مستقبل الوظائف والموظفين حتى 2050

​إعداد/ د.أحمد زكريا أحمد

في ظل التطور التقني الكبير الذي تشهده أسواق الوظائف والتوظيف في عالم الإدارة والأعمال في كل دول العالم-بصرف النظر عن درجة تقدمها-وبروز الأتمتة بألياتها المختلفة، إضافة إلى المتغيرات والتحديات الكثيرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية وغيرها مما يشهده العالم على كافة المستويات: الوطنية، والإقليمية، والعالمية، والتي باتت تسهم في تشكيل مستقبل التوظيف والوظائف إلى حد كبير-ليس فقط على المدى القريب خلال الفترة 5-10 سنوات قادمة-بل وحتى على المديين المستقبليين المتوسط والبعيد. وهو الأمر الذي لن نكون بمعزل عن تداعياته في منطقتنا على المستويين الخليجي والشرق أوسطي؛ وهو ما يجعلنا نتساءل عن السيناريوهات المطروحة المتوقعة بشأن مستقبل التوظيف والوظائف حتى عام 2050م، والتي برزت بقوة بين أروقة الشركات وغيرها من المؤسسات، ولدى الخبراء والمتخصصين والأكاديميين، والتي نستشرف معكم أبرز ملامحها في هذا التقرير.​​

تناقض أم تكامل
نستهل هذه التنبؤات والتوقعات بالحديث حول استشراف مستقبل أساليب وأداء العمل وبيئة العمل، إذ يشير موقع Business Insider إلى التقرير الصادر عن جامعة "أوكسفورد"، الذي يتنبأ بأنه بحلول عام 2030م سيفقد البشر نصف الوظائف أي بنسبة 50% لصالح منظومة الذكاء الاصطناعي، فما بالنا بحلول عام 2050م. وحتى الوظائف التي تحتاج لتواجد العنصر البشري، مثل مدرسي الفصول، فلن تكون بمعزل عن خطر الاختفاء وانحصار دورها ووجودها.
وبالرغم من ذلك فإن الموقع يشير إلى ملاحظة مهمة مفادها أن التقنية الجديدة لا تعني دائمًا فقدان الوظائف؛ فمثلًا كان لاختراع المطبعة أثره في إتاحة فرص وظيفية كثيرة، وفي الوقت نفسه لم تُلغ الوظائف القديمة. ولذلك يتوقع البعض سيناريو مستقبلي يعمل فيه البشر والروبوتات جنبًا إلى جنب، حيث يمكن أن تشمل الوظائف الجديدة تشغيل التقنية القائمة على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى أنه يمكن زيادة الوظائف القديمة بواسطتها.
دراسة أمريكية
وهو السيناريو الذي تؤكده نتائج دراسة أمريكية أجراها فريق بحثي بجامعة "جورج تاون" (Harry J. Hozler وزملاؤه) حول اتجاهات العرض والطلب والسياسات وعلاقتها بتحديد مستقبل سوق العمل بالولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 2050، والتي تتطرق إلى أنه يجب أن يكون الهدف الرئيسي لسياسة سوق العمل هو مساعدة العمال على التكيف مع المتغيرات الراهنة والمستقبلية، ولا سيما من خلال إكسابهم المزيد من التعليم والتدريب على المستويين العام والخاص، مع تشجيع أصحاب العمل على مساعدتهم على التكيف والانخراط بشكل سريع. كذلك يمكن أن تلعب التقنية نفسها دورًا أكثر إيجابية في مساعدة العمال على اكتساب المهارات المطلوبة وفي مطابقة أفضل لهذه المهارات مع احتياجات صاحب العمل.
7 وظائف أكثر نموًا
وفيما يتعلق بمستقبل الوظائف، يرى موقع ToughNickel أن سوق التوظيف يتغير باستمرار، ولا سيما مع التغير التقني متسارع الوتيرة، وفي ضوء ذلك فإن التنبؤ بأكثر الوظائف طلبًا في المستقبل خلال الفترة 2025-2050 يبدو صعبًا؛ لأن العديد منها لم يتم إحداثها بعد. وبالرغم من ذلك فإن الموقع يلفت إلى أنه في ضوء البيانات وإحصاءات التوظيف التي أعلنها مكتب العمل الأمريكي؛ يمكن التنبؤ بأكثر الوظائف نموًا وطلبًا تتحدد في 7 مجالات كالتالي:
• وظائف الحاسب الآلي والرياضيات (خاصة المطورين، ومحللي البيانات، والمبرمجين، ومحللي أمن المعلومات).
• وظائف الرعاية الصحية، ودعم الرعاية الصحية (لا سيما متخصصي الصحة العقلية، والفنيين، ومتخصصي التشخيص، والتمريض، والعناية الشخصية والخدمة، ومساعدي الرعاية الصحية المنزلية).
• المستشارون والمعالجون (بخاصة متخصصي العلاج الطبيعي، ومتخصصي التنفس، ومتخصصي طب ومشكلات الزواج والأسرة، ومستشاري علاج الإدمان، والمتخصصين الاجتماعيين، ومتخصصي التخاطب واللغة).
• متخصصو التسويق (خاصة محللي بحوث التسويق، ومتخصصي التسويق).
• العاملون في مجال الإعلام والاتصال (سيما مشغلي ومحرري الفيديو، والمترجمين الفوريين والمترجمين).
• متخصصو التشغيل والعمليات (المديرون الماليون، ومديرو نظم معلومات الحاسب الآلي).
• الوظائف المرتبطة بالإنشاءات والتشييد والبناء.
مستحدثة ومختفية
كذلك تبرز إحصاءات وبيانات مكتب العمل الأمريكي بعضًا من أفضل الوظائف المستقبلية التي من المتوقع أن تستجد وسيتم إحداثها، أو بدأت للتو على استحياء، والتي تتحد في 7 نوعيات من الوظائف كالآتي:
1- مستشارو الهندسة الوراثية.
2- محققو البيانات.
3- متخصصو منع حرائق الغابات والوقاية منها.
4- مقدمو الرعاية الصحية المنزلية.
5- الوظائف الخاصة بالروبوتات والذكاء الاصطناعي.
6- خبراء الطاقة الشمسية. 
7- مصورو ومحررو الفيديوهات.
كما تتوقع الإحصاءات والبيانات اختفاء واندثار 21 وظيفة، ستصبح-مستقبلًا-في طي الماضي، وهي: موظفو البريد، وظائف تعليم الكبار ومحو الأمية، مصممو الأزهار، ومذيعو الراديو والتلفاز، ومراسلو الأخبار والمحللون، ومعالجو النصوص والكتابات وإدخال البيانات، فنيو العلاجات التنفسية، ومساعدو الصيادلة، وعمال الدعم ومواقف السيارات، ومتخصصو عروض الصور المتحركة، ومشغلو لوحات التحكم والتوزيع والهواتف، وصرافو البنوك، وكاتبو الملفات، وقارئو عدادات المرافق، والسكرتارية والمساعدون الإداريون، وعمال الطباعة، وظائف التصوير الفوتوغرافي، وظائف تشغيل القطارات، والحطابون، وظائف تنفيذ القانون، ومصلحو الساعات.
اختفاء 10 وظائف
كذلك يتنبأ موقع Brightlink Prep باختفاء 10 وظائف تقليدية بحلول عام 2050م؛ بسبب الأتمتة التي أصبحت حقيقة لا مفر منها سواء تحققت كليًا عاجلاً أم آجلاً؛ لأنها تحقق مصالح مادية كبيرة للشركات التي ستختار-دائمًا-تكاليف تشغيل أقل تكلفة، حيث لا شيء يتفوق على الروبوت المبرمج للعمل فقط. كما لا يطلب الكمبيوتر أو نظام الذكاء الاصطناعي حقوق العمال، ولا يحتج، ولا يحتاج إلى الحصول على أجر، ناهيك عن طلب زيادة. ومن المحتمل أن تخرج الوظائف العشر التالية من نطاق قوى الطلب في سوق العمل بحلول عام 2050. ويحدد الموقع قائمة بهذه الوظائف العشر، وهي: سائقو التاكسي، ومشغلو المطابع، وعمال النسيج، وموظفو البريد، وموظفو الوجبات السريعة، وظيفة أمين الصندوق (الكاشير)، ووكلاء السفر، وموظفو تشغيل لوحات التبديل (الذين يقومون بتوصيل المكالمات الهاتفية بين طرفين أو أكثر)، وموظفو دعم العملاء، وعمال المستودعات.
مثال هندي
وتبدو سيناريوهات اختفاء وظائف معينة من ساحات عالم الإدارة والأعمال والتوظيف أنها لم تكن وليدة بدايات العقد الثاني من القرن الحالي، بل ربما تعود إلى بدايات العقد الأول ومنتصف العقد الثاني منه. كما أنها ليست مقتصرة على الدول التي تحتل قمة هرم الأتمتة مثل أمريكا أو الدول الأوروبية-فعلى سبيل المثال-أشار موقع صحيفة The Economic Times إلى نتائج دراسة أجريت بالهند، أفادت أنه خلال الفترة 2012-2014م كان معدل اختفاء العديد من الوظائف كل يوم قد بلغ حوالي 550 وظيفة، وأنه إذا استمر هذا الاتجاه، فسوف يتقلص التوظيف بمقدار 7 ملايين وظيفة بحلول عام 2050 في البلاد.
 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة