نشرت في العدد الجديد من مجلة "الإدارة العامة" التي يصدرها معهد الإدارة العامة دراسة ميدانية حديثة توصي باســتحداث إدارات منفصلة للعمليات الابتكارية وتسهيل الإجراءات

في ظل البيئة التنافسية شديدة التعقيد يواجه الابتكار المؤسسي ضغوطاً، وفراغات، وحواجز تجبر المنظمات العامة التــي تعتمد على أســاليب الإدارة التقليدية التحول نحو الرشــاقة الإدارية التي تعتمــد على الرؤى متعددة التخصصات، وحول المحددات الرئيســة وأولويات المنظمات للابتكار المؤسسي بالشــكل الذي يضمن تحسيــن جودة الخدمات الحكومية من ناحية، بالإضافة إلى ترســيخ مناخ عمل داعم لمزيد من ممارسات الابتكار من ناحية أخرى، أجرى الدكتور محمد السيد أبو الفتوح، أستاذ الإدارة العامة المشارك بمعهد الإدارة العامة في المملكة العربية السعودية، وأستاذ الإدارة العامة المساعد بقسم الإدارة العامة والمحلية في كلية العلوم الإدارية بجمهورية مصر العربية، دراسة ميدانية بعنوان "الدور الوسيط للابتكار المؤسسي في العلاقة بين القيادات الإدارية الرشيقة وجودة الخدمات الحكومية، دراسة ميدانية على موظفي الخدمة المدنية بالمملكة العربية السعودية"، ونشرت في العدد الرابع من مجلة الإدارة العامة الصادرة عن معهد الإدارة العامة بتاريخ ابريل 2024م.

مجتمع الدراسة

ويتمثل مجتمع الدراسة من موظفي الخدمة المدنية السعوديين، والبالغ عددهم وفق إحصائيــــات وزارة الموارد البشرية والتنميــة الاجتماعية لعام 2021م،( 824.177.1) موظفًا سعودياً.

التأثير المعنوي

وتوصلت الدراســة لعدة نتائج، لعل من أبرزها، اختلاف التأثير المعنوي لأسلوب القيادة الإدارية الرشيقة على مستوى جودة الخدمات الحكومية عند توسيط الابتكار المؤسسي لدى موظفي الخدمة المدنية بالمملكة العربية السعودية، مما يشير إلى أن القيادة الإدارية الرشــيقة ونماذج الابتكار المؤسسي يفسران 93،1% من  أي تغيير يطرأ على مستوى جودة الخدمات الحكومية.

أبرز التوجهات

ولقد برز الابتكار المؤسسي في الصدارة بسبب التطور في كافة القطاعات الصناعية والخدمية، ولهذا تعتبر ممارسات الابتكار المؤسسي أحد أبــرز التوجهات التي تعتمــد عليها المنظمات العامــة من أجل التغلب على الصعوبات التي تفرضها بيئــة العمل الحديثة، بالإضافة إلى كونه أداة للتطوير التنظيمــي لكي تتوافق رغبات واحتياجات فئات عديدة في المجتمع مع تطلعاتهــم المتجددة، وفي الآونة الأخيرة، تركز الأبحاث العلمية على الدور المهم للابتكار المؤسسي، حيث لم يعد الابتكار المؤسسي يعرب عن التغيير المؤسسي فحسب، بل يشمل أيضاً ابتكار النظم الاجتماعية، والاقتصادية والإدارية، وتغيير القواعد التي تحكم الســلوك البشري والعلاقات المتبادلة، وتغير العلاقة بين المنظمات وبيئتها الخارجية. لذلك؛ يعد الابتكار المؤسسي قوة دافعة مهمة لتعزيز الابتكار المستقل، والتنمية الاقتصادية للمجتمع.

توصيات الدراسة

اســتنادا إلى ما تم التوصل إليه من نتائج من خلال الدراســة الميدانية، توصي الدراســة بمجموعة من التوصيـات تتمثل فيما يلي:

1 - تحســن جودة واســتدامة الخدمــات الإلكترونية، وتحديث الأطر والأنظمة التنظيمية الموثقة، من خلال توفير بيئة جاذبة للعاملين لتمكين تطوير الخدمات الرقمية، ومراجعة الأطر التنظيمية والأنظمة لمواكبة التغييرات المتسارعة، ورفـع مسـتوى نضـج الخدمـات المقدمة مـن خلال نشـر معاييـر مشتركة تطبـق فـي جميـع المستويات الإدارية.

