إدارة الأخطاء التنظيمية

​تعايش منظمات اليوم مجموعة متراكبة ومتسارعة من التغيرات التي تفترض إستجابات حتمية وسريعة؛ تُبرز مجموعة من السلوكيات المتوافقة مع الغايات والأهداف أحيانا والمناهضة لها أحيانا أُخر، وبالتالي تخلق فرصا مواتية لحدوث الأخطاء، وبالرغم ما يبذله قادة المؤسسات حيال هذه السلوكيات تعزيزا وتعزيرا، إلا أن منع الأخطاء تظل غاية صعب المنال- بالرغم من تطلعنا الدائم نحو الكمال- بيد أن النظرة للأخطاء كمثبطات يقلل من فرص التعلم؛ فالعثرات تحسن الثمرات، فلا يكاد يخلو أي منا من الأخطاء فجميعنا بشر يخطئ أحيانا ويصيب أحيانا أخرى. لذلك ينبغي إحداث تغيير في أنماط تفكيرنا تجاه الأخطاء تسليما بحدوثها واقتناصا لفرصها. فالأخطاء التنظيمية هي تلك الانحرافات السلبية عن مستهدفات ونتائج العمل المتوقع. فكيف ندير تلك الأخطاء ونجعل منها فرصة لإشاعة ثقافة التعلم والتحسين وبناء جدار الثقة والتواصل؟ خاصة وأن إدارة الأخطاء تُعزز من البناء الأخلاقي المستند على الإفصاح  كمدخل للإصلاح ، وهنا لابد من الانتباه لنقطة مفصلية وهي محاولة منع آثار الأخطاء مع تقبلها وبحثها، فالنزول من القطار في بعض الأحيان يكون فرصة مواتية للنظر في مسارات القطار، فالقرارات السليمة تخلق الفرص المستديمة. وليكن قرارك بعد التقبل الإقبال على المعالجة البناءة التي تتم من خلال البحث عن طبيعة وحقيقة الأسباب، والتي قد يكون مردها إلى نقص المعرفة الذي يولد الكِبر ويُنقص الثقة. لذلك عليك عزيزي القائد بناء منظومة فعالة ترسخ لمشاركة المعارف وتشجع عقليات الوفرة لا الندرة حتى يجد الجميع إجابة لتساؤلاتهم وتوجساتهم حول طرق وأساليب الإنجاز وتحقيق المستهدفات في بيئة حاضنة محفزة للبحث والتبحر في المعرفة مشجعة للاستفسار والاستبصار والنقد المُدعم للإبداع والبناء ، كما يمكن أن يكون مرد الأخطاء لنقص في الجانب المهاري أو عدم القدرة على تنفيذ المعارف في الواقع. لذلك لابد من تحقيق التوافق بين المهارة والتكليف بوضع الشخص المناسب، في المكان المناسب ولعل الأخطاء  كانت فرصة  جيدة لإعادة تشكيل  وتكتيك الفريق  مع خلق البيئة المناسبة للمزج بين المهارة والمعرفة في بيئة مادية ومعنوية قادرة على تحقيق المخرجات المستهدفة من خلال تشجيعها للآخرين في إظهار وإبراز الأخطاء؛ تعزيزاً للاتصال وتجنباً للانعزال، فالخوف من العقاب قد يُخفي الأسباب وتشجيع حلقات وجلسات النقاش البناءة لبحث الأخطاء لتحديد مسبباتها وآثارها وفق مدخل تشاركي يكفل إستنطاق أفضل الممارسات للتعامل الفعال مع الأخطاء وتعزيز الدروس المستفادة منها مع بناء جدار الثقة تجاه المواقف والآخرين. فهي من الجوانب المهمة التي يجب أن يُدرب عليها المشرفون والقادة كونهم رأس الرمح في بناء منظومة القيم وإشاعة ثقافة التعامل الفعال مع الأخطاء التنظيمية . ​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة