تلعب المجلات الإعلامية التي تصدرها الهيئات، والمنظمات، والدوائر الحكومية دوراً فعالاً في دعم رسالتها، ومبادراتها، وإبراز صورتها الإيجابية لدى المجتمع، وتفعيل التواصل بينها وبين جمهورها الداخلي والخارجي من خلال نشر المواد الإعلامية المتخصصة، والمساهمة في تعزيز رسالة المنظمة وأنشطتها وفعالياتها.
لكن هل تحقق المجلات الإعلامية التي تصدرها الجهات الحكومية أهدافها؟ وما مدى التزامها بمعايير العمل الصحفي وشروطه، والمهنية في طرح موضوعاتها؟ ولماذا تفشل الكثير منها في انتظام الصدور والانتشار؟
شريك
وفي هذا الجانب يوضح خبراء الإعلام أن الأجهزة الحكومية أثناء سعيها لتحقيق أهدافها التي أوجدت من أجلها، وأهمها خدمة المجتمع، تعمل على إصدار المجلات الإعلامية سواء بشكل أسبوعي أو شهري، حيث تعتبر أن المجلات الصادرة عنها شريكاً لها في تحقيق أهدافها من خلال التعريف والتوعية بالأنشطة، والفعاليات التي تنظمها، وفي تعزيز الفكر، والرسالة التي تقوم بها، وتعزيز درجة رضا الجمهور عنها، خاصة إن كان هناك جهود فاعلة تستحق هذا الرضا، إذ إنه من المهم الإشارة إلى أن المجلات الإعلامية أو الاتصال بالجمهور الداخلي والخارجي لا يمكن أن يصنع الرضا المطلوب ما لم يرافق ذلك عمل حقيقي يقدره المجتمع،
المهارة والمعرفة
ومن وجهة نظر الخبراء فإن العمل الصحفي الذي تقدمه المجلات الإعلامية باعتباره فناً وصناعة يقوم على المهارة والمعرفة التامة بأصول المهنة، ولابد للقائمين على تحرير وإخراج هذه المجلات أن تتوفر فيهم هذه السمات، وما يتطلبه ذلك من متابعة دقيقة، وتقييم دائم لمدى تقيدها بالضوابط والمعايير المهنية.
ويمكن الحكم على ذلك من خلال عدة مؤشرات أبسطها مدى إقبال القراء عليها، وسعة انتشارها. وغني عن القول إن تحقيق ذلك يتطلب أن تعتني المنظمة باختيار الفريق الإعلامي القائم على هذه المجلات، ففي كثير من الأمثلة تكون المجلات الإعلامية الحكومية ذات مواد ركيكة، وتحرير ضعيف، وإخراج تقليدي؛ لأن من يتولى إعدادها هي شركات إعلامية غير متخصصة أو فريق عمل غير متمرس لا يمتلك الحس الصحفي المطلوب، والكثير من هذه المجلات تشكل عبئاً مالياً على المنظمات التي تصدرها؛ حيث إن معظم هذه المنظمات تعاني من عدم امتلاكها كوادر إعلامية مؤهلة تحسن إصدار مجلاتها، وتفشل في تقديمها في قوالب إعلامية متنوعة، وشيقة، ومفيدة، كالمقالات، والتقارير، والاستطلاعات، واللقاءات، والتحقيقات الحصرية، إذ إن الملاحظ في البعض منها أن القائمين عليها يضعون نصب أعينهم فقط تغطية أخبار وأنشطة المسئولين في المنظمة أما الرسالة والتوعية، وخدمة الجمهور الحقيقي فيكون في آخر سلم الأولويات الإعلامية، وبهذا الأسلوب الإعلامي يرتكبون خطأً فادحاً ويقدمون صورة سلبية عن الجهة التي تصدرها المجلة.
عوامل نجاح
ومن عوامل نجاح المجلات الإعلامية الحكومية، هي إجرائها استطلاعات دورية تتعرف من خلالها على مدى انتشارها، وقبولها لدى الجمهور، وهو، كما يلاحظ، إجراء قد يكون معدوماً في الكثير من المجلات الحكومية؛ لأن إصدار المجلة أصبح هو الهدف بحد ذاته، وليس الهدف لتحقيق رسالة وتطلعات المنظمة التي تصدرها. كما أن هناك عدة عوامل تساعد على نجاح هذه المجلات منها، وضوح رسالتها الإعلامية، ووجود كادر إعلامي متمرس يصنع محتواها، ويحرص على صدورها بشكل منتظم، وكذلك العامل البيئي المتمثل في إيجاد مقر خاص للمجلة، وفريق عمل متفرغ لتحريرها وإخراجها بأسلوب احترافي، بما يسهم في وضع هيئة وصورة واضحة مستقلة لها، وكذلك وجود عامل لوجستي من خلال توفير الدعم المالي والإداري اللازم لفريق عمل المجلة بكافة أشكاله، وعامل آخر مهم، وهو تحديد سياسات إعلامية واضحة للنشر، وعدم وجود أي تداخل في التكليفات والواجبات المسندة للمحررين، والتركيز على خدمة الشريحة المستفيدة من المجلة، إضافة إلى العامل التقني والمتمثل بتوفير الإمكانات التقنية اللازمة لإنتاج المجلة.
تلميع
وتختلف فعالية المجلات الإعلامية التي تصدرها الجهات الحكومية من جهة إلى أخرى، وذلك بالنظر إلى مدى قدرة الجهة التي تصدرها على تحديد الرؤية والهدف العام من إصدارها، والذي ينبغي ألا يكون تلميعاً للجهة الحكومية ومسئوليها، وتسويق إيجابياتها فقط، بل المساهمة في نشر التوعية، وخدمة المجتمع، وترتبط هذه الفعالية بتوفير الشروط العامة لتوفير بيئة العمل الصحفي السليم، والذي من أهم شروطه توفير الطاقم المهني المتخصص، والإدارة الفعالة المدركة لطبيعة العمل الصحفي، والابتعاد عن التعاقد من الشركات الإعلامية غير المتخصصة في إصدار المجلات، وذلك لوجود الكثير من الممارسات الغير سليمة، وأبرزها عدم وجد فريق عمل متخصص، وأن الهدف الرئيسي لهذه الشركات هو الحصول على الأموال دون وجود انتاج إعلامي خاص، واعتمادها على النسخ واللصق من المواقع الإلكترونية المختلفة.
مهنية العمل
ويرى بعض خبراء الإعلام أن عددًا من المجلات الإعلامية الحكومية تتفاوت في الالتزام بمهنية العمل الصحفي، وخاصة في جوانب التحرير، واستخدام القوالب الصحفية بشروطها المعروفة، مشيرين إلى أنه، ونظراً لطبيعة الجهاز الحكومي البيروقراطي فإن المتوقع هو أن تكون مجلاته متأثرة بهذه البيروقراطية، ولكن هذه ليست قاعدة عامة للجميع، فبعض المجلات الإعلامية الحكومية حققت قدراً من النجاح، والانتشار، بسبب خروجها بصيغة احترافية مستقلة، استطاعت خلالها التخلص من قيود بيروقراطية الجهاز الحكومي دون أن تنفك عنه بالكلية، من خلال تكوين فريق عمل محترف من داخل المنظمة، يتولى الإشراف على إصدار المجلة بشكل منتظم مع توفير بيئة عمل تتميز بالمرونة المالية والإدارية، وابتعاد المسؤولين الإداريين في الجهاز الحكومي عن التدخل في تفاصيل العمل.