2 - التحــول من الهياكل التنظيمية الهرميــة Structure Organizational Hierarchical إلى هياكل تنظيمية شبكية مرنة Structure Organizational Network تضمن تبادل الخبرات بين جميع المستويات التنظيمية، بالإضافة إلى تعزيــز الشراكات الخارجية بما يسهم بشكل مباشر في توطين التقنيات الرقمية داخل المنظمة.​

تسـريع التجـاوب مـع المستفيدين مـن خلال تقديـم خدمات مرتكزة على تجربة المستفيدين، وتحسيـــن التفاعـل الآلي في المواقع الإلكترونية، بما يضمـن سـهولة الـرد على الاستفسارات أو الشـكاوى.

4 - تحفيــز وتبنــي الابتكار الرقمي في كافة الممارسات العملية من خلال دعم التجارب والمبادرة كجزء مــن عملية التعلم، وتوفر الدعم للموظفين، وضمان تبنيهم للتحول الرقمي بالتدريب والتوظيف الصحيح، وتشــجيع الابتكار لبنــاء نماذج الأعمال الرقمية، ونشـر الوعـي والمعرفة الرقميـة، وتأهيـل كـوادر ذات كفـاءة للدفـع بعمليـة التحـول الرقمـــي، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة الابتكار، والتحســن المستمر، من خلال تشــجيع الموظفين على تعلم التقنيات والعمليات الجديدة وتجربتها.

5 - بنـــاء شـــراكات استراتيجية لتأسـيس مراكـز الابتكار، والبحـــث والتطويـر الرقمـي من خلال إنشــاء وحــدات إدارية تعنى بالابتكار داخل المنظمة، تعمل على تبني الأفكار والحلول الرقمية.

6 - وضـع منهجيـة لتطويـر القيـادات الإدارية، وإزالة العوائق التي يواجهها تطبيق مدخل الرشاقة الإدارية داخل بيئة العمل، من خلال الاستعانة بالقيادات الإدارية التي تدعم التطويــر وتؤمن بالاستثمار البشري لتقديم أفكار جديــدة، بالإضافة إلى ضرورة إعادة هندسة الموارد البشرية لتنفيذ أســلوب الإدارة الرشــيقة من خلال إجــراء تغييرات في مهارات وسلوكيات القادة.

7 - إعادة تشكيل استراتيجية المنظمة بطريقة ديناميكية تتوافق مع متطلبات البيئة المحيطة، بتدعيم الأنشطة الجماعية عن طريق فرق العمل وتعزيز ثقافة المشاركة، واستخدام نظم الدعم المرنة لكي تتلاءم مع الظروف المتغيرة للأوامر.

8 - وضع الأدلة الإسترشادية ونماذج تطوير كفاءات الموظفين وإطار عام للجـدارات، مما يسهم في تطويــر العاملين في كافة المستويات الإدارية من خلال رفع مســتوى مهارات الموظفين الحاليين أو توظيف مواهب جديدة تتمتع بالخبرة اللازمة في مجالات مثل تحليلات البيانات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

9 - العمل على استحداث إدارات منفصلة قادرة على تسيير العمليات الابتكارية وتسهيل الإجراءات المصاحبة لها، من خلال توفير الموارد المالية والتقنية اللازمة، وتقديم الدعم والمساندة مــن قبل الإدارة العليــا لتحقيق الابتكار المؤسسي، وتوفير الموارد اللازمة والتدريــب المستمر للموظفين، وتعزيــز التفاعل والتعــاون بني المستويات الإدارية المختلفة، مما يسهم في تســـريع تجـــاوب المنظمة مـــع المستفيدين ورفـع مسـتوى رضاهـم، وتحسين الإجراءات وتبسـيطها وتسـهيل الوصـول إليهـا.

10 - الاستفادة من التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والتحليلات الضخمة، والحوسبة السحابية لتطوير منتجات وخدمات جديدة، من خلال تنفيذ تدابير أمنية للحماية من التهديدات السبرانية، ولدعم المبادرات الرقمية.

11 - إجــراء مقارنات مرجعية Benchmark مــع عدد من المنظمات الدولية، لنقل وتوطين أفضــل الممارسات، وتحقيق التميز في الأداء والإنتاجية، مــن خلال تحديد الفجوة بين طــرق تنفيذ العمليات، والجهــات الأخرى صاحبة الأداء المتميز، وتوظيف مخرجات المقارنة من خلال طرح مبادرات وابتكارات تحسن من أساليب العمل.

12 - وضع خطة تنفيذية لتحســن، وتطوير العمليات على أن تعد بطريقة مبتكرة ومنهجية قابلة للتطبيق، بالاستغناء عـن التعاملات التقليديــة مــن خلال ضمــان موثوقيــة التعاملات الإلكترونية، واســتقطاب الشـركات الرقميـة الناشـئة وتبـادل الخبـرات مـع الدول الرائدة في مجالات الابتكار الرقمي.

​ 

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة