إدارة «الابتكار» في المملكةتضعها بيـن كبار العالـم

​إعداد/ د.أحمد زكريا أحمد​

تشهد المملكة العربية السعودية حراكًا ابتكاريًا، بدعم من قيادتنا الرشيدة-يحفظها الله-مما أسفر عن ارتيادها مكانة متميزة بين كبريات دول العالم، فبالأمس القريب وطأت أقدام رائدي الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني محطة الفضاء الدولية، وحقق المنتخب السعودي للعلوم من خلال شبابنا وشاباتنا المبتكرون 27 جائزة في معرض "آيسف 2023م" بأمريكا، بالإضافة إلى العديد من الإنجازات والابتكارات السعودية في مختلف المجالات؛ مما عزز من المكانة العالمية للمملكة في العديد من المؤشرات العالمية الداعمة والكاشفة لهذا الحراك الابتكاري، فمثلًا قفزت المملكة 15 مرتبة على مؤشر الابتكار العالمي، وقفزت 13 مرتبة على مؤشر المعرفة العالمي لعام 2022م، واحتلت المرتبة 24 على مؤشر التنافسية العالمي وسجلت ثاني أفضل أداء للعام نفسه. ولعل كل هذا الزخم من التميز الابتكاري السعودي على المستوى العالمي يؤكد أن إدارة الابتكار بالمملكة ذات أداء متميز يرتكز على أسس راسخة وعصرية متطورة، وهو ما نسلط عليه الضوء في هذا التقرير.

دعم القيادة واهتمامها
لعل أبرز مقومات نجاح وتميز أداء إدارة منظومة الابتكار في المملكة يتمثل في دعم قيادتنا الحكيمة، يرعاها الله، والتي-بحسب موقع صحيفة الجزيرة-تولي الإنسان جل اهتمامها إيمانًا منها بدوره في تحقيق التنمية على أسس منهجية أكثر تطورًا وتنافسية على مستوى عالمي، وبما يلبي مستهدفات رؤية المملكة 2030. ومع إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار عن التطلعات والأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار في ظل رعاية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعودـيحفظه الله-تؤكد المملكة من جديد سعيها الدؤوب نحو تأسيس مجتمع سعودي معرفي كما نصت رؤية 2030 وتتبلور فيه العلاقة بين: الإنسان والمعرفة والتنمية. يأتي ذلك في وقت أصبح فيه الابتكار والبحث محركين أساسيين في اقتصاديات الدول، والدول المتقدمة على وجه الخصوص، وأضحى الاهتمام بالمبتكرين على سلم أولويات دول العالم، ولاسيما الدول المتقدمة، وتجلى ذلك في تنافس الدول على دعم المبتكرين وتحفيز النشء على الابتكار وتقديم ابتكارات علمية جديدة تخدم البشرية وتحقق لها عائدًا اقتصاديًا جمًا، من أجل ذلك عملت المملكة على مواكبة هذا المسار العالمي الجديد القائم على اقتصاد المعرفة والاستفادة منه في تحقيق التنمية المستدامة لها.
الابتكار ورؤية 2030
ووفقًا لما أورده موقع Independant عربية، فقد أقر مجلس الوزراء هيئة مختصة بين مهامها تحويل الاختراعات إلى منتجات يجري تسويقها عالمياً، حيث جرى بموجب هذا القرار تنظيم هذا القطاع المهم تحت سقف "هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار"، سعياً من الدولة إلى دعم البحث والابتكار في إطار رؤية 2030، التي تهدف إلى أن تنعكس الأنشطة التقنية وصناعات التكنولوجيا على الناتج المحلي بأثر لا يقل عن 15 مليار ريال (4 مليارات دولار) وتوليد 124 ألف فرصة عمل بحلول 2030.
الريادة عالميًا
ومما لا شك فيه أن أحد أوجه التميز في إدارة ملف ومنظومة الابتكار بالمملكة هو أنها وضعت نصب عينيها الريادة والتميز على المستوى العالمي، إذ تتطلع المملكة-نقلًا عن صحيفة "الجزيرة"-من خلال الأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار إلى أن تصبح من الدول الرائدة في الابتكار على مستوى العالم لدعم نمو وتنويع الاقتصاد الوطني عبر بناء الشراكات مع مراكز الأبحاث والجامعات، والقطاعين الخاص وغير الربحي، واستقطاب أفضل المواهب المحلية والعالمية، وتوجيه ميزانية القطاع والاستثمار فيه لتحويل الابتكارات إلى مشروعات ذات عوائد اقتصادية واجتماعية تعود بالنفع على الإنسان.
مؤشرات عالمية
في ضوء هذا الاهتمام والدعم، إضافة إلى وجود بنية تنظيمية وإدارية متطورة ومعنية وفق أحدث الاتجاهات العالمية بالمنظومة الابتكارية بالمملكة، والتي من أبرزها رؤية المملكة 2030 ببرامجها التنموية المتنوعة، واللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، وهيئة البحث والتطوير والابتكار، ومؤسسات وهيئات معنية بالفضاء، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية، وبراءات الاختراع، واقتصاديات المستقبل، والتحول الرقمي، وتخصيص وإحداث مسابقات وجوائز للابتكار والمبتكرين الشباب والشابات، وغيرها من المؤسسات والهيئات؛ فإنه من المؤكد أن تتسارع وتيرة ارتياد المملكة آفاق الريادة العالمية في مجال الابتكار، وهو ما أكدته العديد من المؤشرات العالمية على النحو التالي:
• مؤشر الابتكار العالمي: فقد أوردت صحيفة الشرق الأوسط أن السعودية سجلت تقدماً في «مؤشر الابتكار العالمي» لعام 2022م، بعد أن قفزت 15 مرتبة في المؤشر الذي يتتبع أحدث الاتجاهات العالمية في مجال الابتكار، ويكشف عن الاقتصادات الأكثر ابتكاراً في العالم. وحققت السعودية تقدماً في المؤشر العالمي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO خلال فترة وجيزة من إعلان الأولويات الوطنية السعودية للبحث والتطوير والابتكار التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار. كما أصبحت السعودية أحد أسرع الدول تحولاً على مستوى العالم، بفضل توجهاتها لتنويع اقتصادها، والدخول إلى قطاعات جديدة وواعدة، وفق تقرير نشرته مجلة «فوربس»، استعرض مساهمات نخبة من الشركات السعودية في مجالات الابتكار، وحيازة نحو 963 براءة اختراع خلال عام 2022 فقط، وهو ما يفوق بأضعاف ما حققته السعودية على صعيد براءات الاختراع طوال الفترة الطويلة الماضية.
• مؤشر المعرفة العالمي: ويبرز موقع "أريبيان بيزنس" أن المملكة قفزت 13 مرتبة عالمياً في مؤشر المعرفة العالمي، وتقدمت في المؤشرات الفرعية المرتبطة بالمعرفة، محققةً صعوداً بـ 10 مراتب في مؤشر التعليم والتدريب، و5 مراتب في مؤشر الإطار التنظيمي، وكذلك 4 مراتب في مؤشر وفرة الموهبة، و6 مراتب في مؤشر التركيز العلمي.
• مؤشرات ذات علاقة بالتعليم: كذلك يشير الموقع نفسه إلى تحسّن الترتيب في هذه المؤشرات، حيث تقدمت المملكة 10 مراتب في مؤشر المهارات الرقمية والتقنية، و9 مراتب في مؤشر تحصيل التعليم العالي، وكذلك قفز مركز المملكة 6 مراتب في مؤشر منح براءات الاختراع عالية التقنية.
• مؤشر التنافسية العالمي: وتطرق موقع صحيفة الشرق الأوسط إلى أن السعودية تعد ثاني أفضل أداء؛ إذ تقدمت 8 مراتب في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2022 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإداري (IMD)، عن العام الماضي، لتحل في المرتبة الـ 24 من بين 63 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم. وحسب التقرير سجلت المملكة ثاني أفضل تقدم بين الدول محل القياس، فيما بيّنت مؤشرات التقرير أن السعودية جاءت في المرتبة الـ 7 من بين دول مجموعة العشرين G20 متفوقةً بذلك على دول ذات اقتصادات متقدمة في العالم مثل: كوريا الجنوبية، وفرنسا، واليابان، وإيطاليا، والهند، والأرجنتين، وإندونيسيا، والمكسيك، والبرازيل، وتركيا.
وتَحسّن ترتيب السعودية في جميع المحاور الأربعة الرئيسية التي يقيسها التقرير، وهي: محور الأداء الاقتصادي وتقدمت فيه المملكة من المرتبة الـ 48 إلى المرتبة الـ 31، ومحور كفاءة الحكومة وتقدمت فيه من المرتبة الـ 24 إلى المرتبة الـ 19، ومحور كفاءة الأعمال الذي تقدمت فيه من المرتبة الـ 26 إلى المرتبة الـ 16، ومحور البنية التحتية الذي تقدمت فيه من المرتبة الـ 36 إلى المرتبة الـ 34.
وقد حلت السعودية في قائمة الدول العشر الأولى عالمياً في عدد كبير من المؤشرات الفرعية، أبرزها: التكيف مع السياسة الحكومية، والتحول الرقمي في الشركات، ونمو القوى العاملة على المدى البعيد، وإدارة المالية العامة، والدين العام الحكومي، وسياسات البطالة، والتماسك الاجتماعي، والرسملة السوقية للأسهم، ووجود رأس المال الجريء، وإنتاج الطاقة المحلية، وتكلفة الكهرباء الصناعية، والأمن السيبراني في الشركات، والمصروفات الحكومية لقطاع التعليم، والفكر الريادي للمديرين في الشركات، وأنشطة ريادة الأعمال المبكرة، والثقافة الوطنية.
ابتكارات "آيسف 2023"
وقد تجلت إنجازات إدارة الابتكار في المملكة بشكل احترافي ومتميز في مختلف المجالات، والتي نذكر منها-على سبيل المثال-ما حققه المنتخب السعودي للعلوم والهندسة، والذي فاز بـ 27 جائزة كبرى في معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة "آيسف 2023" منها 23 جائزة كبرى و4 جوائز خاصة خلال تنافسهم مع أكثر من 1800 طالب من أكثر من 70 دولة حول العالم. يذكر أن المنتخب السعودي فاز في الجوائز الكبرى بجائزتين في المركز الأول، و٧ جوائز في المركز الثاني، و٧ جوائز في المركز الثالث، و٧ جوائز في المركز الرابع، وبهذا الإنجاز رفعت المملكة رصيد جوائزها الخاصة في معرض آيسف 2023 إلى 133 جائزة، منها 92 جائزة كبرى، و41 جائزة خاصة، حيث بدأت مشاركاتها في المعرض منذ عام 2007م، وهو المعرض الذي يعد الأكبر للمنافسة في مجال البحث العلمي والابتكار للمرحلة ما قبل الجامعية.
الفضاء مع كبار العالم
وختامًا، لا يفوتنا أن نشير إلى الإنجاز السعودي على المستوى العالمي بوصول رائدي الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني إلى محطة الفضاء الدولية، وهو الإنجاز الذي يؤكد الميزة التنافسية لإدارة الابتكار في المملكة وفق أجود المعايير العالمية. فقد ذكرت الهيئة السعودية للفضاء أن برناوي والقرني قد حظيا باستقبال وترحيب طاقم محطة الفضاء الدولية بعد التحام مركبتهما بها، حيث أصبحت الرائدة ريانة برناوي أول امرأة سعودية تحلق نحو الفضاء وتصل إلى المحطة، كما أصبح علي القرني أول رائد فضاء سعودي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، فيما أصبحت المملكة العربية السعودية أول دولة عربية تشارك منها امرأة في مهمة علمية في الفضاء، مدونة بذلك اسمها بين الدول القليلة في العالم التي تتمكن من إرسال رائدي فضاء من الجنسية نفسها على متن محطة الفضاء الدولية في الوقت نفسه.
وطبقًا لما ذكرته صحيفة "عكاظ"، سيجري رائدا الفضاء 14 تجربة بحثية علمية وتعليمية رائدة في بيئة الجاذبية الصغرى، منها 3 تجارب تعليمية توعوية، يشارك فيها 12 ألف طالب في 47 مقرًّا تعليميًّا بالسعودية، بشكل تفاعلي مع رواد الفضاء عبر الأقمار الاصطناعية؛ لتسهم في بناء جيل جديد من القادة والمستكشفين والعلماء السعوديين، وتحقيق طموحات المملكة ومستهدفات رؤية السعودية 2030 فيما يتعلق ببناء الكوادر البشرية وتعزيز ثقافة البحث والتطوير والابتكار.


​​

 
 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة