المهارة القانونية في التسويات التجارية

​​

كثيرًا ما يتكرر على ممارسيّ الأعمال التجارية والأعمال المهنية المصاحبة لها مثل الخدمات المالية أو المحاسبية أو القانونية، مصطلح التسوية الودية أو الوساطة أو المصالحة، خاصةً مع زيادة أو تكرار التعاملات والعمليات وتداول العقود والاتفاقيات بين مختلف أطراف العملية التجارية.

وقد يكون من أبرز الأعمال التي يمارسها المحامي أو المستشار القانوني في قطاع الشركات والأعمال التجارية؛ الجوانب المرتبطة بالمنازعات التي قد تنتج عن الأعمال التجارية ومحاولة تقليص المخاطر الناتجة عن هذه المنازعات بما يخدم مصالح الأطراف ويحافظ على توازن مراكزهم المالية والقانونية.

وربما يكون من أبرز الأسباب التي تدفع التجار والمحامين والمستشارين لبحث سبل التسوية الودية عند بداية المنازعة، هو نظرتهم نحو المصالح التجارية وما يخدم استدامة ونمو الأعمال أكثر من نظرتهم نحو استمرار المنازعة وارتفاع التكلفة والخسائر؛ نتيجةً لاستمرار النزاع بين أطراف العملية التجارية.

لذلك ظهرت وبرزت مهارة المفاوضات والوساطة في تسوية المنازعات التجارية، وأصبحت أحد أهم الأعمال التي يمارسها المحامي في القطاع التجاري، مما يدفعني في هذا المقال إلى التطرّق لبعض المحاور المهمة في رحلة الوساطة والتسوية في المنازعة التجارية:

- الاطلاع على طبيعة النزاع وتحليل دوافع الأطراف نحو النزاع:

يجب على ممارس أعمال الوساطة أن يطلع على طبيعة النزاع والأساس القانوني الذي بُنيت عليه العلاقة التجارية محل النزاع، ويُحلل دوافع كل طرف من المنازعة وما يدعم موقفه من مستندات، ثم يدوّن مرئياته وملاحظاته القانونية في هذا الصدد، والتي ربما سيحتاج لها عند بدء اجتماعات أو جلسات المفاوضة والوساطة المنفردة أو المجتمعة مع الأطراف.

- فهم واستيعاب مصالح أطراف النزاع:

قبل أن تفاوض أحد أطراف النزاع أو تقدم له عروض التسوية؛ يجب عليك معرفة اتجاه مصالح كل طرف من أطراف النزاع، وما هي مواطن قوته والمواطن التي لا تخدم موقفه أو مصالحه؛ لأن الحديث مع ممارس الأعمال التجارية بلغة الأرقام والحقائق التي تدعم مصالحه ربما يكون أوضح له بكثير من أيّ لغة حوار أخرى.

- العناية والاهتمام بصياغة وتوثيق نتيجة التسوية والمستند القانوني:

قد ينتهي النزاع باتفاق تجاري يرتضيه الأطراف، وقد لا يتم مراعاة تطبيق العناية الكافية بصياغة وتوثيق هذا الاتفاق؛ مما قد يفتح أبوابًا أكبر للنزاع؛ نتيجةً لعدم توثيق اتفاق الصلح أو التسوية في مستند قانوني منضبط يرسم ويوضح حدود والتزامات كل طرف.

وفي سبيل التوثيق أصبحت الخيارات متعددة أمام أطراف النزاع، والتي تُنشئ من خلالها سند تنفيذي يمكن الاحتجاج به أمام قضاء التنفيذ، مثل محاضر الصلح التي تتم عن طريق منصة تراضي، أو ربط بعض الدُفَع المالية بأوراق تجارية، مثل السند لأمر وغيرها من الوسائل التي تعطي لوثيقة الصلح قوة ومرجعية نظامية تحمي المصالح وتحفظ الحقوق وتحقق الغاية من المصالحة.

وختامًا: قد تحمل حقيقة مزاولة الأعمال القانونية التجارية تفاصيل أكثر عند ممارسة أعمال الوساطة؛ ولكن في هذا المقال أحببت التعريج على أبرز ما يدور حول هذه المهارة التي تتطلب قدرات وإمكانيات قانونية جيّدة تجتمع معها الخبرة التراكمية التي تخدم مصالح أطراف العملية التجارية، وتحدّ من المخاطر التي قد تنتج بسبب عدم تسوية المنازعات بطرق سريعة ومهنية واحترافية.

إعداد: ​أ. مصطفى ظافر




​​ 

​​

 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة