البيانات المفتوحة إحــدى الممكنــــات الرئيسية للاقتصاد الرقمــــي ونمـــــــــو الأعمــــــــــال

​​

يستعرضه معكم/ د.أحمد زكريا أحمد

أدت التطورات التقنية المتسارعة إلى تغيير في مفاهيم الحياة، والتي من بينها البيانات الحكومية أو ما يطلق عليه البعض معلومات القطاع العام. إذ أضحت هذه البيانات مفتوحة، بحيث يمكن لأي شخص استخدامها بحرية دون أي قيود تقنية أو مالية أو قانونية؛ وهو ما يؤدى إلى تعزيز الشفافية، وزيادة مشاركة المواطنين، وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية، وتشجيع الإبداع والابتكار، وخلق مجالات عمل وفرص اقتصادية جديدة، ودمج واستخدام بيانات متعددة لاكتساب المعرفة. لذلك يثمِّن الخبراء والمتخصصون أدوار وأهمية البيانات المفتوحة؛ باعتبارها إحدى ممكنات الاقتصاد الرقمي، ومصدرًا غنيًا لتنمية الفهم والإدراك، وتمكين المواطنين، ونمو الأعمال، وتسهم في تحسين حياة الإنسان. وفي ضوء ذلك صدرت الكثير من المؤلفات التي تبرز هذه الأدوار والأهمية، والتي من بينها كتاب «عالم البيانات المفتوحة: المفاهيم والأساليب والأدوات والخبرات»، تأليف «يانيس شارالابيديس وآخرون»، الذي قام بترجمته للغة العربية د.فهد بن محمد الفريح، ضمن إصدارات معهد الإدارة العامة للعام الحالي، والذي نستعرضه معكم في هذه السطور.

 

 

 

نظرة عامة

يتكون الكتاب من 9 فصول مختلفة، إضافة إلى تمهيدين، ومقدمة، وقائمة المراجع، وملحق، وتقع جميعها في 390 صفحة. تسلط الضوء على البيانات المفتوحة بشكل عام، ومراحل حياة إنشائها واستخدامها، وتوجهاتها وسياساتها، وقضايا تنظيمية تتعلق بها، ومدى قابلية التشغيل المتبادل لها، والبنى التحتية لها، وقيمة البيانات المفتوحة ونماذج الأعمال، ونماذج تقييمها، ومجالات واتجاهات بحث فيها.

يستهل المؤلفون الكتاب بالفصل الأول الذي يقدم «نظرة عامة» إلى عالم البيانات المفتوحة التي لها أوجه مختلفة، أهمها نموها الكبير خلال العقد الماضي، وهو ما يتواكب مع النمو الكبير على المستوى التقني ووجود تطبيقات خاصة على الهواتف الذكية للاستفادة من تلك البيانات التي أدت عملية إتاحتها للعامة إلى ظهور مخزون هائل منها، وتم عرضها للمستفيدين منها. وفي هذا الصدد يسلط هذا الفصل الضوء على بناء عالم جديد للبيانات المفتوحة، وتطوراتها التاريخية، وأهدافها، وأصحاب المصلحة، والاختلافات بينها وبين البيانات الضخمة والعلاقة بينهما، وفوائدها، والجانب المظلم لها والمتمثل في مخاطرها، إضافة إلى أحدث التطورات الخاصة بها.

مراحل حياة وتوجيهات

ويستعرض الكتاب في فصله الثاني «مراحل حياة إنشاء واستخدام البيانات المفتوحة»؛ لتحديد الخطوات الرئيسية للنشر والاستخدام وتحليل سيناريوهات مختلفة من وجهة نظر الناشر. فيناقش الفصل المتطلبات الحديثة لتوفير واستخدام البيانات المفتوحة، ودورة حياتها، والاستخدامات المختلفة لهذه الدورة، والاستنتاجات ومبادئ البيانات المفتوحة.

ثم ينتقل المؤلفون إلى الفصل الثالث المعنون: «توجيهات وسياسات البيانات المفتوحة»، والذي يتطرق إلى خصائص وعناصر هذه التوجيهات والسياسة، وأمثلة للعناصر الخاصة بها، ويخصص تجارب لدول معينة أوروبية، مثل هولندا. وبصفة عامة فإن هذا الفصل يتناول تعريف تلك السياسات، وعناصرها، والتوجيهات المعززة لتطويرها، وأمثلة على سياسات البيانات المفتوحة على مستويات مختلفة، والاستنتاجات والدروس المستفادة من هذه السياسات.

قضايا تنظيمية والتشغيل المتبادل

أما الفصل الرابع من الكتاب فيهتم بقضايا تنظيمية تتعلق بعملية فتح البيانات الحكومية، إذ نتيجة الأرقام الضخمة لهذه البيانات يتم تخزينها في أرشيف لا يمكن الوصول إليه من قِبَل الآخرين لموظفي الجهة، وخلال ذلك تواجه المنظمات عدة قضايا تشمل: عدم وجود إجراءات قياسية، وتهديدها لمبدأ انتهاك الخصوصية عند نشر البيانات، أو عرض بيانات السياسة الحساسة بطريق الخطأ، وخطر سوء استخدام البيانات والمشكلات المتعلقة بملكيتها. ولذلك يقدم المؤلفون حلولًا للحد من خطر انتهاك الخصوصية، وتطوير بنية تحتية للبيانات المفتوحة تعزز التنسيق بين الجهات الفاعلة في هذا المجال.

ويطرح الكتاب في الفصل الخامس منه «قابلية التشغيل المتبادل للبيانات المفتوحة»، والتي تعد ذات أهمية قصوى، خاصة عندما يرتبط الأمر بتبادل البيانات بين منظومات مختلفة أو منظمات، ولا سيما في الحالات التي تتم عبر الحدود. ولذلك يلفت هذا الفصل إلى 5 نقاط مهمة، أولاها قابلية التشغيل المتبادل عالي الديناميكية في منظومة البيانات المفتوحة، تليها دورة حياة البيانات داخل الويب الدلالي، وتعقبها الأنطولوجيا كوسيلة لتوفير الدلالات، وتبرز رابعتها جوانب جودة البيانات المفتوحة، إضافة إلى تقييم وتحسين هذه الجودة.

البنى التحتية والقيمة

ويصحبنا الفصل السادس إلى «البنى التحتية للبيانات المفتوحة»، من حيث تشكيلها، ومتطلباتها الوظيفية، وبناء الثقة في هذه البنى، وأمثلة واقعية لها تتمثل في مشروع فضاء البيانات الصناعية ومشروع سوق البيانات النمساوي.

وتحت عنوان «قيمة البيانات المفتوحة ونماذج الأعمال»، يلقي الفصل السابع الضوء على الإجراءات التي يتم بموجبها تحويل البيانات بشكل مفتوح لجعلها ابتكارات ذات معنى وقيمة للقطاعين العام والخاص. وأكثر تحديدًا فإن النقاش في هذا الفصل يركز على مدى وكيفية إمكانية جعل هذه الابتكارات مشروعة. لذلك يطرح الفصل 4 نقاط أساسية، وهي: المفاهيم الرئيسية كالقيمة والقيمة العامة ونموذج العمل، وسلسلة قيمة البيانات المفتوحة ونماذج الأعمال، واستثمار البيانات المفتوحة في القطاعين الخاص، والعام.

نماذج ومجالات واتجاهات

ويقدم الفصل الثامن «نماذج تقييم البيانات المفتوحة»، فيحلل نماذج التقييم القائمة في مجال نظم المعلومات، ويعرض أوجه مختلفة من التقييم عبر أمثلة تطبيقية، بالإضافة إلى بناء تصنيف للمقاييس والأوزان بغرض تقييم جودة البيانات المفتوحة وبواباتها ووظائفها، وعرض إرشادات لبناء إطار التقييم مجسِدًا بذلك أوجه تقييم مختلفة.

وختامًا، يستهدف الفصل التاسع من الكتاب توضيح نطاقات البحث الحالية والمستقبلية حول نشر ومعالجة واستخدام البيانات المفتوحة. فيبرز منهجية تصميم التصنيف، ومراجعة أدبيات البحث، وتصنيف أبحاث البيانات المفتوحة، بالإضافة إلى مناقشات حول بعض المنشورات والمساهمات وأساليب البحث.

 

​ 

 
 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة