الصمت التنظيمي أسبابه وطرق علاجه

​​

يعتمد نجاح المنظمات على مشاركة منسوبيها أفكارهم وآرائهم، غير أنهم قد يختارون الصمت أحيانا ويؤثْرون عدم التعبير عما يجوش بداخلهم من رؤى ومقترحات ذات ارتباط وثيق بطبيعة عملهم ومهامهم الوظيفية؛ لخوفهم من ردود أفعال محيطهم الذي يعملون فيه. ولعل شيوع هذه الحالة يسمى بالصمت التنظيمي، والذي يُعرَّف بأنه المنع المتعمد عن الإدلاء بالمعلومات والآراء من جانب موظفي المؤسسة.  فيُلاحظ أن العاملين  يعرفون الكثير  من جوانب الخلل  لكنهم لا يستطيعون  نقل  ذلك  لرؤسائهم؛ إما لأسباب شخصية  تدفعهم للصمت كونهم  لم  يعودوا يحملوا ذلك الولاء  للمؤسسة، أو أنهم ذوي  ميول لنقل  الإيجابي  والابتعاد  عن  كل  ما هو  مُكدر  أو  سلبي لرؤسائهم ومشرفيهم، أو أنهم  يحملون  قيمًا شخصية  تعظِّم  قيمة الصمت،  أو لأسباب  تنظيمية ترسخ حالة عدم  نقل  وإيصال  المعلومات  ومشاركتها بسب  قناعات  وتصورات  من  يحق  لهم  سماع المعلومات  فقد يعتقد المدراء أن تقديم معلومات عن أقسامهم تعني ضمنا قصور في أدائهم كمدراء، وبالتالي فإنهم يقاومون مثل هذه المعلومات أو يتجاهلونها في أفضل الحالات. فهم يرون فيها أنها مهدد لهم ومصدر للتشكيك في قدراتهم.  كما أن بعض المدراء يعززون من مراكزهم بمزيد من الرسمية في السلطة، من خلال الإفراط في استخدام اللوائح والنظم؛ مما يفقد المنظمة أداة مهمة للتغذية الراجعة، وبالتالي يشعر العاملون بعدم جدوى أفكارهم ومقترحاتهم وما يقدمونه من معلومات فيعظِّم المدير نفسه ويقزِّم غيره فهو الذي يعرف وما دونه غير ذلك. كما يُعد انعدام الثقة والاتجاهات السلبية التي تبنيها فلسفة الإدارة في بعض المنظمات نحو العاملين؛ كونهم شديدي الميل لمصالحهم الشخصية، إذ أن العاملين لا يُحركهم إلا ما يُعارض مصالحهم، فيحفز ذلك المدراء لإدارة تلك الأيدي التي ترتفع ليتم إسكاتها فتتبدد قدراتها وتقل دافعيتها، أو قد يكون بسبب الحوافز السلبية التي تجعل المتحدثين بآرائهم ومقترحاتهم في خانة المشككين ومفتعلي المشكلات والباحثين عن المساوئ، وقد يجعلهم ذلك عرضة للتوبيخ أو الزجر.

وتجدر الإشارة إلى أن استشراء الصمت التنظيمي تُشغِّل المكابح التي تبطئ وتوقف عمليات التطور وتنبئ بحالة من الانفجار المحتمل وتجعل المؤسسة عرضة للانهيار؛ الأمر الذي  يقتضي  تدخل  آني  لإحداث  التغيير الذي  يكفل  معالجة  هذه  الظاهرة، من خلال  عملية واسعة يبتدئها قادة المؤسسات بإزالة الممارسات التي ترسخ لشيوع ظاهرة الصمت التنظيمي من خلال حسن تواصلهم مع العاملين بتصميم  وتشغيل  نظام فعال يضمن تدفق واضح وسلس للمعلومات، مع النظر إلى هذه المعلومات كفرص لتحسين منظومة ومدخلات العمل، مع التخفيف من وطأة المركزية  وإكساب العاملين الثقة وتعزيز جانب المشاركة والاستفادة من طاقات وقدرات العاملين دونما فوقية في اتخاذ القرارات وممارسة التصرفات الإدارية، مع  تهيئة المناخ التنظيمي المشارك الذي  يقدر  قيمة المورد البشري  ويعترف  بإمكانياته ويحفزه لإبراز طاقاته وقدراته. ​

 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة