فن الإدارة.. ما هو الاختلاف بين القائد «الأتوقراطي» و«الديمقراطي» و«الحر» و«الأبوي»؟

​​​يصف بعض الأشخاص القيادة على أنها القدرة على جعل شخص آخر يفعل ما ترغب فيه، ليس لكونه مجبراً على ذلك، ولكن لأنه يريد ذلك، بل وصل بعضهم إلى وصف القيادة بفن إدارة الأشخاص؛ لما لها من دور كبير في نجاح العمل وتطويره أو فشله وخلق بيئة عمل غير صحية. 

اختلاف
عند تفكيرك في قادة عظماء تعاملت معهم من قبل أو سمعت عنهم، ستلاحظ على الفور اختلاف أنماط القيادة الإدارية لكل منهم، فلكل قائد طرقه واستراتيجياته المتبعة عند إدارة الفريق، وأسلوب القائد هو ما يعبر عن النهج الذي يسلكه في تولي زمام الأمور، فأسلوب الإدارة الخاطئ يقتل دوافع الفريق للعمل ويقلل من إنتاجيته، بل يؤدي في الكثير من الأحيان إلى الانسحاب من العمل بمجرد ظهور فرصة أفضل. 
أكثر فاعلية
القائد المميز، هو القادر على إرشاد فريقه وتحفيزهم تجاه العمل بصورة أكثر فاعلية للإبداع والتقدم، ومع تعدد أساليب القادة واختلافها، يمكن تقسيم أنماط القيادة إلى 4 أساليب مختلفة، هي كما يلي: 
1- القيادة الأوتوقراطية (الدكتاتورية)
في هذا النمط يعتمد قائد العمل بشكل رئيسي على إعطاء الأوامر والإجبار على فعلها، فلا يوضح الخطط أو الخطوات القادمة التي سيخطوها الفريق، بل يميل إلى اتخاذ مختلف القرارات بشكل منفرد دون استشارة المحيطين به، أو أخذ آرائهم في عين الاعتبار، ويرى أن على المرؤوسين اتباع قراراته فهو الشخص الأكثر خبرة. ولا يجب أن يكون هذا النوع من القادة رافضاً سماع المحيطين به، بل يمكن أن يستمع إلى كافة الأفكار والاقتراحات المختلفة المقدمة من قبل المرؤوسين، ولكن عند وقت اتخاذ القرارات لن يعطي أهمية سوى لوجهة نظره الخاصة. وبالرغم من كون النمط الديكتاتوري للقيادة يتسبب في إلحاق الضرر النفسي على معنويات الفريق، إلا أنه يضمن للمنظمة سرعة اتخاذ القرارات، وإنجاز المهام على أكمل وجه ممكن، فلن يقوم القائد الأوتوقراطي بأخذ موافقة أعضاء الفريق قبل إصدار أي قرار؛ مما يجعل عملية اتخاذ القرارات سريعة وسهلة، ولكنه في المقابل يخسر دعم مرؤوسيه.  
2- القيادة الديمقراطية
يعتمد القائد الديمقراطي على إشراك فريق العمل في القرارات والخطوات التي تتخذها المنظمة قبل الإقدام على تنفيذها، فيتقبل آراء العاملين ويحترمها، وغالباً ما يستحوذ هذا النوع من القادة على إعجاب فريق العمل وولائهم ودعمهم الكامل، ويميلون إلى الإبداع والابتكار بشكل أكبر لخدمة العمل. وفي هذا النوع من أنماط القيادة يتسم القائد بعدة صفات من ضمنها:   
• يأخذ اقتراحات فريق العمل بجدية، ويثق في رؤيتهم. 
• يستمع إلى مشكلات المرؤوسين بانتباه بل ويعمل على إيجاد أفضل الحلول لها. 
• يولي بعض الأشخاص مهام قيادية وإدارية، ولا يواجه مشكلة في تفويض المهام المختلفة. 
• يكون أكثر مرونة في تطبيق قوانين ولوائح العمل. 
• لا يوجه النقد لأحد أعضاء الفريق أمام الآخرين. 
• يعطي للعلاقات الإنسانية أهمية كبيرة، فيتفهم مشاعر الفريق ويحرص على تلبية رغباتهم سواء على المستوى المادي أو المعنوي من أجل خلق بيئة عمل صحية تؤدي لخلق نجاح وفاعلية أكبر في العمل. 
 وينتج عن اتباع هذا النمط من القيادة زيادة التعاون بين الأفراد، والعمل في مناخ أفضل بمعنويات مرتفعة وقدرة أكبر على إظهار شخصياتهم ومهاراتهم المختلفة، مع فتح الباب لتحقيق المزيد من الابتكارات. ولكن بالرغم من المزايا العديدة التي يملكها نمط القيادة الديمقراطي إلا أن له بعض الجوانب السلبية والتي تتمثل في: 
• بطء اتخاذ القرارات نتيجة الحاجة لأخذ آراء العديد من الأشخاص.
• عدم القدرة على إشراك كافة الأعضاء في القرارات الهامة خاصة في المؤسسات الكبيرة. 
• عدم التزام فريق العمل في بعض الأحيان نتيجة مرونة القيادة. 
بشكل عام يحتاج هذا النمط من القيادة للكثير من الوقت والجهد والتخطيط الجيد من قبل القائد حتى يؤتي ثماره.
3- القيادة الحرة
يطلق على هذا النمط أيضًا القيادة الفوضوية أو المتساهلة أو قيادة عدم التدخل، وفي هذا الأسلوب يعطي القائد قدرًا كبيرًا جدًا من الحرية للعاملين، فتكون لديهم الحرية الكاملة والاستقلالية في اتخاذ القرارات المختلفة، فيفوض أعضاء الفريق في القيام بكافة المهام المسندة إليهم. وغالباً ما يتسم أسلوب القيادة الحرة بانعدام الرؤية والضبابية تجاه خطوات المنظمة والفريق، فيكتفي بتوصيل القرارات أو الخطوط العريضة إلى باقي أعضاء الفريق دون متابعة الخطى التي يتم المضي نحوها، ومدى إنجاز الفريق للمهام المتعددة، ويمتاز القائد المتساهل بعدة صفات من بينها: 
• إعطاء المرؤوسين حرية اتخاذ القرارات الهامة دون الرجوع إليه. 
• التساهل مع المتخاذلين في تأدية مهام عملهم. 
• عقد اجتماعات تتسم بالفوضى وعدم الوضوح. 
• عدم إرشاد فريق العمل أو توجيهه بخطوات ورؤى واضحة. 
• لا يشارك في حل الأزمات أو المشاكل، ويترك العاملين يقررون كيفية إيجاد الحلول بمفردهم. 
بالرغم من انعدام السيطرة على الفريق وعدم تماسك أفراد المجموعة الواحدة وشعورهم بعدم الاتزان في نمط القيادة الفوضوية، بل ووصول الأمر إلى المساءلة من قبل الجهات العليا للإدارة إلا أنه يقدم فرصة ممتازة لذوي الكفاءات للتعبير عن أنفسهم بحرية كاملة، وقدرة غير محدودة على الإبداع والتقدم في حالة كونهم على مستوى عالي من التعليم والكفاءة. 
4- القيادة الأبوية
يدور هذا النمط من القيادة حول اسمه، فيتسم القائد الأب بمعاملة مختلف أعضاء الفريق كوالد لهم فهو رب الأسرة الذي يحرص على حماية أفرادها وتوجيههم بأفضل طريقة ممكنة للوصول بهم إلى بر الأمان. ويركز هذا النمط من القيادة على العلاقات الشخصية في المقام الأول، ويقوم على الاحترام المتبادل بين فريق العمل وأبيهم، والذي يحرص على توفير كافة سبل الراحة والمناخ المناسب لإنتاجية أفضل في العمل. ويرى الكثير من القادة أن لهذا الأسلوب مزايا فريدة، فعند اتباع هذا النوع من القيادة يعمل المرؤوسون بكفاءة أكبر نتيجة لشعورهم بالولاء والامتنان تجاه قائد الفريق، وبالفعل يعد هذا النمط من أكثر الأساليب التي تضمن لك نتائج سريعة، ومعدلات نجاح سريعة، وذلك في حالة امتلاك فريق كفء يرغب في التقدم، على مستوى عالٍ من التعليم والمهارة. ولكن بالرغم من تبني الكثيرون لهذا النهج، إلا أنه يحمل بعض العيوب ومنها: 
• لا يمكن تطبيق النمط الأبوي في حالة انعدام الثقة بين فريق العمل. 
• لا يفضل قطاع كبير من العاملين السلطة الأبوية عليهم في العمل، بل يشعر البعض بالضغط نتيجة الشعور بالامتنان. 
• استغلال المرؤوسين لقائدهم في بعض الأحيان.
• توحد قائد الفريق مع الفريق بشكل أكبر من اللازم وانخراطه في مشاكلهم الخاصة. 
ليس شرطاً
وليس شرطً أن يلتزم قائد الفريق بنمط محدد من أنماط القيادة الإدارية، فتتغير أساليب القادة تبعًا للمواقف والأوضاع التي تمر بها المنظمة ويحتاج إليها العمل، فالقائد الذكي هو القادر على مزج مختلف أنماط القيادة ليخرج بنمطه الخاص الذي يحقق أقصى استفادة ممكنة بين فريق العمل. وعلى الرغم من أن تلك الأنماط الأربع التي ذكرناها هي الأكثر انتشارًا، لكن هناك العديد من الأساليب المختلفة للإدارة التي ظهرت نتيجة للتقدم الدائم في عالم الأعمال.


 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة