سيكولوجية الألوان ودورها في التواصل والتسويق

​​

 

''علماء النفس التسويقي ينصحون بأن الانطباع اللوني الدائم يتم خلال 90 ثانية، ويمثل 60% من القبول أو الرفض

''النساء تشعرن بالراحة عند رؤية الألوان “الدافئة" بينما يميل الرجال يشعرون بالراحة عند رؤية الألوان “الباردة"

​ 

 

د. آدم أحمد حسن

إدارة النشر- معهد الإدارة العامة

معظمنا لديه لون مفضل، أو يفضل بعض الألوان على غيرها؛ وذلك لأنها يمكن أن تؤثر على حالتنا المزاجية لذلك نحيط أنفسنا بالألوان التي لها تأثير إيجابي على مزاجنا. على سبيل المثال، يمكن أن يعزز اللون الأحمر طاقتك، والأصفر غالبًا ما يجعل الناس يشعرون بالسعادة، وقد ثبت أن اللون الأزرق يخفض ضغط الدم ويبطئ معدل ضربات القلب؛ وهذا هو السبب في أنه يرتبط غالبًا بالاسترخاء. إذا قمت بدمج السعادة مع اللون الأصفر والشعور بالاسترخاء باللون الأزرق، فستحصل على اللون الأخضر، وهو لون ممتع للغاية لكثير من الناس.

 

دلالات واتصال ودور مهم

عزيزي القارئ، إن الألوان المختلفة تعني أشياءً مختلفة في أماكن مختلفة؛ لذلك من المهم جدًا أن يعرف المصممون هذا لأنه بدون الوعي بالألوان ودلالاتها يمكن أن تخاطر بالإساءة إلى جمهورك المستهدف بأكمله. ومن الأهمية بمكان أن نلفت إلى أنه خلال الـ 50 عامًا الماضية أصبح التواصل بالألوان ضروريًا كجزء من تصميم ومواصفات المنتجات في المجتمعات الصناعية.

 يعد اللون أداة اتصال قوية ومهمة، ويرتبط بالمؤثرات الثقافية والاجتماعية، ويعد لغة عالمية تعبر الحدود الثقافية. إن الكثير من ردود أفعال الإنسان تجاه اللون تكون لا شعورية، ولا يكون الشخص عمومًا على دراية بالتأثيرات المنتشرة والمقنعة للون. كما يضيف اللون معانٍ كثيرة للتواصل؛ لأنه ينشط الرسالة المرئية مما يوفر انطباعًا فوريًا يكون مفهومًا عالميًا في أغلب الأحيان، وهذا مهم بشكل خاص في نقل الحالة المزاجية أو الفكرة.

فالألوان تلعب دورًا مهمًا للغاية في العالم الذي نعيش فيه، وعند استخدامها بالطرق الصحيحة يمكن أن تكون قوية وفعالة في عملية التواصل، ويمكن أن تؤثر على التفكير وتغير في التصرفات، ويمكن أن تهيج أو تهدئ الأعصاب وتريح العينين، وترفع ضغط الدم أو تحد من الشهية.

جينات وذكريات وتعليم وتدريب

يولد الإنسان ويكون لديه انجذاب نحو ألوان معينة؛ فاختيار الألوان هو نتيجة للجينات، وذكريات الطفولة المبكرة، والتعليم، والتدريب الثقافي، وجوانب أخرى من الحياة. ولدينا الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون بعد نطق جمل كاملة، وبالرغم من هذا فهم عادة يحبون الألوان الزاهية. وهكذا هو الحال مع الكبار. إن تفضيل لون على آخر يكشف الشخصية الحقيقية للإنسان.

التسويق والألوان

ينصح علماء النفس التسويقي بأن الانطباع اللوني الدائم يتم خلال 90 ثانية، ويمثل 60% من قبول أو رفض كائن أو مكان أو فرد أو ظرف. ونظرًا لأن انطباعات الألوان يتم إجراؤها بسرعة وتستمر لفترة طويلة؛ فقد تكون القرارات المتعلقة بالألوان مهمة للغاية لتحقيق النجاح.

وبالرغم من أن حوالي 80% من المعلومات التي نستوعبها عن طريق الحواس هي معلومات مرئية، فإن اللون يفعل أكثر من مجرد تزويدنا بمعلومات موضوعية عن عالمنا، إنه يؤثر على ما نشعر به. كذلك يصبح وجود اللون أكثر أهمية في البيئة الداخلية؛ حيث يقضي معظم الناس وقتًا أطول في الداخل مقارنة بالخارج.

حالات مزاجية

لقد تم استخدام اللون منذ فترة طويلة لخلق مشاعر الراحة والرحابة. ومع ذلك، فإن كيفية تأثر الأشخاص بمحفزات الألوان المختلفة تختلف من شخص لآخر. وقد تبين أن الألوان الموجودة في النطاق الأزرق تحظى بأعلى تفضيل بين الأشخاص، ذلك أن هناك أدلة تشير إلى أن الناس يميلون إلى تفضيل ألوان معينة اعتمادا على درجة الحرارة المحيطة. فالأشخاص الذين يعانون من البرد يفضلون الألوان الدافئة، مثل الأحمر والأصفر. بينما الأشخاص الذين يشعرون بالبرد يفضلون الألوان الباردة، مثل الأزرق والأخضر. يضاف إلى ذلك أن الدراسات أظهرت أن الألوان لها تأثير على مزاج الناس وعواطفهم. بالرغم من أن إحدى المشكلات الموجودة هي أن هذه الدراسات غير متسقة في تحديد الألوان التي تبرز أو تعكس حالات مزاجية ومشاعر معينة. أو بمعنى آخر، فإن العلاقة بين اللون والاستجابة السلوكية موجودة، ولكن لم يكن هناك أي اتساق فيما يتعلق بكيفية وجودها. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأبحاث خلصت إلى أن النساء يميلن إلى الشعور بالراحة عند رؤية الألوان «الدافئة»، بينما يميل الرجال إلى الشعور بالراحة عند رؤية الألوان «الباردة». وقد أظهرت بعض الدراسات أن الخلفية الثقافية لها تأثير قوي على تفضيل اللون.

معاني ثقافية

الألوان لها معانٍ مختلفة في الثقافات المختلفة، فقد يرتبط لون معين ارتباطًا وثيقًا بالعوالم الداخلية لبعض الأشخاص، بينما قد يرمز إلى التنوير الأخلاقي لدى الآخرين. إن توضيح دور الألوان في الحياة اليومية يستلزم دراسة شاملة. ومع ذلك، فمن المؤكد أن لها معانٍ مختلفة وفقًا للأمة أو المنطقة أو الثقافة المعنية. فاللون له معنى رمزي يتغير بين الثقافات المختلفة، إذ يمتص الناس رمزية اللون، ويطورون تفضيلهم ورد فعلهم من مرجع متأصل في ثقافتهم. لكن من المؤكد أن الألوان تؤثر بشكل وثيق على مشاعر الناس، ذلك أن استخدام الألوان قد يثير لديهم مشاعر معينة، مثل الحزن والسعادة والتحفيز.

 

 

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة