«العنـــــــــــــــــــــــــــــف الإداري» تكريس «المحســــــــــــــوبية» وسلوكيـات «الواتس آب» المدمرة

​يواجه العديد من الموظفين -رجال ونساء- ممارسات سلوكية، ولفظية، وتنظيمية تؤثر على راحتهم في مكان العمل، يطلق عليها الخبراء في أحيان كثيرة "العنف الوظيفي"، والذي يتفرّع إلى أشكال منها العنف المعنوي، والسلوكي، والإداري، والتنظيمي، وغالباً ما تكون إنتاجية الفرد مرتبطة بمدى ارتياحه لبيئة العمل التي يتواجد فيها، وخلوها من العنف الإداري، ولعل بيئة العمل السليمة تتطلب وجود عناصر أساسية كالحماية والأمن الوظيفي، والتقدير المعنوي والمادي، والراحة الجسدية والنفسية.​

توتر اداري
وكما يقال أن هناك عنفاً أسرياً أو اجتماعياً أو مدرسياً؛ يوجد أيضا عنف إداري، وهو عنف يتسم بصفات الغطرسة، والمماطلة، والنظرة المتعالية لمدير الإدارة ضد الموظفين، وفي تطبيقه الأنظمة واللوائح بحذافيرها دون مراعاة للأعذار، وحقوق وظروف العاملين الإنسانية، ويمكن القول إن هذا النوع من المدراء يحول إدارته إلى توتر، وانضباط مبالغ فيه، وقلما تجد هذا المدير يبتسم مع موظفيه.
نتائج 
والعمل وسط هذه البيئة المشبعة بالعنف سواءً بالقرارات التعسفية أو الكلمات القاسية، وعدم المرونة في العمل تنتج العديد من السلبيات منها: 
• قلة الإنتاجية.
• قتل الإبداع والتطوير في العمل. 
• هروب الكفاءات إلى أقسام وإدارات أخرى. 
• قتل روح المبادرة وتقديم المقترحات.
وفي مثل هذه الإدارة المتسمة بالعنف تُصادر حقوق الموظف؛ فلا ترقيات، ولا حوافز، ولا دورات تدريبية، والأجواء السلبية تحيط بالجميع.
التحطيم
ويعد "العنف" المعنوي من أكثر أشكال العنف ممارسة في العمل تعقيداً، وذلك بسبب صعوبة إثباته أو توثيقه، فغالباً ما يمارس على موظف أو موظفة من درجة وظيفية أدنى؛ بهدف التحطيم المعنوي، وعدم إشعار الموظف بالرضا عن عمله، وعدم تقدير جهوده، كما أن هناك إشارات أخرى تُشكل نوعاً من العنف، وتحدث شفهياً، مثل توجيه الكلام المسيء للموظف، واستخدام العبارات القاسية معه، وإحراجه أمام زملائه.
النقد والمهنية
ويرى خبراء الإدارة أن "العنف" غالباً هو ما يتم توجيه نقد للموظف بشكل يتخطى المهنية كأن ينتقد المدير الموظف بالقول له "أنت لا تصلح للقيام بالوظيفة"، بدلاً من التوجيه والإشارة إلى موقع الخطأ الذي ارتكبه الموظف والطلب منه تحسين أداء معين، وهذه الإشارات للعنف المعنوي تنسحب أيضاً على نوع آخر من الممارسات، مثل الطلب من الموظف بشكل متكرر القيام بمهمة معينة عند قرب انتهاء ساعات الدوام الرسمية أو بعد الدوام، وفي أيام العطل من دون تعويض عن ساعات العمل الإضافية.​
سلوكي ولفظي
ومن الملاحظ في بعض منظمات العمل انتشار ثقافة العنف السلوكي، واللفظي وحتى الجسدي بشكل عام، والقهر الإنساني التي يتعرض لها كثير من الموظفين والموظفات بشكل تلقائي خلال يومهم الوظيفي، ومنها تأخير حقوقهم وتجاهل مطالباتهم، والمماطلة في تحسين أوضاعهم بشكل متعمد، والتمييز بينهم على معايير غير صحيحة، و"التحزب"، والإهمال.
مظاهر وممارسات
ومن مظاهر العنف الوظيفي تجاه الموظفين، على سبيل المثالعدم توفير موقف مناسب لسيارته، وتركه يعاني يومياً للحصول على موقف مناسب، ومنعه من مقابلة المسؤول الكبير في منظمته بحجة انشغاله، وتركه يدور بين الإدارات يتسول حقوقه ويستجدي مستحقاته النظامية، إضافة إلى تخويفه على مستقبله ومستقبل أولاده بعد تقاعده، وتكريس ثقافة "المحسوبية" في المنظمة بأفضلية أصحاب الولاء والخضوع الشخصي، وتجاهلِ أهل الأمانة والقوة والتمكن، وعدمِ توفير وسائل الراحة والإنتاج له والتأمين الطبي المناسب، وتجريده من عوامل نجاحه المهني، ثم تحميله أسباب انخفاض أداء المنظمة.
بداية الدوام
ويرى البعض من المتخصصين أن من أساليب العنف أيضاً الفرض على الموظف بداية الدوام في وقت مبكر جداً من الصباح، وامتداد ساعات الدوام إلى 10 ساعات متواصلة، وتكليفه بأعمال ذات خطر مرتفع دون بدل، وعدم احترام الأوقات المخصصة لراحته، والإمعان في إرهاقه بدنياً ونفسياً، والتأثير سلباً على أدائه ومزاجه. 
قروبات "الواتس آب"
وهناك بعض الممارسات السلبية خطيرة ومدمرة لنفسية الموظفين كسلوكيات قروبات "الواتس آب" الخاصة بالعمل، فبعض المدراء يمارسون في تلك "القروبات" عنفاً لفظياً تجاه بعض الموظفين، ويقلل من قيمة الموظف في حال أخطأ عند إنجاز عمل معين، وبعضهم يتهكم ويسخر من الموظف أمام زملائه الآخرين في تلك المجموعات، وقد يكون هذا طبع بعض المدراء ولا يقصدون جرح مشاعر الآخرين، و لكن علينا ألا نستهين بمثل هذه التصرفات الإدارية "العنيفة" لأن مثل هذه السلوكيات لها آثار سلبية خطيرة على الإنتاجية، وطبيعة العمل في المنظمات المختلفة، وتداعيات اقتصادية واجتماعية مدمرة.



 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة