عقلية «السلطعون» تتربص بالموظفين الناجحين وتهدر جودة الأداء

​​إعداد/ د. أحمد زكريا أحمد​

احذر من «عقلية السلطعون» بين زملائك في مكان عملك؛ وهؤلاء هم من يمكن تسميتهم بأعداء النجاح، ويمكن تصنيفهم بين الشخصيات السامة؛ إذ يسعون للتقليل من نجاحك الوظيفي وتميزك؛ لأنهم يستشعرون أنك مصدر تهديد لهم في مكان العمل. لذلك فإن التعامل معهم بقدر من الذكاء العاطفي يسهم في جعلك بمنأى عنهم، فهذا النوع من الذكاء مسؤول بنسبة 80% عن نجاحك الوظيفي، وبالتالي فإن انخفاضه سيؤدي إلى ظهور العديد من العلامات عليك، كالتقليل من نجاحات وإنجازات زملائك، وتتحدث عنهم بشكل سلبي، ولا تتعاطف معهم، وغيرها من صفات وعلامات ذوي عقليات السلطعون الذين يبذلون ما في وسعهم حتى يجذبوك إلى داخل «الدلو»، فتصبح واحدًا من أعداء 
نجاح زملائك.
تهديد وتحيز صفري
نستهل التقرير بتوضيح فكرة ومفهوم «عقلية السلطعون، وهو ما يبرزه موقع JohnMattone الذي يشير إلى أن ما يسمى بـ «عقلية السلطعون» تقوم على مفهوم وجود السرطانات-معًا-في دلو، ففي المقابل إذا وضعت سلطعونًا واحدًا في دلو بدون غطاء، فإنه سوف يهرب في النهاية. بينما إن وضعنا العديد من السرطانات-معًا-في الدلو نفسه، فإننا لن نحتاج حتى إلى غطاء لمنع أحدهم أو بعضهم من الهروب؛ لأنه عندما يحاول أحدهم الهروب، سوف يمسكه الآخر ويسحبه مرة أخرى داخل الدلو ويمنعه من الفرار من هذا الدلو. إذ إنه في مكان العمل، تتجلى عقلية السلطعون في الأشخاص الذين لا يحبون نجاح أو تفوق الآخرين، والذين يقومون بأشياء سرًا أو علانية لمنع حدوث ذلك. وفي نهاية المطاف، فإن الموظفين ذوي عقلية السلطعون يضرون بفريق العمل أو الشركة.
ويفسر الموقع ظهور فكر أعداء النجاح الوظيفي لدى هؤلاء الموظفين بشعورهم بالتهديد في أماكن العمل؛ وذلك بسبب نجاح أقرانهم، والذي ربما يصل بهم إلى درجة من الهلع؛ فيفكرون ويتخذون كل ما من شأنه تقويض هذا النجاح، أو التقليل منه. وهو ما يطلق عليه موقع Horusvalley التحيز الصفري الذي يجعل الناس ينظرون عن طريق الخطأ إلى مواقف معينة على أنها صفرية، مما يعني أنهم يعتقدون خطأً أن مكاسب شخص آخر ستأتي على حساب خسارتهم. ويلفت الموقع إلى نقطة مهمة تفسر-أحيانًا-انتشار هذا الفكر السلبي في بيئات وأماكن العمل، من خلال تحيز آخر، وهو ما يعرف بتأثير العربة، وهو تحيز يدفع الناس إلى التفكير أو التصرف بطريقة معينة، لأنهم يعتقدون أن الآخرين يفعلون الشيء نفسه، وهو ما يمكن أن يؤدي-على سبيل المثال-إلى انتشار عقلية السلطعون المنتشرة بين مجموعة اجتماعية، مثل مجموعة من زملاء العمل في مكان العمل، عندما يبدأ الناس في إظهار هذه العقلية؛ لأنهم يرون الآخرين يفعلون الشيء نفسه. كذلك يضيف الكاتب محمد النغيمش في مقاله: إن الباحث «سيامون سبيسي» ذكر في بحث له نشر عام 2015م بعنوان: «عقلية السلطعون» أو «Crab Mentality»، أنه لاحظ أن تحقيق الناس إنجازات تفوق السائد توجد مبررات يعتبرها الآخرون وجيهة للتنمّر، خصوصاً الطلبة منهم، ما يؤثر على نتائجهم في الاختبارات.
غيرة مهنية
وربما تطفو عقلية السلطعون في بيئات وأماكن العمل المختلفة عبر ظاهرة الغيرة المهنية، والتي تطرحها صحيفة «البلاد» عبر موقعها الإلكتروني، حيث تعد مشكلة يواجهها الكثير من الأشخاص. وقد تؤثر على أدائهم وعلى انسجامهم مع المحيط المهني. وقد تنشأ بسبب التفوق والتميز أو الحصول على ترقية أو مديح المسؤولين المتواصل. لكن الحل ليس ترك العمل، بل التعامل مع غيرة الزملاء بذكاء والعمل على إطفائها وكسب ود الجميع وتوفير أجواء عمل إيجابية تساعد الجميع على تحقيق النجاح.
وقد أكد مختصون أن الغيرة شعور طبيعي يولد مع الإنسان وكل شخص يمكن أن يغير من أي شخص في محيطه يسبقه أو ناجح أكثر منه؛ لأن الكل منا يسعى للكمال، لافتين إلى أن معظم المؤسسات تضم عددًا كبيرًا من الموظفين من مختلف الطباع والعادات والتقاليد، وهذا له دور كبير في خلق المنافسة والغيرة بين الزملاء في العمل، وانعكاسا للحاجة الداخلية عند الإنسان في النمو والتفوق على غيره وتقديم الأفضل لما فيه مصلحة العمل والارتقاء به، والمنافسة الشريفة تقود إلى التطوير والإبداع في العمل دون محاولة هدم جهود الآخرين والتقليل منها، أما إذا أخذت المنافسة شكل الغيرة فمن شأن ذلك أن يضر مصلحة العمل، ويكبح الإبداع والارتقاء.
ويشير موقع qcdc.org إلى أنه يمكن أن تظهر الغيرة المهنية بأشكال مختلفة، كشعور الشخص بالغيظ أو الاستياء من زميلٍ حصل على ترقية مؤخرًا، أو من صديقٍ حصل على وظيفة أحلامه، بينما هذا الشخص في عملٍ ليس راضٍ عنه أو محبط نتيجةً فشله في تحقيق أحلامه مثل زميله. في خضم تلك المشاعر يصعب الاحتفال بنجاح من حولك في ظل الظن بأن الفرص التي اغتنموها انتزعت من الشخص انتزاعًا رغم أن وظيفة الأحلام قد تكون قاب قوسين أو أدنى منه! وبالتالي يشعر المرء بعدم الكفاءة وقلة الاحترام للذات، كما ترتفع مستويات القلق والتوتر بشكل كبير، الأمر الذي يؤدي إلى المزيد من الإحباط والتباطؤ المهني. وتعد أكبر التحديات التي يواجهها الأفراد عند معالجة موضوع حساس كالغيرة المهنية، أن ذلك العرض يظل حبيس الأنفس ولا يُجهر به، حيث لا يسهل الاعتراف بالغيرة من زميل ما بسبب إنجاز أحرزه أو علاوة استحقها. ولذلك تستمر تلك المشاعر بالتفاقم، ويتزايد أثرها السلبي على صحة الفرد النفسية وأدائه الوظيفي.
أكثر من 10 علامات
ويلفت موقع Horusvalley إلى أنه من المفيد أن تكون قادرًا على معرفة ما إذا كان شخص ما–بما في ذلك أنت–لديه عقلية السلطعون. إذ يؤكد الموقع أن العلامة الرئيسية لعقلية السلطعون هي أن شخصًا ما يحاول في كثير من الأحيان تثبيط أو تخريب الآخرين، في الحالات التي لا توجد فيها فوائد مباشرة للقيام بذلك. بالإضافة إلى ذلك، تشمل العلامات الأخرى التي تشير إلى أن شخصًا ما قد يكون لديه عقلية السلطعون ما يلي:
- الميل للتحدث بشكل سلبي عن الآخرين.
- الميل إلى الرد بشكل سلبي على إنجازات الآخرين، غالبًا بطريقة تلقائية.
- الميل إلى محاولة المشاركة في إنجازات الآخرين، في محاولة للتقليل منها.
- الميل إلى النظر إلى إنجازات الآخرين على أنها انعكاس سلبي على الذات.
- الميل إلى النظر إلى الآخرين على أنهم في منافسة مباشرة مع الذات، حتى عندما لا يكون الأمر كذلك.
- التعبير عن الرضا تجاه مصائب الآخرين.
- عدم التعاطف مع الآخرين.
- عدم القدرة على العمل بشكل جيد مع الآخرين.
- الميل للشكوى والنقد باستمرار دون أي محاولات لحل المشكلات في كثير من الأحيان.
- عدم الأمان والمرارة تجاه قدرات الفرد أو إنجازاته أو وضعه. ومع ذلك، قد يظهر بعض الأشخاص النمط المعاكس، ويحاولون تضخيم قدراتهم أو إنجازاتهم أو مكانتهم، في محاولة لتقليل قدرات الآخرين.
الذكاء العاطفي
ومن المفيد في هذا الشأن الأخذ بعين الاعتبار بُعد الذكاء العاطفي-بحسب موقع annajah-والذي أثبتت الدراسات أنه يساعد الأشخاص بنسبة 80% على النجاح المهني، وعلى النقيض من ذلك فقد يصبح انخفاضه لدى الموظفين نذيرًا لبروز عقليات السلطعون داخل أماكن العمل؛ حيث من شأنه أن يؤدي بروز علامات سلبية تشير إلى وجود أعداء للنجاح، كرفض العمل كفريق واحد، وانتقاد مفرط للآخرين، وانعدام الشغف، والتوتر تحت ضغط، ولعب دور الضحية أو عدم تحمل المسؤولية الشخصية عن الأخطاء، والاعتماد على أساليب تواصل سلبية أو عدوانية.  
القيادات تكشفهم
وفي السياق ذاته، يكشف موقع John Mattone كيف يمكن للقادة التعرف على عقلية السلطعون في مختلف فرق العمل؟ وهو ما يحدده في العلامات التالية:
• الفخر المفرط بالإنجازات.
• التعليقات أو ردود الأفعال السلبية عندما ينجح الآخرون.
• كل إيجابياتهم مخصصة لأنفسهم، وليس للآخرين.
•  يلومون الآخرين-بشدة-على إخفاقاتهم، ولا يلومون أنفسهم أبدًا.
• ينظرون إلى الزملاء على أنهم منافسون.
• نادرًا ما يظهرون التعاطف، وربما لا يظهرونه أبدًا.
• فضلون التحدث عن الناس وإخفاقاتهم، بدلاً من طرحهم الأفكار أو الحلول.
7 خطوات مهمة
ويحدد موقع Happier Human 7 خطوات لمواجهة ذوي عقليات السلطعون:
1- حدد هؤلاء الأشخاص الذين لديهم مثل هذه الأفكار لعقليات السلطعون، وانتبه جيدًا إلى من يمكنك مشاركته بأمان واعرف تمامًا مَن يحاول إحباطك، واتخذ الاحتياطات ضد الأشخاص الذين يريدونك أن تفشل وتجنبهم قدر الإمكان.
2- التفكير الذاتي وتخيل أنك لو كنت أحدهم؛ فربما كنت ستحبط نفسك. ولا تسمح للشك بأن ينتقل إلى نفسك، ودائمًا ثق في قدراتك، ولا تستسلم، ولا تتنازل بسهولة عن طموحاتك.
3- تدرب على تجاهل مثل هذه العقليات السامة، وتذكر أنه من الصعب تجاهل المغريات والخصوم، فقد يسحبونك بسهولة إذا منحتهم وقتك وطاقتك، لذا تجاهلهم بدلاً من ذلك.
4- اخط خطوة واحدة في كل مرة إذا شعرت بأن مثل هذه العقليات ومثل هؤلاء الأشخاص يسحبونك للأسفل (الدلو)، فقط خطوة للأمام، ولا تنظر إلى المدى الذي لا يزال بينك وبين بلوغك القمة.
5- التركيز على الهدف: ولا تركز فيما يحاولون أن يجعلونك تبدو عليه؛ حتى لا تفقد زخم رحلتك إلى الأمام، واستشرف ما ينتظرك في المستقبل، وتخيل وجهتك النهائية التي تحاول الوصول إليها. فكونك موجهًا نحو الهدف؛ يعني أنك ستصبح مصدر طاقة، لا هدرًا لها.
6- اتركهم وشأنهم وحاول الانتقال إلى دوائر أكبر وأماكن وبيئات عمل أفضل، وتطوير مسارات مهنية أفضل، والتعرف على من هم أفضل من ذوي مثل هذه العقليات.
7- تجنب القلق الذي ستسببه لك محاولات النيل منك وإحباطك؛ فمثل هذا القلق قد يدمرك، أو يستغرق وقتك وجهدك وطاقتك. ولا ترهق نفسك في معرفة ما يفكرون به عنك، ويقولونه عنك، وماذا يفعلون وراء ظهرك.


 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة