فن التنافس بين زملاء العمل.. حافز للتطوير يحوله البعض لإلغاء الآخر

​​​

تعد المنافسة بين الزملاء والزميلات في العمل، واللجان، والفرق، والقطاعات، سواء رؤساء أو نواب أو مدراء أو مشرفون أو موظفون من أهم وأقوى الدوافع للعمل والإنجاز بشكل عام؛ حيث إنَّها تتحكم بسلوكيات الفرد، ويرى علماءُ النفس أن المُنافسةَ شيء فطري منذ مرحلة الطفولة. لذلك يبدأ المربون تنظيم المنافسة في نفوس الأطفال وتقويمها منذ الصغر، ولهذا تعدُّ المنافسة لدى الكِبار منظمة أكثر من خلال تقويمها وتنظيمها بطريقة تحقق الذات والمكاسب المادية والمعنوية.
خُطط إدارية
ولذا نجد الإدارات الناجحة تحاول جاهدة وضع خُطط إدارية واضحة، تعمل على تنظيم المُنافسة بين المدراء والموظفين والعاملين في المنظمة الواحدة، والإدارة الواعية تسعى إلى هذا الأمر؛ لما فيه فائدة كبيرة في تحسين الإنتاجية في المنظمة، وكذلك تجعلهم في رضى دائم حول ما يقدمون.
الإشكالية
والتنافس بين الزملاء على تقديم الأفضل يشكل حافزاً أساسياً للتطوير، ولكن يجب أن تكون في مسارات المنافسة أخلاقيات تجعل منها عاملاً إيجابياً؛ لتحسين العمل من خلال وجود قدوة أو رمز يتفق عليه الجميع، إلا أن الإشكالية لدى بعض زملاء العمل أنهم يفهمون المنافسة على أنها تدمير وإلغاء للآخر، وهو ما يدخل المنظمة في متاهة.
تنوع وتحايل وغش
وعلى الرغم من أن تنوع التخصصات العلمية والمعرفية لا يعني تنوع الفكر، بل هو مجرد تنوع للعلوم فقط، فإن اختلاف الشخصيات له أثر مهم في تعزيز المنافسة، وعدم التسليم لفكر صاحب الشخصية المهيمنة؛ فزملاء العمل ذوي الفكر الواحد، والشخصية المتشابهة لا يمكنهم التنافس والخروج برأي مُبدع خارج عن الصندوق. بل قد يؤدي ذلك إلى وجود التحايل والغش والممارسات الملتوية لكسب ود الشخصية المهيمنة؛ مما يثير البغضاء، والمشكلات بين الزملاء وتصبح بيئة العمل مشحونة بالسلبيات.
إدارة التنافس
والسياسة الإدارية الناجحة هي التي تملك فن إدارة التنافس كمحرك للتطوير بين أفراد فرق العمل (هذا على افتراض كفاءة أفراد مجموعة العمل)؛ فالتنافس الشريف في ظل روح التسامح بين الزملاء في المنظمة يؤدي إلى رقيها، خاصة إذا كان هناك زملاء طموحون متمكنون ذوو ثقافة مهنية عالية؛ فسيكون التنافس عامل جمع إيجابي بينهم. أما إن كانوا ممن يبحثون عن مصالحهم الشخصية، والحوافز والمكافآت المالية، والترقيات، والمناصب قبل الإنتاجية؛ فبالتأكيد التنافس هنا سيكون عامل تشتيت، وسيضر بمصلحة العمل. وفن إدارة التنافس والاختلاف بين الزملاء لا بد أن يستوعب أهمية عدم الجمع بين مجموعة عمل مختلفة في فكرها وشخصياتها اختلافاً عظيماً، ولكنه يعمل على الاستفادة من هذا التنوع ويجعله تنافساً لإخراج أفضل الأفضل.
التناغم
فالتناغم مهم في الإدارات، والأقسام وفرق العمل، إلا أنه يُؤدي في النهاية إلى توحد الفكر والاتكالية، أما مع وجود التنافس مع اختلاف الشخصيات؛ فإنه يخرج أفضل ما عند زملاء العمل، ويمنع حدوث الخطأ والفساد وتبادل المصالح، كما يخلق ثقافة تنافسية مهمة، كشرط لتحقيق الأمثل والأفضل للمصلحة العامة.


​​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة