مهارة إدارة المحاضرات الطلابية

​​​​​

المهارة هي عبارة عن البراعة والقدرات الاستثنائية المميزة في تنفيذ أداء معين، في حين أن الإدارة هي مجموعة من العمليات (التخطيط، التنظيم، التوجيه والقيادة، الرقابة، اتخاذ القرار) التي يتم توظيفها في بيئة العمل من أجل استثمار أمثل للموارد (البشرية، المادية، المالية، المعرفية، التكنولوجية، الوقت)؛ للتمكن من الوصول إلى تحقيق الأهداف بفاعلية (بلوغ الهدف المنشود بنجاح)، وبكفاءة (تحقيق الهدف المنشود بنجاح نوعي مميز وذات قيمة مضافة وبوقت قياسي واستثمار أمثل للجهود والموارد). بينما نعرف المحاضرة بأنها عبارة عن عملية يتم من خلالها توصيل ونقل رسالة ما (مادة علمية، معلومات، فكرة، معرفة) لطرف آخر وهو الطالب المعني في هذا الموضوع، والذي يتمثل في شخص الباحث أو الساعي إلى التعلم لاكتساب المعرفة أو لتلقي معلومة في مجال معين.

مسؤولية كبيرة

إن مهارة المحاضرات الطلابية إذن هي قدرات استثنائية مميزة في تنفيذ العملية التي يتم من خلالها تقديم المادة العلمية لذوي العلاقة من الطلبة؛ من أجل الوصول إلى مخرجات مميزة من الطلبة ممن يحملون العلم والمعرفة الذي يعزز من قدراتهم المعرفية وتمكينهم من المساهمة في مدخلات منظومة التطور المجتمعي بكفاءة واقتدار؛ الأمر الذي يبرز أن إدارة المحاضرات الطلابية هي عملية إدارية صعبة ومعقدة لا تقل صعوبتها عن صعوبة القائمين على إدارة المنظمات الماكروية (الكبيرة)، ولربما تعد إدارة المحاضرات الطلابية، سواءً أكانت في المؤسسات التعليمية الجامعية أو مؤسسات التعليم المدرسي، الأكثر صعوبة وتعقيدًا؛ بسبب عوامل كثيرة أهمها العوامل الأدائية المتعلقة بارتباطها الفعلي بأداء تعليمي مباشر يلامس أحداث واقعية تمارس في نفس الزمان والمكان الذي يسوده مزيج من التحديات التنظيمية، كالتبعية الإدارية والتعليمات والقوانين، والتحديات السلوكية التي ترتبط بمزيج متنوع من الطلبة وذويهم وزملاء العمل المتغايرين في الجوانب الاجتماعية والثقافية والنفسية والديموغرافية التي بالطبع تنعكس على المستوى الفكري والسلوكي؛ الأمر الذي يفرض على القائمين على هذه المهنة التعليمية مسؤولية كبيرة في إدارة هذا الدور الوظيفي المتشعب بتغيراته التمتع بالحكمانية والعقلانية واتقان مهرات استثنائية للتمكن من تحقيق رسالة هذه المهنة السامية بكفاءة وفاعلية، ومن أبرز تلك المهارات التي يتوجب توفرها لدي الدرسين ما يلي:

أولاً: اتقان مهارة تطبيق عمليات الإدارة المختلفة، كالتخطيط مثلاً الذي يضمن للقائمين على عملية التدريس أداء وظيفي يتسم بالإعداد والجاهزية والتحضير المناسب للمحاضرات والمواد التعليمية ورسم الخطط وفق المنهج العلمي والاستراتيجيات المبنية على رؤية ورسالة وسياسات وأهداف فاعلة في تحقيق رسالة التعليم للطلبة. أما عملية التنظيم فهي عملية إدارية تُمكِّن المدرسين في مهارة تنظيم الذات في كافة متطلبات أداء مهنة التدريس، وتمكنهم في ترتيب وتنسيق المجموعات الطلابية للعمل بشكل جماعي وفق مهام وواجبات وعلاقات فاعلة. بينما تعتبر عملية التوجيه والقيادة عملية إدارية فاعلة، من خلال تقديم النصح والإرشاد للطلبة والعمل معهم جنباً إلى جنب بروح الجماعة والفريق الواحد والتأثير فيهم بتحمل المسؤولية والإبداع في البحث والدراسة والتعلم والسلوكيات الإيجابية، من خلال المبادرة والعمل مع الطلبة بمبدأ القدوة والتعاون والتشاركية والصفات الإنسانية في التعامل مع الطلبة المبنية على الاتزان والعقلانية والحكمة في السلوك. بينما عملية الرقابة التي تتطلب المتابعة لأداء الطلبة وفقاً لمعايير وخطط المؤسسة التعليمية لضمان مسار تعليمي صحيح يحقق من خلاله الطلبة النجاح والتميز. في حين إن اتخاذ القرار-أيضاً-عملية إدارية مهمة يجب على المدربين ممارستها بأسلوب علمي وعقلاني، يتحقق من خلالها قرارات رشيدة تبنى على معلومات حقيقية تنعكس على الطلبة والمخرجات التعليمية، كالعدالة مثلاً في نتائج التقييم والامتحانات التي تمنح للطلبة وغيرها من الحقوق التعليمية.

مهارات الإتقان والتحلي

ثانياً: إتقان مهارة الإدارة كفن يتطلب الديناميكية وسرعة البديهة والمرونة والقدرة على التواصل والانفتاح والتأثير على الطلبة، من خلال السمات الشخصية الإيجابية التي تجذب انتباه الطلبة وتشويقهم للتعلم، والتحلي بالروح الرياضية التي تتطلب سلوك حيوي ونشاط دؤوب في التعامل الإيجابي مع الطلبة داخل المحاضرات الصفية أو خارجها. 

ثالثاً: إتقان مهارة الإدارة الظرفية أو الموقفية التي تتطلب المرونة في تفهم حالات الطلبة وظروفهم الشخصية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والنفسية والعمل على التفاعل والتكيف مع ذلك الواقع والقدرة على احتواء الطلبة وسلوكياتهم المختلفة بما يتوافق من المنطق والقوانين.

رابعاً: إتقان مهارة الاتصال والتي تشكل ركيزة أساسية في مهنة التعليم والتدريس؛ كونها تعتمد تماماً على عناصر منظومة العملية الاتصالية التي تتطلب أن يكون المدرس مرسلاً بارعاً في نقل الرسالة والمعلومة، وفي الوقت نفسه مستقبلاً فاعلاً في تلقي الرسالة من الطلبة بإصغاء وذكاء عاطفي يضمن تحاور وتفاعل بناء يحقق المنفعة المتبادلة والهدف المنشود من العملية التعليمية.

خامساً: إتقان مهارة الإدارة بالأهداف التي تستند على مبدأ العمل وفق أهداف بحيث تكون الأهداف محددة، وقابلة للقياس، ومنطقية، وقابلة للتحقيق، خلال فترة زمنية، وأن يكون مسار العمل للوصول إلى الأهداف مبني على التشاركية والتشاور والعمل بروح الفريق، والتقييم المستمر للأداء، ومكافأة المبدعين وتصويب مسارات العمل التي لا تتوافق مع مسار الهدف المرسوم.

سادساً: التحلي بالقيم والمبادئ والأخلاق الكريمة، من خلال التعامل الإنساني القائم على مراعاة مشاعر الآخرين والاحترام والتقدير والصدق والإخلاص والتفاني في العمل والعطاء والتحفيز الإيجابي للطلبة على الجد والإبداع والتميز، والعدالة في التعامل دون تمييز أو تحيز لأي اعتبار.  

وانطلاقاً من أهمية هذه المهارات في إدارة المحاضرات الطلابية؛ فإن ذلك يتطلب من العاملين في مهنة التدريس والتدريب، كالأساتذة والمعلمين والمدربين ضرورة مراجعة الذات وتقييم مستوى امتلاكهم مثل تلك المهارات بهدف العمل على التطوير الذاتي والتعلم المتجدد لتعزيز جوانب القوة وتقليل جوانب الضعف وذلك من خلال مصادر التعلم المختلفة التي باتت متاحة للجميع، كالجامعات والمعاهد والمراكز التدريبية المختلفة لتنعكس على مستوى أداءهم وتحقيق مخرجات تعليمية كفؤة تصب في مدخلات المنظومة المجتمعية كمحرك لعجلة التطور والتنمية.​

 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة