حوار / شقران الرشيدي
يقول خبير التطوير والتدريب وبناء فِرَق العمل، المستشار جمال سعيد: “لقد دخلت العديد من الوظائف الجديدة إلى السوق في السنوات الـ25 الماضية؛ والعديد من الوظائف الجديدة انبثقت وتطورت من وظائف كانت موجودة من قبل”. ويشير إلى أن الكفاءة في العمل هي السمة الأساسية للشخص، و التي تُمَكنه من تقديم أداء متفوق في كل وظيفة أو دور، وعندما نتعامل مع مشكلة تتعلق بنقص الكفاءة لدى شخص ما؛ فإننا ننظر إلى كل عنصر من هذه العناصر، ونسأل: هل يرتبط نقص الكفاءة بنقص المعرفة في مجال معين أم بمهارة يحتاج الشخص المعني إلى تطويرها؟ أو هل يرتبط بالموقف أو العقلية التي يتبناها الشخص في كيفية القيام بالأمور؟ ويوضح أن العديد من المديرين والمشرفين يواجهون صعوبة في إيجاد التوازن عندما يتعلق الأمر بإدارة رؤسائهم ومرؤوسيهم. ويتناول الحوار عدداً من المحاور المهمة.
الــمهــن والــمهــارات الــجديــدة
ما هي المهن والمهارات الجديدة التي دخلت أسواق العمل العالمية، وكيف يمكن مواجهتها؟
لقد دخلت العديد من الوظائف الجديدة إلى السوق في السنوات الـ25 الماضية؛ لكنني أود أيضًا أن أضيف أن العديد من الوظائف الجديدة قد انبثقت وتطورت من وظائف كانت موجودة من قبل، نظرًا للتغيرات السريعة في التكنولوجيا، والمتطلبات والإجراءات الحكومية، وديناميكية السوق، والاتجاهات والمنحنيات الاجتماعية، وما إلى ذلك.. فقد تطورت العديد من الوظائف وتبنت أسماءً أو ألقابًا جديدة. على سبيل المثال كانت البرمجة كوظيفة شائعةً جدًّا، ومع ذلك ومع التقدم في تقنيات تطوير البرمجيات، والتحولات في منصات البرمجة، والتغيرات في سلوكيات المستهلكين وتفضيلاتهم عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التكنولوجيا؛ ستجد أن المبرمج أصبح الآن مطور تطبيقات؛ لذلك لم تختفِ بعض الوظائف بالفعل، بل تطورت. من ناحية أخرى، نجد أن العديد من الصناعات قد تم ابتداعها أو إنشاؤها، وهذه الصناعات والقطاعات الجديدة تتطلب خبراءها، والمتخصصين، والمديرين، والمشرفين، والمطورين، وما إلى ذلك.. وتشمل هذه الصناعات الجديدة: السفر إلى الفضاء، والعملات المشفرة، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والهواتف الذكية، والسيارات الكهربائية، والروبوتات، والطاقة الشمسية، وإدارة الاستدامة والبيئة، والألعاب الإلكترونية الجماعية، والتجارة عبر الإنترنت، ومنصات تجمعات الأعمال، وغيرها، والتي دخل العديد منها في الاقتصادات العالمية في العقدين الماضيين. وأفضل طريقة للتعامل مع هذه الصناعات الجديدة هي التعرف عليها وتعلمها والتكيف معها، وإذا فكرنا في الإمكانيات التي قد تجلبها هذه الصناعة الجديدة إلى صناعة تقليدية أو قائمة؛ فسنبدأ في رؤية فرص النمو، وإليك مثالًا بسيط جداً: كمالك مطعم اليوم، من الضروري أن تنشئ موقعًا على الإنترنت، لتلقي الطلبات وتوصيل الوجبات إلى المكان المطلوب من العملاء؛ حيث يفضل العديد منهم تناول طعامهم في المنزل أو في العمل، إذا لم يتفاعل مالك المطعم مع هذه النظم الجديدة فسيحدّ من فرص النمو، ويقلّص حجم الفئة الاستهلاكية المستهدفة، أو حتى الخروج كليًّا من السوق.
عــدم الــكــفــاءة
ما هي علامات عدم الكفاءة في العمل؟
الكفاءة هي السمة الأساسية للشخص التي تُمَكنه من تقديم أداء متفوق في كل وظيفة أو دور، والكفاءة بشكل رئيسي مجموعة من المعارف والمهارات والمواقف التي تؤثر على أداء الفرد؛ لذا عندما نتعامل مع مشكلة تتعلق بنقص الكفاءة لدى شخص ما؛ فإننا ننظر إلى كل عنصر من هذه العناصر، ونسأل: هل يرتبط نقص الكفاءة بنقص المعرفة في مجال معين أم بمهارة يحتاج الشخص المعني إلى تطويرها؟ أو هل يرتبط بالموقف أو العقلية التي يتبناها الشخص في كيفية القيام بالأمور؟ بالطبع، الأسهل إدارةً وحلًّا هو النقص المرتبط بالمعرفة، ويكون التدريب والمتابعة كافييْن؛ أما عندما يتعلق الأمر بتحسين المهارة؛ فيتطلب التدريب والتكليف بمهام أو مشاريع مناسبة، وتقديم الملاحظات والمتابعة.. إلخ؛ لذا فإن تطوير المهارة سيتطلب جهدًا أكبر ومهارات مختلفة، وأطلب من المديرين والمشرفين أن ينظروا إلى أبعد من الأساليب والتقنيات المعتادة المتعلقة بتطوير المعرفة والمهارات، وأن يوظفوا ويمارسوا مهارات الاستماع الفعال والتوجيه والتعاطف والمتابعة المنتظمة وتقديم الملاحظات، وأن يكونوا أكثر تأثيرًا وإلهامًا مع اهتمام عميق وإيمان بتطوير الأشخاص أو الأفراد
الــرؤســاء والــمـرؤوسـيــن
يعد التعامل مع الرؤساء والمرؤوسين “فنًّا” لا يتقنه إلا القليل، فما هي المهارات المطلوبة لتحقيق ذلك في بيئات العمل؟
إن العديد من المديرين والمشرفين يواجهون صعوبة في إيجاد التوازن عندما يتعلق الأمر بإدارة رؤسائهم ومرؤوسيهم، فالقصة لا تنتهي هنا؛ حيث نحتاج أيضًا إلى إدارة زملائنا في العمل، وإدارة أنفسنا، وأود أن أؤكد أن الإدارة الذاتية هي الأهم، وللأسف تحظى بأقل قدر من الاهتمام، وبناءً على تجربتي الشخصية، وبالرجوع إلى العديد من الدورات التي نقدّمها في التدريب والاستشارات، أود أن أقول إن واحدة من أهم المهارات التي يجب على المدير اكتسابها لإدارة بيئة العمل، أن يكون واعيًا لذاته وسلوكياته، ولقد كنت على حق في سؤالك: عندما قلت إن قلة قليلة فقط يتقنون فن التعامل مع رؤسائهم ومرؤوسيهم؛ وذلك لأنهم يجدون الوقت للتفكير في أنفسهم وسلوكياتهم، واكتساب البصيرة في نقاط قوتهم وضعفهم، وصقل نقاط القوة، والعمل على تحسين النقاط الضعيفة، والوعي الذاتي؛ وهو ما يميز المدير أو القائد الاستثنائي عن المدير أو القائد العادي.
خـــدمة عمــلاء رائــعــة
هل تتفق مع مقولة: «لا يمكن للشركات تقديم خدمة عملاء رائعة دون أن يكون لديها خدمة داخلية رائعة»؟
المنظمة التي تكون سعيدة وصحية داخليًّا ستتجاوز دائمًا توقعات العملاء. إذًا كيف يمكننا بناء منظمة سعيدة وصحية؟ حسنًا، عندما ننظر إلى المنظمات والشركات التي تفشل في جهودها لخدمة العملاء، نجد أن العديد من مؤشرات الأداء الداخلي تعمل بشكل عكسي؛ بدلًا من التوجه في الاتجاه الصحيح، مثل: عدم استجابة القيادة لاحتياجات المنظمة، وسيطرة عقلية العزلة والصومعة بين الأقسام المختلفة، ونقص التعاون والتنسيق بين الموظفين، وقنوات الاتصال الضعيفة، وبطء حل المشكلات التنظيمية، ضعف المهارات والممارسات الإدارية، وارتفاع معدلات فشل المشاريع، وثقافة اللوم التي تحل محل المسؤولية والمحاسبة..وغيرها . كل هذه المؤشرات هي عوامل داخلية؛ مما يعني أنها تحت السيطرة الكاملة للمنظمة لإصلاحها أو تعديلها، وعندما تبدأ هذه المؤشرات في التحسن والتوجه في الاتجاه الصحيح، فهذا يعني أن المنظمة تسير نحو بيئة عمل أكثر صحة وسعادة؛ حيث يتعاون الموظفون، ويدعمون بعضهم البعض، ويحلون المشكلات بمعدل أعلى، ويساهمون بأفكار جديدة، ويحسنون العمليات ويجعلونها أكثر كفاءة، وفي النهاية يؤمنون بأنهم يضيفون قيمة إلى منظمتهم.. كل هذا ينعكس على كيفية تعامل الموظف السعيد مع شكاوى العملاء، واستجابته لاحتياجاتهم، وخدمتهم بطريقة تجعلهم لا يرون ضرورة للتحول إلى منافس آخر.