المهارات الشخصية Soft Skills طريق المنظمة والموظفين نحو النجاح

​​

في نموذج التوظيف التقليدي، تركز معايير جهات التوظيف-في الغالب-على المهارات الأساسية "Hard Skills"، مثل الخبرة، والمعرفة المتخصصة، والمؤهل التعليمي. بينما تولي اهتمامًا أقل للعوامل الحقيقية التي تحدد النجاح، والتي يصعب قياسها كمًا؛ مثل المهارات الشخصية "Soft Skills". وبكلِّ تأكيدٍ يحتاج اختصاصيو الموارد البشرية والقائمون على التوظيف إلى بذل جهدٍ مضاعفٍ في اختيار المرشحين المناسبين؛ والذين يتوافقون مع المنظمة وثقافتها وقيمها وبيئتها، وليس أولئك الذين تنطبق عليهم المهارات الأساسية فقط؛ خصوصًا مع تعاظم حجم الأعمال وتنوعها، وارتفاع المنافسة بين مؤسسات الأعمال، وازدياد ضغوط العمل على الموظفين، واختلاف بيئات العمل.
إن جودة قرارات الاختيار والتعيين؛ تُعَدُّ مُمَكِّنات "Enablers and Inputs" أساسية وضروريةٌ لتحقيق استراتيجية الجهة، وتُسهِّل مهمة قيادة المنظمة للتقدم بخطى ثابتة وواثقة نحو تحقيق الغايات النهائية التي تتطلَّع إليها End Goals.  ولذا فإنه من الضروري تحول سياسات الموارد البشرية إلى نموذج التوظيف القائم على اعتبار المهارات الشخصية "Soft Skills" عند اتخاذ قرار التوظيف بدلاً عن النموذج التقليدي، بل ومنح معيار المهارات الشخصية وزنًا أكبر؛ خصوصًا في القطاع الحكومي.
وتتضمن المهارات الشخصية عِدَّة مهارات نذكر منها-على سبيل المثال لا الحصر-الذكاء العاطفي، والاتصال، والتفاوض، واتخاذ القرارات. وسنركز النقاش هنا على "الذكاء العاطفي" الذي هو مهارة إنسانية تتعلق بإدارة المشاعر وضبط العواطف والتحكم بالوجدان، والرُّشد والتوازن في التعامل مع مشاعر وأحاسيس الإنسان نفسه ومشاعر الآخرين على حدٍّ سواء. وتُعَدُّ هذه المهارة من أهم سبل التواصل الإنساني، والتعاطي مع المواقف المختلفة في بيئة العمل. والذكاء العاطفي يساعد الموظفين الجدد والحاليين على التكيف والتفاعل في المواقف المختلفة في بيئة العمل.  فالدراسات تشير إلى أن الموظفين الذين يتمتعون بذكاء عاطفي؛ سيكون النجاح حليفهم، وتحتفظ بهم المنظمة طويلًا.  ولقد تم وصف الذكاء العاطفي بأنه مسؤولٌ عن أكثر من 85% من الأداء المتميز في مكان العمل.
وفي دراسة أخرى أجرتها مؤسسة Career Builder عام 2011م تبيَّن أن 34% من مديري التوظيف يضعون تركيزًا عاليًا على الذكاء العاطفي، وأن 71% من أصحاب الأعمال يُقَدِّرون الذكاء العاطفي في الموظفين بشكل أكبر من الذكاء العقلي. وأشارت الدراسة إلى أن الذكاء العاطفي يعتبر سمة أساسية وضرورية للحصول على الوظائف والترقية الوظيفية. كذلك أوضحت أن 59% من أصحاب الأعمال ليس لديهم الاستعداد لتوظيف أي فردٍ يملك معدَّلًا منخفضًا من الذكاء العاطفي. كذلك فإن المرشح الذي يملك معدَّلًا مرتفعًا من الذكاء العاطفي يتفوق على المرشح صاحب الذكاء العقلي في غالبية الأحيان. وقد اتضح أنه في 75% من الحالات أشار أصحاب الأعمال إلى أنهم أكثر احتمالية لأن يرشحوا الأفراد أصحاب الذكاء العاطفي. وذكرت الدراسة أن هذا الذكاء هو تقييم عام لقدرات الأفراد على التحكم في عواطفهم، وعلى قدرتهم على التعرف على عواطف الآخرين، وتفهم مواقفهم والتعامل معها، والتحكم في العلاقات مع الآخرين.
وفيما يتعلق بالموظفين الذين هم على رأس العمل حاليًا؛ فإن إدارة تطوير الموارد البشرية يظلُّ دورها واهتمامها بتدريب الموظفين في مجال المهارات الشخصية بشكل عام، والذكاء العاطفي على وجه الخصوص، على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية. وفي المقابل؛ فإن الموظف بالإضافة إلى حاجته إلى التدريب المتخصص لاكتساب المهارات الشخصية، فإنه يحتاج أيضًا إلى القراءة ووسائل التعلم الذاتي، والعمل بشكل متواصلٍ ومستمرٍ على ممارسة التقييم الذاتي لتصرفاته في المواقف الإنسانية المختلفة.

​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة