قيمة الاستثمار في البيانات الضخمة للمنظمات


نعيش اليوم في عالم يعتمد بشكل كلي على الثورة الرقمية واستخدام التكنولوجيا والاتصالات بأنواعها المختلفة في شتى مجالات الحياة، سواء على الصعيد الشخصي، أو المهني، أو حتى على مستوى الدول والمنظمات؛ مما أفرز مجموعة هائلة وضخمة ومتنوعة من البيانات الرقمية.
ونتيجة للزيادة الهائلة في حجم هذه البيانات، واختلاف مصادرها، وتباين أنواعها سواء كانت نصية أو مصورة أو فيديو أو جداول كمية وغيرها من مختلف الأشكال، باختلاف طرق ومصادر إنتاجها. وذلك بشكل لحظي؛ مما حفَّز المنظمات وأصحاب القرار للرغبة في الاستفادة منها واستغلالها بالشكل الأمثل. وقد بات التحدي هنا في كيفية إدارة هذا الكم الضخم من البيانات؛ بسبب وجود نوع من الصعوبة في أن تستوعبها قواعد البيانات التقليدية، وبالتالي صعوبة إدارتها بالطرق التقليدية؛ لذلك فإنه من المفترض تبني اتجاهات حديثة في أسلوب الاستفادة من تلك البيانات وأساليب استخدامها. وهو الأمر المهم والسبب المشجع لظهور مفهوم البيانات الضخمة.
وقد عرفت شركة "جارتنر" هذه النوعية من البيانات بأنها: أصول معلوماتية كبيرة الحجم وعالية السرعة والتنوع، تتطلب أشكالًا مبتكرة وفعالة من حيث التكلفة لمعالجة المعلومات التي تُتيح تحسين البصيرة واتخاذ القرارات وأتمتة العمليات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المصطلح قد ظهر ليحل مشكلات التعامل مع هذا النوع من البيانات، بحيث تتمكن المنظمات من تقديم أساليب وأدوات حديثة، تساعدها في تخزين وتحليل واستخدام الكميات الضخمة من البيانات في الوقت والسرعة المناسبين، ومن ثم مساعدة القيادات الإدارية في اتخاذ القرارات المبنية على المعلومات الصحيحة، وبناء الخطط الاستراتيجية المعتمدة على تحليل هذه البيانات، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة، وزيادة الإنتاجية، مع توفير الإنفاق على هذه الخدمات.
ومن خلال نتائج دراستي للدكتوراه؛ فقد اتضحت القيمة من الاستثمار في البيانات الضخمة بالمركز الوطني للمعلومات الصحية بالمملكة العربية السعودية، حيث إن المركز يعمل على المستوى الوطني، كونه المركز الرئيسي للبيانات الصحية، والذي من المفترض أن يرجع له متخذو القرارات الصحية. وكان من أبرز نتائج الدراسة أن الاستثمار في البيانات الضخمة يساعد في دعم الابتكار الصحي والأبحاث الصحية، إذ بقدر ما يتوفر من البيانات الصحية الصحيحة؛ يكون ذلك مصدرًا لجذب الباحثين والمبتكرين لاستخدام البيانات وابتكار المنتجات، بالإضافة إلى أهميتها في توطين السوق، كتوطين الأدوية والمستلزمات الصحية. وهذا التوطين يحتاج إلى إجراء تجارب سريرية تساعد في عملية صناعة أشياء جديدة أو حتى توطين دواء معين، يمكن إنتاجه داخل المملكة، حيث تتوفر قواعد بيانات متكاملة على المستوى الوطني، تساعد في الإجابة-بشكل دقيق-عن كيفية انتشار الأمراض، وما هي أنماطها؟ وما هي أولوياتها؟ وما هي الأدوات الصحية المستخدمة؟ وما هي أكثر الأدوية استخدامًا؟
وتجدر الإشارة إلى إمكانية تطبيق واستخدام البيانات الضخمة في مجالات كثيرة ومتنوعة، كالاقتصادية، والتجارية، والعسكرية، والتعليمية، والبنوك، والاتصالات، والإعلام، والترفيه، والتسويق، والنقل، والطاقة، والرعاية الصحية.


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة