الدور الفاعل للمدربين في تطوير قدرات المتدربين

​تلعِب عملية التطوير دورًا مهمًا وبارزًا في مختلف جوانب الحياة العملية بشكل عام والعلمية والأكاديمية بشكل خاص؛ نظراً لما لها من علاقة وتفاعل مباشر بين الجهة التي تمارس عملية التطوير، سواءً كانت منظمات أو إدارات عليا أو أفراد، وبين الجهة التنفيذية التي تخضع لعملية التطوير وتقوم بتنفيذ ما يملى عليها من آراء واقتراحات وتوجيهات للتمكن من الوصول الى الأهداف حسب المرسوم وبكفاءة وفاعلية.

ويمكن القول أيضاً إن عملية التطوير، وخاصة للعاملين في مجال التدريب، تشكل أهمية كبيرة لأسباب مختلفة من أهمها: 
• ارتباطها بمخرجات ونتاجات فكرية وعلمية، تنعكس آثارها على كافة عناصر المنظومة المجتمعية، كالثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، أي بمعنى أن أي خلل أو سوء في عملية الإشراف سوف لا تنعكس على المستوى الفردي فحسب، وإنما تنعكس على مختلف الجوانب، سواءً الفردية أو الجماعية أو المؤسسية أو المجتمعية؛ ويؤدي ذلك حتماً إلى نتاج معرفي متدني، وبالتالي يسهم في زيادة مستويات التخلف المجتمعي في المجالات العلمية والثقافية والسلوكية ورفع مستوى التصحر المعرفي لدى الشعوب عامة والأجيال الناشئة خاصة.
•  يعد التطوير المعرفي ذو مكانة مرموقة على المستوى المجتمعي، وذو رسالة سامية مبنية على علاقة الود والاحترام والتعاون المتبادل بين القائمين على التطوير والمستفيدين (الطلبة)؛ نظراً لارتباط هذه المهنة أو هذا النشاط بمؤسسات التعليم العالي التي تعد أعلى مستويات منابر العلم والمعرفة.
•  ترتبط عملية التطوير بالأسلوب النظمي، أي ضرورة اهتمام كافة الأطراف، كالمدرب والمنفذ وكذلك المؤسسات العلمية في عناصر البحث وجوانبه وإجراء المتابعة الحثيثة والجهود والتفاعل المشترك بينهما؛ لتفادي أي خلل قد يطرأ على مدخلات البحث أو عملياته، لينعكس ذلك على مخرجات إيجابية؛ وذلك لأن أي خلل أو خطأ في مخرجات البحث يعتبر مسؤولية مشتركة، ولا تُعزى المسؤولية إلى طرف واحد فقط أو يعفى الطرف الآخر. لذلك فمن المؤكد أن هناك مسؤوليات وأدوارًا مشتركة تقع على عاتق القائمين على التدريب أهمها:
1.  دور تنظيمي: أي أن يكون المدرب قادرًا على تنظيم كل ما يتعلق بإجراءات التدريب والتعليم من حيث الوقت، وتحديد وتنظيم وتوزيع محاور المادة العلمية حسب منهجية البحث وعناصر الدراسة وأهمية المحاور.
2. دور توجيهي: أي أن يكون المدرب قادرًا على عملية التوجيه والإرشاد وتقديم النصح للمتدربين بشكل علمي ومنطقي وضمن أسلوب التبادل والتحاور المبني على التفاعل المشترك وضمن أسلوب ديموقراطي مبني على الود والاحترام المتبادل.
3. دور رقابي وتقييمي/ متابعة: أي أن يكون المدرب قادرًا على المتابعة والمراقبة والتقييم الفاعل لكل ما يكتب أو يقدم له من قبل المتدرب، وأن يمارس عملية المتابعة أولاً بأول؛ ليتمكن من كشف جوانب الضعف لدى المتدربين وتصحيحها وكشف جوانب القوة وتعزيزها.
4. دور متخذ القرار الصحيح: أي أن يتمتع المدرب بقوة الشخصية والثقة بالنفس التي من خلالها يستطيع أن يحدد أو يعتمد الموضوعات الملائمة التي تتناسب مع متغيرات وأهداف الدراسة والموافقة عليها وحذف الموضوعات التي لا تتناسب مع توجهات البحث والدراسة. كما أن قوة الشخصية والثقة بالنفس للمدرب مهمة؛ كي يتمكن من تقديم المتدربين إلى الجهات الموفدين منها بكفاءة وفاعلية وذات قيمة معرفية وسلوكية ترتقي إلى الطموحات التي جاء المتدرب من أجلها. 
5. امتلاك مهارات الاتصال وإتقانها: أي أن يكون المدرب على قدر عالٍ من إتقان عناصر الاتصال المختلفة وإدارتها بكفاءة؛ لإنجاح عملية الاتصال بينه وبين المتدرب، كالإرسال، والاستقبال، والرسالة، والوسيلة.  
6- دور تعاوني: أي أن يتسم المدرب بالتعاون والتواضع وعدم احتكار المعلومة والسعي إلى إثراء المتدربين بمعارف جديده وإرشادهم إلى مصادر معرفية متنوعة، يمكن من خلالها أن يكسبوا المتدربين معارف إضافية وقيمة علمية جديدة.
7- الدور الإنساني والذكاء العاطفي: أي أن يتعامل المدرب مع المتدرب من منطلق حسي وعاطفي وأبوي، وألا يستخدم أسلوب التجريح أو الإهانة أو الاستهزاء بالمتدربين؛ لأن المدرب يعد بمثابة القدوة للمتدرب والمثل الأعلى.
8- أن يكون المدرب مؤهَلًا علمياً: أي يمتلك المؤهلات العلمية والتخصص المتعلق بموضوع التدريب الذي يُعنى به وذي خبرة علمية كفؤه.
9- أن يكون المدرب مؤهلًا فنياً ومعرفياً: أي أن يمتلك مهارات ومعارف في مجالات البحث العلمي وأساليبه والإلمام بالتقنيات والأساليب الاحصائية والحاسوبية، إلى جانب التخصص والمعرفة بمصادر المعلومات المختلفة وكيفية استخدامها وتوظيفها في العملية التدريبية.
10- الدور القيادي: أي أن يؤمن المدرب بأنه-دائمًا-هو القدوة والمرجع للآخرين، وكذلك هو بمثابة القبطان الذي يقود المركب، فإما أن يقودهم إلى بر الأمان أو يقودهم إلى الهلاك. لذلك يجب على المدرب أن يمتلك مهارات القيادة الإدارية المختلفة التي تمكِّنه من معرفة كيفية التعامل مع مختلف الخصائص الشخصية للمتدربين والطلبة والباحثين وتحقيق التوازن والتكافؤ في مختلف المواقف التي تواجهه، وأن يمتلك مهارات القدرة في التأثير على الآخرين. 


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة