشترى "بوظة" بالشوكولاته أو الفانيلا فإنها تعمل! ظن موظف الاستقبال أن الرجل يمزح أو أنه غير عاقل! ولكن الزبون أصر؛ فأرسلت الوكالة مهندساً فوجد أن المشكلة حقيقية واحتار في تفسيرها! واستمرت المشكلة والوكالة تهملها؛ لأنها لا تعرف كيف تفسرها، حتى بحث مهندس "غير تقليدي" المشكلة وكشف اللغز! فقد كانت عبوات "بوظة" الفراولة تباع جاهزة في مدخل المحل؛ لذا لا يستغرق شراؤها سوى دقيقتين، بينما يحتاج شراء "بوظة" الشوكولاته والفانيلا إلى 5 دقائق، وكان نظام تشغيل السيارة يسخن بسرعة بحيث لا يعمل مره أخرى عندما تطفئ السيارة إلا بعد أن يبرد قليلا وذلك بعد 4 دقائق تقريبا!

قوة الإعلام

ومما لا شك فيه أن الإعلام أصبح قوة رهيبة؛ يمكن للمنظمات المختلفة توظيفه في مسيرة نجاحها وتنافسيتها مع غيرها. وهو ما نستخلصه من قصة شركة "أودوالا" للمنتجات الغذائية والمشروبات التي تعرضت لأزمة عاتية كادت أن تقضي عليها-بحسب ما أورده موقع "الجزيرة"-ففي عام 1996م أعلنت السلطات المحلية في ولاية واشنطن تأكيدها أن هناك علاقة بين حالات التسمم ببكتيريا الـ"إي كولاي" التي أصابت 60 شخصاً بالتسمم، ومقتل طفل، وبين عصير التفاح الذي تنتجه الشركة؛ والتي انهالت عليها عشرات الدعاوى القضائية.

وضمن سلسلة إجراءات اتخذتها إدارة "أودوالا"؛ خرج مديرها التنفيذي-حينئذ-ويدعى "ستيفن ويليامسون" بقرار سحب كافة منتجات الشركة التي تحتوي على عصير التفاح والجزر. وقُدِّرت الخسائر الأولية للشركة بـ6,5 مليون دولار، مع تحمل الشركة كامل المسؤولية، وأعلن أيضاً أن الشركة ستتكفل بكافة المصاريف العلاجية والطبية لأي آثار أو متاعب صحية يصاب بها أي شخص بسبب منتجاتها على نفقتها. كذلك تجدر الإشارة إلى ما لحق بالشركة من خسائر أخرى تمثلت في خسارتها ثلث قيمتها التسويقية، ومثولها أمام القضاء وتوقيع غرامة كبيرة عليها بقيمة مليون ونصف المليون دولار.

وبالرغم من ذلك أدركت شركة "أودوالا" أن الشيء المهم في هذه الأزمة والدرس الذي استوعبه مسؤولوها هو الصمود وعدم الانهيار، والتفكير في استعادة ثقة العملاء. فقد سخرت كافة إمكانياتها-تقريباً-لإطلاق حملة علاقات عامة، وحجزت صفحة يومية بأكبر الصحف الأمريكية انتشاراً؛ لشرح موقفها، وإجراء تحديثات مستمرة للإجراءات التي تتخذها تجاه المتضررين، وتجاه عملية تحسين منتجاتها، وإصلاح مشاكل التلوث في مصانعها، وترقية نظام التحكم في الجودة والأمان إلى أفضل نظام ممكن؛ مما جعل جمهورها يتقبل إعلانها بإعادة طرح منتجها لعصير التفاح عقب شهرين من هذه الأزمة. وفي عام 2001م كانت شركة "أودوالا" تتعافي، بل وحققت أرقاماً جيدة في سوق الأغذية والمشروبات بالولايات المتحدة، وبسبب هذا النجاح؛ خططت شركة "كوكا كولا" للاستحواذ عليها مقابل 186 مليون دولار.

10 ملايين دولار

والآن عزيزي القارئ انظر كيف جسد "توم واطسون" ثقافة شركة IBM في قراراته عندما كان قائداً لها؟ هذا ما يرويه لنا موقع "المرسال": إذ ذات مرة ارتكب أحد المديرين التنفيذيين الناشئين خطأ رهيباً كلف الشركة حوالي 10 ملايين دولار؛ فتم استدعاء المدير الصغير إلى مكتب "توم واطسون"، حيث نظر المدير الصغير إلى رئيسه وقال له: "أعتقد أنك تريد مني تقديم استقالتي، أليس كذلك؟!" عندها نظر إليه "واطسون"، وقال له: "بالطبع لا يمكن للشركة أن تستغني عنك، لقد أنفقنا للتو 10 ملايين دولار في تدريبك!"

العبرة من هذه القصة تتمثل في إعطاء فرصة أخرى للمخطئين؛ فربما يجعلهم ذلك حريصين أكثر ويزيد من ولائهم للشركة؛ كون الشركة أبقت عليهم ولم تفصلهم.

الملياردير المطرود!

ولنركز في هذه الكلمات التي رددها "والاس جونسون" الذي قضى عمره كله-تقريباً-يعمل في ورشة أخشاب: "لو علمت أين يقيم مديري في العمل (الذي طردني من المصنع وأنا في الأربعينيات من عمري) لذهبت إليه، وقدمت له الشكر الجزيل، وباقات الورود على أنه قام بطردي؛ لأنه بذلك ساعدني في اتخاذ الخطوة الأولى؛ لكي أكون مليارديرا"ً. تفاصيل وسبب هذه القصة يرويها لنا موقع "الجزيرة"، حيث كانت هذه الحرفة هي مصدر رزق "جونسون" الوحيد. فقد تزوّج، واستقر، وبنى حياته الشخصية كلها على هذه الوظيفة التي تعوّد عليها منذ أن كان صغيراً، حتى وصل إلى سن الأربعين من عمره. ثم تم طرده من العمل. هكذا ببساطة، أبلغه مديره في العمل أنه مطرود نهائياً من المصنع الصغير الذي قضى فيه معظم وقته، حتى وصل للأربعين.

لديه أسرة، ولديه أبناء، ولا يجيد في الحياة أي مهنة أخرى سوى العمل في هذا المجال. موقف لا يُحسد عليه، ربما يعتبر بالنسبة للكثيرين منا ضربة قاضية. ولم يكن أمامه من مفر، سوى أن يبدأ تجارة صغيرة لها مخاطر كبرى، فقام برهن البيت الصغير الذي يعيش فيه مع أسرته، مقابل أن يقوم ببناء منزلين صغيرين آخرين وضع فيهما كل خبرته في التصميم. وبالفعل تم بيع المنزلين واسترد قيمة الرهن.

وكسب شيئاً آخر أكثر أهمية من قيمة الرهن، وهو إعجاب المقاولين؛ فبدأت العروض تنهال لبناء المزيد من المنازل بطرق وتصميمات مختلفة. بعد 5 أعوام من طرده من وظيفته، والعمل في بناء المنازل الصغيرة؛ أصبح "جونسون" متخصصاً في هذا المجال، وكسب أموالاً طائلة أهّلته لأن يقرر بناء أول فندق له، قام بتسميته Holiday Inn. هذا الفندق العالمي الشهير الذي له فروع في كل مدينة في العالم تقريباً.

فرّاش في مايكروسوفت

تقدم رجل لشركة مايكروسوفت للعمل بوظيفة-فرَّاش-بعد إجراء المقابلة والاختبار (تنظيف أرضية المكتب)؛ أخبره مدير التوظيف بأنه قد تمت الموافقة عليه، وسيتم إرسال قائمة بالمهام وتاريخ المباشرة في العمل عبر البريد الإلكتروني. أجاب الرجل: ولكنني لا أملك جهاز كمبيوتر، ولا أملك بريداً إلكترونياً! رد عليه المدير (باستغراب): من لا يملك بريداً إلكترونياً فهو غير موجود أصلاً ومن لا وجود له فلا يحق له العمل.

ونتابع أحداث القصة مع موقع "لها أنلاين"، حيث خرج الرجل وهو فاقد الأمل في الحصول على وظيفة، فكر كثيراً ماذا عساه أن يعمل وهو لا يملك سوى 10 دولارات. بعد تفكير عميق ذهب إلى محل الخضار، وقام بشراء صندوق من الطماطم، ثم أخد يتنقل في الأحياء السكنية ويمر على المنازل ويبيع حبات الطماطم. نجح الرجل في مضاعفة رأس المال، وكرر العملية نفسها 3 مرات إلى أن عاد إلى منزله في اليوم نفسه وهو يحمل 60 دولاراً. أدرك أنه يمكنه العيش بهذه الطريقة؛ فأخذ يقوم بنفس العمل يومياً. يخرج في الصباح الباكر ويرجع ليلاً.

أرباح الرجل بدأت تتضاعف؛ فقام بشراء عربة، ثم شاحنة، حتى أصبح لديه أسطول من الشاحنات لتوصيل الطلبات للزبائن. بعد 5 سنوات أصبح الرجل من كبار الموردين للأغذية في الولايات المتحدة.

ولضمان مستقبل أسرته فكَّر الرجل في شراء بوليصة تأمين على الحياة؛ فاتصل بأكبر شركات التأمين وبعد مفاوضات استقر رأيه على بوليصة تناسبه. طلب منه موظف شركة التأمين أن يعطيه بريده الإلكتروني، أجاب الرجل: "ولكنني لا أملك بريداً إلكترونياً!". رد عليه الموظف (باستغراب): "لا تملك بريداً إلكترونياً، ونجحت في بناء هذه الإمبراطورية الضخمة! تخيل لو أن لديك بريداً إلكترونياً! أين ستكون اليوم؟". أجاب الرجل بعد تفكير: "فراش في مايكروسوفت!".

الرأس والذيل

ويتطرق موقع "علوم الإدارة" إلى ما فعلته إحدى الزوجات التي جلست تحدث زوجها عن زيارتها لصديقتها وأنها قدمت لها طبقاً من السمك المشوي لم تذق مثله من قبل، فطلب الزوج من زوجته أن تأخذ الطريقة ليتذوق هذا الطبق الذي لا يقاوم. اتصلت الزوجة وبدأت تكتب الطريقة وصديقتها تحدثها فتقول: "نظفي السمكة ثم اغسليها، ضعي البهار ثم اقطعي الرأس والذيل ثم أحضري المقلاة". هنا قاطعتها الزوجة: "ولماذا قطعتي الرأس والذيل؟"

فكرت الصديقة قليلا ثم أجابت: "لقد رأيت والدتي تعمل ذلك! ولكن دعيني أسألها". اتصلت الصديقة بوالدتها وبعد السلام سألتها: "عندما كنت تقدمين لنا السمك المشوي اللذيذ لماذا كنت تقطعين رأس السمكة وذيلها؟" أجابت الوالدة: "لقد رأيت جدتك تفعل ذلك! ولكن دعيني أسألها". اتصلت الوالدة بالجدة وبعد الترحيب سألتها: "أتذكرين طبق السمك المشوي الذي كان يحبه أبي ويثني عليك عندما تحضرينه؟"

فأجابت الجدة: "بالطبع"، فبادرتها بالسؤال قائلة: "ولكن ما السر وراء قطع رأس السمكة وذيلها؟" فأجابت الجدة بكل بساطة وهدوء: "كانت حياتنا بسيطة وقدراتنا متواضعة ولم يكن لدي سوى مقلاة صغيرة لا تتسع لسمكة كاملة"!

تمثل هذه القصة واقع الكثير من العاملين في المنشآت، فهم يستمرون بالقيام بأعمال روتينية واتخاذ إجراءات معينه وإتباع حلول متكررة دون التفكير في المتغيرات والمستجدات؛ لأن أبسط وأسهل شيء هو أن نفعل ما كنا نقوم به دوماً؛ وهذا بدوره يسبب هدراً لا داعي له ويكبد مصاريف كان بالإمكان تلافيها. ومع التحديات والمنافسة المتزايدة يحتاج العاملون إلى ابتكار أفكار جديدة وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجههم بعيداً عن أسلوب التفكير الرتيب والوسائل التقليدية المكلفة.

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة