افعلها الآن وأكبح جنون مشاعرك


 بعد يوم مجهد ومضني في العمل، جمعت بعض الأوراق التي احتاجها؛ للترتيب لبعض مهام عملي المرتبطة بيوم غد. لكني تفاجأت بمحدودية المساحة في الحقيبة؛ فقد امتلأت بالأوراق والقصاصات قدميها وحديثها، لم أتردد برهة في إفراغ الحقيبة من هذه الأوراق التي تكدست عبر الشهور ووضع ما احتاجه غداً، فقد كانت حاجتي ملحة والموقف لا يحتمل التأجيل. وما أن وصلت وبدأت في إفراغ محتويات الحقيبة حتى تساءلت في نفسي: لماذا اليوم وليس قبله فقد كانت فكرة تنظيم وترتيب الحقيبة تراودني ولفترة طويلة دون جدوى، فكل يوم وأنا انظر لهذه الأوراق أملا في أن أرتبها غداً؟ وبذات القدر فلدينا الكثير من الأمور التي نؤجلها لأيام لا ندرك ما تحمله في طياتها ولا ظروفها، فترتيب مكتبي، وإنجاز معاملاتي، وتحديث السيرة الذاتية، وتقييم مرؤوسي، ومراجعة مؤشرات الأداء، وأجراء اتصال هاتفي مع أحد الموردين. كلها أمور قد نعمد إلى تأخيرها بوعي وإداك أو دونه، والفرق شتان ما بين أن نؤجل بوعي وإدراك وألا ندرك حقيقة أننا نؤجل وماهية دوافعنا نحو تأجلينا مهامنا ومسؤولياتنا.

ولعل ما يقودنا للتأجيل غير المدرك بشكل كبير هو مشاعرنا التي نعيشها؛ فالإحساس بعدم الراحة تجاه ترتيب الحقيبة، أو أن الموضوع مزعج، كما أنه يستهلك الوقت. كلها مشاعر تقود إلى عدم الإقدام على السلوك، والآن إليك المفاتيح:

  • اقطع حبل الأفكار التسويفية: عش اللحظة المُلهمة للإنجاز، وتخلص من المشاعر السلبية؛ فالعقل الباطن يركن إلى الراحة والتسويف. فالفكرة هي الأساس والأفكار مثل الأزهار تنمو وتنضج بالعناية والرعاية. فاعتن بأفكارك؛ فهي التي تحدد سلوكياتك وتتبني عاداتك، ولتحقيق البداية الفعالة تقول (ميل روبنز) في كتابها قاعدة الخمس ثوانٍ: ابدأ العد العكسي (1-2-3-4-5)، ثم اشرع في التنفيذ.
  • افصل فعلك عن حالتك المزاجية: لتخلق منه عادة؛ فالفعل هو ما يقود المشاعر، فما إن تبدأ بالإنجاز حتى تشعُر بالاندماج والسعادة. فكبح المشاعر السلبية مهم لتتولد لديك الطاقة الإيجابية الداعمة لاستكمال المسير في تحقيق الهدف. والآن كل ما عليك أن تزن الأمور بميزان العقل والمنطق بعيدًا عن المشاعر. حدد حاجتك لطبيعة المهام المرتبطة بك بشكل مسبق؛ حتى لا تدفعك الظروف قهرًا لتنفيذ منقوص الرغبة والقدرة، فتصاب بحالة من الإحباط، واسال نفسك: هل يمكن أن يقوم غيري بهذا العمل؟ وهل يمكن أن يرتب أحدهم حقيبتي؟ وهل احتاج لذلك فعلا أم لا؟ بالتأكيد لا أحد يمكنه أن يرتب حقيبتك بشكل جيد؛ فأنت من يعرف ما بداخلها ومدى أهميته، وبذات القدر فإن مهامك من صميم عملك وتخصصك، فأنت أفضل مَن يطور منظومة العمل ويُقيم مرؤوسيه ويقف على مجالات تحسين مستويات أدائهم.
  • أبرز وقوي إرادتك: فالإرادة سلوك قابل للشحن والتجديد، تزيد وتنقص؛ فتغذيتها تدفعك نحو الإنجاز. فحدد مستوى الإرادة عندك، ماهي الأشياء التي تزيدها وما تلك التي تُنقصها؟ مرن نفسك على تقوية الإرادة؛ فهي تماما كالعضلات تقوى بالتدريب وتضعف بالإهمال. اعمل حين يجب عليك العمل؛ فمن يرد إصابة الهدف، لابد أن يستخدم القوس والنبل ويطلق الرمح.

واجه الكسل وارفض الأعذار: فكلمة مستحيل لا يوجد لها معنى في قاموس اللغات.


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة