التسويق بالواقفات والواقفين

​​​

في نقاش مع شاب متحمس للمشاريع الصغيرة "الضاربة" في السوق مثل المقاهي والمطاعم لم أفلح في ثنيه عن الاقتراض والانتظار حتى يدخر، ولم أفلح في إبعاده عن القطاعين المتشبعين، ولما وجدته عازما أمره أخذت أتحدث معه عن تفاصيل التسويق.
الشاب لديه خطته الجاهزة التي أسماها بخطة "فلان"، وذكر اسم شخص استخدم كاسم لمحل يبيع منتجا معينا، وهي خطة ترتكز فقط على استئجار العملاء الوهميين بالساعة في المتجر، وأكد أن أكثر مستخدمي هذا "التكتيك" في التسويق يفشلون لأنهم لا يقومون به إلا لعدة أيام، بينما صاحبه الذي سيقتدي به فعله لأشهر طويلة.
سيستأجر مجموعة من الشباب من الجنسين بالساعة حيث يقفون في محله، وهؤلاء سيظلون لأشهر طويلة يأتون يوميا وفق ترتيب معين ويقفون في طوابير توحي بارتفاع الطلب، ويأخذون المنتج مجانا إضافة إلى الدفع لهم مقابل هذه الخدمة. ليس عيبا اقتفاء الناجحين في السوق، ورغم أن هذه الخطة تبدو ضعيفة ولا تنم عن الثقة بالمنتج أو دراسة الجدوى -إن وجدت- إلا أنها في رأيي جزء من ثقافة هذا الزمن، وهي مشتقة أو قريبة من حسابات التواصل الاجتماعي، حيث يوجد من يقدم خدمات "الازدحام" إن صحت العبارة بمقابل مادي، والازدحام هنا زيادة متابعين، وزيادة تفاعل وفق باقات لا بد أن كثيرا منكم قد تلقى عروضها في بريده الخاص من عدة أشخاص.
ربما يكون صاحب المشروع الجديد الذي يطبق هذه الطريقة ذكيا ويستغل الميزة الديموغرافية في السعودية حيث غلبة الشباب الصغار ومتابعتهم كل جديد أو خشيتهم المتزايدة من أن يفوتهم شيء يزدحم الناس عليه أو يتحدثون عنه في وسائل التواصل، لكن هل يمكن رهن النجاح والأهم الاستمرار بمثل هذه الخطة؟ بالطبع لا يمكن الاتكاء على مثل هذه الخطط لإنجاح أي مشروع لأنها فقط عملية إيجاد انتباه، والانتباه لا يضمن الاستمرارية بل يمكن أن يضر في حال كان المنتج سيئا ولا يستطيع المنافسة فتكون مثل هذه "الحركات" مثل شعلة الفانوس الأخيرة قبل أن تخبو.
إجمالا هناك شيء رائع في كل ما نراه اليوم من مستويات الجرأة، والإقبال على الأعمال الحرة الصغيرة، وإذا كان هناك من يفكر كالشاب أعلاه، فهناك في المقابل من يستفيد من "منشآت" ومن بنك التنمية الاجتماعية وبرامج التحفيز في بعض الهيئات والجهات، ليستشير ويستنير ويقيم مشروعه على أسس صحيحة وبخطة واضحة تتضمن التسويق الحقيقي الفاعل طويل المدى.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة