إدارةالتغيير.. التحول في التوازن بين الأنظمـة المعقدة.. لكل تغيير ثمن


تعرف إدارة التغيير بأنها عبارة عن عملية التحول في التوازن بين الأنظمـة المعقـدة الثقافيـة، والاجتماعيـة والاقتصـادية والتقنية، والتي تكون أساسيات المجتمع. ويعرفها "وندل فرنش" بأنها إجراءات منظمة تهدف لتحسين قدرات المنظمة عـلى اتخاذ القرارات، وحل المشكلات، وخلق علاقات متوازنة وفعالة بين المنظمة والمجتمع والبيئة المحيطة، وذلك عـن طريـق اسـتخدام العلـوم السلوكية، كما يمكن التعبير عنها بأنها المعالجة الفعالة للضغوط اليومية المتغيرة التي يتعرض لها الشخص أو المنظمة؛ نتيجة للتقدم والتطور في جوانب الحياة المادية وغير المادية والأفكار، والتفاعل معها داخـل مؤسسـات الأعـمال وخارجهـا؛ بهدف ممارسة العمليات الإدارية بكفاءة وفعالية، وصولا إلى الوضع المنشود.
لذلك فإن محور إدارة التغيير هو تحويل منظمة قائمة من وضع لأخـر؛ مـن أجـل زيـادة فعاليتهـا، وهو الإطار الذي تحقق فيه المنظمة أهدافها.   
قواعد ومبادئ التغيير
للتغيير مبادئ وقواعد ينبغي لمَن يطمح لإنجاز تغيير ناجح أخذها بعين الاعتبار، وهي:
• تزداد فرص نجاح التغيير إذا توافر فريق عمل من الاختصاصيين والاستشاريين.
• يتفاعل الأفراد مع التغيير ويزداد قبولهم له، كلما أتيحت لهم فرصة أكبر لمناقشته والتحاور بشأنه.
• لكل تغيير ثمن، فإما أن تدفع ثمن التغيير أو تدفع ثمن عدم التغيير. فكلما ارتفعت طموحات الناس ومستوياتهم الثقافية، كلما كان استعدادهم للتغيير أكبر.
• نقد العملية التغييرية ومعارضة بعـض جوانبهـا ظـاهرة صـحية، يحسـن الاسـتفادة منهـا، وعـدم إجهاضها.
مجالات التغيير
يمكن أن يشمل التغيير كل أساس من أسس المنظمة عبر إجراءات متنوعة تختلف باختلاف العنصر المراد تغييره. ويمكن تحقيق التغيير عبر العمل على مجالات متعددة، مثل إحداث أعمال وأنشـطة جديـدة، أو دمج أنشطة مع أنشطة أخرى، أو إلغاء أعمال قائمة. وبصفة عامة، فإن التغيير يشمل ما يلي:
• العنصر البشري: وتأخذ التغييرات في هذا المجال شكل زيادة في حجم القوى العاملة عن طريـق الاختيار والتعيين، أو تخفيض حجمها عن طريق التسريح والفصل، أو زيـادة مهاراتهـا مـن خـلال بـرامج التدريب والتنمية...وغيرها.
• الموارد المادية: كتغيير الآلات أو التجهيزات، ورفع المستوى التكنولوجي المستخدم، وتغيـير نـوع المـواد الأوليـة...وغيرها.
• السياسات: يأخذ التغيير هنا شكل إلغاء سياسات قائمة، وإدخال أخرى جديدة، وتعـديل سياسـات معمول بها...وغيرها. 
• طرق وإجراءات العمل: يأخذ التغيـير هنـا أيضـا شـكل تبسـيطها لتحقيـق السرعـة في الأداء، أو إدخال طرق جديدة ...وغيرها.
• الهيكل التنظيمي: يكون التغيير هنا على شكل إعادة تقسيم الوحـدات الإداريـة، وإحـداث إدارات جديدة، أو دمج إدارات مع إدارات أخرى...وغيرها.
10 خصائص مهمة
 إن إدارة التغيير تتميز بعدد من الخصائص المهمة، لا بد من إدراكها، ويمكن إجمالها في 10 نقاط:
• التكامل أو التوافقية: لا بد من أن تسعى عملية التغيير إلى تحقيـق قـدر مـن التكامـل بينهـا وبـين متطلبات القوى المختلفة الموجودة في المؤسسة وأن تعمل على تلبية متطلبات هذه القوى؛ لأن عملية التغيير ليست ممارسة ترف فكري على مجموعـة مـن الموظفين، بل تقوم على تحقيق نسبة الرضا المتبادل بما يخـدم مصـلحة المنظمـة والقـوى العاملة. 
• الخيال والإبداع: يتميز البشر بالذكاء وبناتج العقل البشري، كالدافعية، والرغبة في الإنجاز، وينبغي لتحقيق تغيير فعال توظيف هذه الإمكانيات والقدرات البشرية والاستفادة منها بالطريقة الصحيحة.
• المشاركة: حتى تكون إدارة التغيير بيئة آمنة وقابلة للاستمرارية؛ فهي بحاجة إلى نوع من الانسـجام، وضمان ذلك يكون عن طريق المشاركة الفعالة بين قادة التغيير والقوى المتأثرة به.          
• الواقعية: على المنظمة أن تدرك أن عملية التغيير يجب أن تكون في حدود مقدرتها وطاقتها المتوفرة ومواردها المتاحة. 
• القدرة والفاعلية: إن نجاح إدارة التغيـير يتوقـف عـلى قـدرتها على امـتلاك هـامش مـن الحريـة لاتخاذ القرارات؛ من أجل توجيه القوى الفاعلة داخل المنظمة، وإجراء التغيير على النظم الإداريـة المراد تصحيحها.     
• الهدفية: إن عملية التغيير داخل المنظمة هو فعل واعٍ ومقصود، بعيدًا عن العبثية؛ يهدف إلى إقناع التيار المعارض للتغيير بالتأقلم مع الأوضاع الجديدة، ودمجه داخل المنـاخ العـام للمنظمـة بصفته عنصرًا فاعلًا، لا عامل هدم. كذلك فإن قبول عملية التغيير تبدو عسيرة على بعض العناصر داخل المنظمة؛ مما يستدعي إشاعة جو مـن المرونة على الكيان الإداري. 
• الشرعية القانونية: لابد أن تكون عملية التغيير ضمن الإطار القانوني؛ مـن أجـل الحفـاظ عـليها من الاتجاهات المعادية للتغيير، كما ينبغي أن تتبنـى إدارة عملية التغيير المبـادئ الأخلاقيـة السـائدة في المجتمـع، كما يجب أن تشتمل على دوائر إعلامية تعمل باستمرار على ترسـيخ مبـدأ التغيـير كـأداة لتحقيـق نجاحـات ومكاسب للمنظمة 
• الإصلاح: إن الإصلاح كجزء من مهام عملية التغيير ينبغي أن يُبنى على الحفاظ على بنية المنظمة عبر حمايتها من كل ما يضر بها، والسعي لإصلاح كل ما طرأ عليها من اختلالات. 
• الرشادة أو المسؤولية: أي توافر الوعي الكافي بما سينجم عـن عمليـة التغيير من تبعـات؛ ولذا يجـب دراسـة كـل خطـوات التغيير قبـل اتخـاذ أي قـرار أو تصرف، أي أن َ التغيير يجب أن يوفر مكاسب للمنظمة، لا أن يضعها في دوامة من الخسائر.
• الإبداع: إن خاصية الإبداع صفة مرتبطة بالمنظمات المعاصرة التي تتبنى منهج التغيير للحفاظ عـلى قدراتها، أي يمكن القول إن من مهام التغيير أن يلعب دورًا رياديًا في غرس قيم الابتكار والجودة داخل بيئة المنظمة، عبر عمله على تنمية القدرة الدافعة على التطوير، والسعي لتقديم بدائل متطـورة تـنهض بالمسـتوى المعرفي للموظفين. 
الضغوطات والتكيف
كثيرًا ما تعصف بالمنظمة أحداث تهدد كيانها وتنذر بزوالها، حيث تتصادم مصالح الأطراف بداخلها، ويعمل كل طرف عـلى إزالـة الآخـر، وهنـا يجـب على السلطة الفاعلة أن تتكيف بسرعة مع الواقع الجديد وتسيطر على الحدث، وتجنـب المنظمـة الصدام الذي قد يؤدي إلى دمارها، بل وعليها أن تمسك بمجريات الأحـداث وتوجههـا بالشكل الذي يحافظ عـلى المنظمـة ومكاسبها.



 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة