وظيفة الشراء بالمنظمات الحديثة


لقد مارس الإنسان وظيفة الشراء منذ أن أدرك أنه في حاجة إلى مبادلة ما يفيض عن حاجته بما يحتاجه من فوائض الآخرين. وفي وقتنا الحاضر تعد وظيفة الشراء أحد الأنشطة الرئيسية التي تمارسها كافة أنواع المنظمات، سواء التجارية أو الصناعية أو الخدمية. وفي الغالبية من هذه المنظمات تحتل هذه الوظيفة المستوى التنظيمي نفسه الذي تحتله الوظائف التعليمية الرئيسية، مثل: الإنتاج والتسويق والتمويل والموارد البشرية؛ وذلك نتيجة الوعي المتزايد من جانب الإدارة العليا بأهمية هذه الوظيفة ومدى تأثيرها على ربحية المنشأة ومركزها المالي وقدرتها التنافسية.
وقد يظن البعض أن وظيفة الشراء هي في النهاية إحدى الوظائف المعاونة التي تنفق من أموال المنظمة ولا تضيف إلى إيراداتها، مثلما تفعل بعض الوظائف الأخرى، مثل الإنتاج والتسويق، إلا أن هذا الظن ليس في موضعه تماماً؛ حيث يتوقف نجاح تلك الأنشطة الرئيسية في أداء مهامها على مدى كفاءة إدارة الشراء في توفير احتياجاتها من المواد والعدد والأدوات وغيرها بمستوى الجودة الذي يتفق مع متطلبات الإنتاج ورغبات العملاء، وبالكمية التي تضمن استمرار العملية الإنتاجية وانتظامها والوفاء بالالتزامات تجاه العملاء في المواعيد المحددة.
من الناحية التاريخية، استند تقييم أداء مديري الشراء والوحدات التابعة لهم على مدى التغير في أسعار المواد الخام، القدرة على ضمان استمرارية عمليات الإنتاج، بالإضافة إلى تكاليف العمليات التشغيلية لأقسامهم أو الإدارات الخاضعة لإشرافهم في الوقت الحالي، فإن المنظمات الرائدة تتوقع من المسئولين عن أنشطة إدارة المشتريات والأمداد تحقيق 5 نوعيات من نواتج القيمة المضافة، هي:
• الجودة Quality: إن نوعية المواد الخام والخدمات المشتراه يجب أن تكون خالية من العيوب تماماً. ويقدر البعض أن أقصى مستوي للخطأ لا يجب أن يتجاوزه 5 في المليون. 
• التكلفة Cost: يجب على وظيفة الشراء والإمداد التركيز على ما يسمى بالإدارة الاستراتيجية للتكلفة، والتي تعرف بأنها: «عملية تخفيض التكلفة الإجمالية للحصول على وتحريك وتخزين وتحويل المواد الخام والخدمات خلال سلسلة الإمداد».
• الوقت Time: غالبية الخبراء في مجالات الشراء والتصميم والتصنيع يقدرون أن الوقت المطلوب لعرض منتج جديد في السوق يمكن تخفيضه بنسبة 20 – 40% من خلال تصميم وتنفيذ نظام استراتيجي فعال لإدارة الإمداد.
• التكنولوجيا Technology: تتحمل وظيفة الشراء والإمداد نوعين رئيسيين من المسئولية في مجال التكنولوجيا، أولهما التأكد من أن قاعدة الموردين لديها تتمتع باستخدام التكنولوجيا المناسبة وتحصل عليها في الوقت المناسب، والثاني ضمان أن التكنولوجيا التي تؤثر على قدراتها وإمكاناتها الحاكمة يتم السيطرة عليها عند التعامل مع الموردين الخارجيين.
• استمرارية التوريد Continuity of Supply: يجب على إدارة المشتريات والإمداد مراقبة اتجاهات عرض الاحتياجات أن تطور قاعدة الموردين للحد من مخاطر عدم التوريد.
تحديات ومشكلات
كمعظم الإدارات الأخرى، تواجه إدارة المشتريات مجموعة من التحديات التي قد تؤثر على أدائها وتنفيذ مهامها بشكل كامل. ومن بين هذه التحديات، ما يلي:
1. نقص الموردين: يعتبر عدم توفر عدد كافٍ من الموردين أحد المشكلات الرئيسية التي تواجهها إدارة المشتريات. فعدم وجود خيارات كافية يجعل عملية اختيار المورد المناسب صعبة، وبالتالي قد يتعذر الحصول على أفضل الخيارات الممكنة.
2. توفر عدد كبير من الموردين: بالمقابل، يمكن أن يكون وجود عدد كبير من الموردين مشكلة أيضًا، فاكتظاظ السوق بالموردين وتباين عروض الأسعار يمكن أن يصعِّب على إدارة المشتريات تحديد الخيار الأمثل من بينهم.
3. قلة المصداقية من قِبَل الموردين: يعد عدم الالتزام من قبل الموردين بالمواعيد المتفق عليها أو المواصفات المطلوبة مشكلة تواجه إدارة المشتريات؛ مما يعرقل سير العمل ويؤثر سلبًا على الأداء.
4. نقص المعلومات الكافية عن المنتج: يعد عدم توفر معلومات مفصلة وشاملة حول المواد والمنتجات المطلوبة مشكلة أخرى. فإدارة المشتريات بحاجة إلى معرفة دقيقة بالمنتجات المتاحة؛ كي تتمكن من اتخاذ قرارات شراء موفقة واختيار المورد الأنسب.
5. متطلبات صعبة من الإدارة العليا: قد يواجه مسؤولو المشتريات ضغوطًا من الإدارة العليا؛ لتحقيق متطلبات صعبة، فقد يكون من الصعب تلبية متطلبات الجودة العالية دون مقابل مالي مناسب في السوق.
حلول مقترحة
وفي ضوء هذه التحديات، فإن نجاح إدارة المشتريات يتطلب التخطيط الجيد وتطبيق أفضل الممارسات؛ كي تتجاوز العقبات وضمان تنفيذ المهام بكفاءة وفعالية. ولذلك يمكن تطوير مهارات مسئولي المشتريات للتعامل مع هذه التحديات، من خلال اتخاذ الخطوات التالية:
• التدريب والتطوير: توفير فرص التدريب والتطوير لمسئولي المشتريات؛ لتعزيز المهارات الفنية والمهارات الناعمة اللازمة للعمل في مجال المشتريات، ومتابعة التطورات والاتجاهات في مجال المشتريات وتزويد المسئولين بالمعرفة اللازمة.
• تحسين الاتصال والتفاوض: يعتبر التواصل الفعال ومهارات التفاوض أمرًا حاسمًا في إدارة المشتريات. 
• استخدام التكنولوجيا والأدوات: يمكن استخدام برامج إدارة المشتريات ونظم المعلومات لتحسين الكفاءة وتتبع العمليات وتحليل البيانات. كذلك الذكاء الاصطناعي وتقنيات التحليل الضمني لتحسين عمليات اتخاذ القرار وتحسين التنبؤات وإدارة المخاطر.
• التعاون والشراكة: يمكن إقامة علاقات استراتيجية مع الموردين لضمان توفر الموارد اللازمة وتحقيق أفضل قيمة ممكنة. كما يجب تعزيز التنسيق والتعاون مع الأقسام الأخرى، مثل إدارة المخازن والإنتاج لضمان توافر المواد في الوقت المناسب.
• مراقبة الأداء وقياس الأداء: إن استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لتتبع أداء المشتريات وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، يمكن أن تشمل KPIs، مثل تكاليف المشتريات، والجودة، والتسليم في الوقت المناسب، ومستوى الرضا لدى الموردين.
وختامًا، فإن هذه الخطوات يمكن تخصيصها وفقًا لاحتياجات وظروف كل منظمة.


​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة