العلاقة بين الاتجاهات الحديثة في الإدارة

عكفت حكومة المملكة على الاستثمار الاستراتيجي في التكنولوجيا الرقمية سعياً منها لدعم تطوير إمكانات الحوكمة الفعٌالة، التي تركز في المقام الأول على تطوير الأداء والجودة والميكنة والموثوقية في العمليات الحكومية .

ويعد تطبيق الحوكمة الرشيدة في الجامعات والمؤسسات التعليمية من أهم الأنظمة الأساسية الحديثة التي تهدف إلى تحقيق جودة القيادة والإدارة والأداء، وجودة العمليات والمخرجات وبالتالي تحقيق الجودة الشاملة ،كما أن التعليم بمؤسساته المختلفة يمثل الأرضية المناسبة لتطبيق قواعدها ومبادئها، ويعتبر خطوة تفتح آفاقاً جديدة لخدمات الحكومة الرقمية  أو كما يطلق عليها  الحوكمة التقنية" أو "حوكمة التحول الرقمي" حيث  ظهرت هذه المصطلحات بصورة هامة وحيوية مترافقة مع إستراتيجيات الدولة للتطوير وتؤدي الى زيادة الشفافية والفعالية في إدارة الدولة والحد من المخاطر.

تعرف الحوكمة بأنها النظام الذي يتم من خلاله توجيه أعمال المؤسسة ومراقبتها من أجل تحقيق أهدافها وتطبيق لمعايير الجودة والاعتماد التي تحكم أداء المؤسسات التعليمية بما يحقق سلامة توجهاتها وجودة قراراتها ونزاهة سلوكيات افرادها من خلال مجموعة من القوانين والأنظمة التي تكفل تطبيق مبادئ الإفصاح والشفافية والرقابة والمساءلة الإدارية والمشاركة في صناعة القرارات والاستقلالية والحرية الأكاديمية.

وتتضح العلاقة بين أهداف الحوكمة المؤسسية وأهداف الجودة بالتالي : الحوكمة تهدف إلى تحسين وتطوير أداء المؤسسة التعليمية وتحسين الممارسات التربوية والإدارية في المؤسسة التعليمية، ومساعدة إدارة المؤسسة على صياغة وبناء إستراتيجية سليمة وضمان اتخاذ قرارات فعالة بما يؤدي إلى كفاءة الأداء وهذا ما يتفق مع مبدأ ديمنج التركيز على أهمية القيادة والتزام الإدارة العليا للمنظمة بالجودة والتحسين المستمر من جودة  المنتجات والخدمات والتطوير المستمر. وأحد مبادئ الحوكمة اللامركزية في الإدارة وتعني توزيع السلطات على أكبر عدد ممكن من الأفراد داخل التنظيم وتقابله من مبادئ ديمنج للجودة تقليل وتخفيف الحواجز بين الأقسام داخل التنظيم والعمل على إزالة حواجز الخوف بين العاملين وكذلك إشراكهم في عمليات التحويل والتطبيق من اجل تحقيق الجودة .

أن تطبيق الحوكمة الرشيدة يعمل على تعظيم قيمة المنظمة وقدراتها التنافسية وبخاصة في مجال مخرجاتها ووضعها الإقليمي والعالمي، كما تعمل على تحديد الاتجاه الاستراتيجي للمؤسسة التعليمية عن طريق اتخاذ القرارات الاستراتيجية الصائبة للمحافظة على الموارد والمكاسب المادية والمعنوية للمؤسسة أو المنظمة، وهو ما يتفق مع مبادئ ديمنج بضرورة التوقف عن سياسة الشراء على أساس الأسعار بل الاعتماد على الجودة وكذلك ضرورة إدخال التغيير وتبني فلسفة جديدة فلا يمكن قبول الخطأ الذي حصل قديما .ومن ناحية أخرى يرتبط التمكين بمجال الحوافز في الإدارة، إذا يشكل منح الفرد العامل في التنظيم قدرًا من الثقة بقدراته واستعداداته حافزًا له نحو المزيد من الإنجاز والإتقان والجودة في الأداء.

كما يخلق تطبيق الحوكمة الرشيدة مناخا جيدا للعمل الجماعي الذي يسعى لبلوغ غايات محددة، وهي موجهة للاستخدام الأمثل لموارد المنظمة وهو من مبادئ ديمنج بضرورة إشراك الأفراد داخل التنظيم وعند أشراكهم نقلل من الحواجز بين الأقسام والدوائر، وكذلك استخدام الأساليب الإحصائية في عمليات الإشراف وضبط الجودة ومن ثم تطبيق المساءلة بالإضافة إلى التمكين الذي يعتبر أحد مبادئ الحوكمة فعند تمكين الأفراد وإشراكهم في اتخاذ القرارات وفي جو من الشفافية التي تعني وضوح ونزاهة الحيثيات التي يتخذ القرار بناء عليها. وكذلك تجنب حدوث أيه مخاطر أو صراعات داخل المؤسسة تعوق جودة الأداء. وعليه يتطلب تمكين العاملين في سائر التنظيمات تزويد المُمكنين بالتأهيل الكافي لوظائفهم وتعهدهم ببرامج تدريبية مستمرة بعد التأهيل والانخراط في العمل، وهذا ما يتفق مع مبدا ديمنج للجودة بضرورة التدريب والتطوير المستمر ومن ثم يعمد العاملون إلى المراجعة المستمرة والتعديل والتطوير للقوانين الحاكمة لأداء المؤسسة التعليمية والمراجعة الدورية لمعايير العمل من أجل تحقيق جودة عالية.

ويتطلب ذلك توفير الإرشادات للمؤسسة التعليمية حول كيفية تحقيق التزام أفضل المعايير والممارسات القياسية، ويتحقق ذلك عند تطبيق الشفافية في المؤسسة ووضوح الإرشادات يتم إشراك الأفراد داخل المنظمة في عملية التحويل والتطبيق.

ومن أهم أهداف الحوكمة الفصل بين الملكية التنظيمية والإدارة والرقابة على الأداء وتأكيد مسئوليات الإدارة وتقييم أدائها وتعزيز المحاسبية والمساءلة وعدم الخلط بين المهام والمسئوليات الخاصة بأعضاء المؤسسة التعليمية. وهو أحد مبادئ ديمنج بالتوقف عن الاعتماد على التفتيش لتحسين الجودة واستخدام الأساليب الإحصائية لمراقبة العمليات الإنتاجية والإشراف وضبط الجودة فبالتالي تسعى الحوكمة إلى تنمية الرقابة الذاتية للفرد ويتضمن ذلك المراجعة الدورية للعملية من اجل تحقيق الجودة العالية .

وفي الختام لا بد من التنوية إلى وجود إجماع لدى الباحثين والخبراء المختصين في مجالات تطوير التعليم على وجود علاقة بين الجودة المستهدف تحقيقها لمخرجات التعليم وتطبيق نظم الحوكمة الرشيدة في المؤسسات التعليمية ، لأن وجود مثل هذه النظم وتفعيلها بكفاءة يوفر الظروف المناسبة لضمان الجودة وهو ما تهدف له الحوكمة من التحسين والتطوير  المستمر وبالتالي تتحقق جودة المنتجات والخدمات  ومن ثم  الحصول على الاعتماد المؤسسي.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة