قرارات غير موفقة في إدارة الـ «سوشيال ميديا»

​​

قد يبدو للوهلة الأولى أن إدارة عالم "السوشيال ميديا" ومواقعه المختلفة لا تعترف سوى بالنجاحات التي ترسخت بناء على قرارات متميزة لا يعرف متخذوها معنى الإخفاق أو الفشل. ولم لا؛ فمواقع التواصل الاجتماعي بسبب هذه القرارات الناجحة رسمت حدودًا لا نهائية لإمبراطوريتها وسيطرتها على العالم. لكن دعونا ننظر للجانب الآخر في إدارة شركات ومواقع التواصل الاجتماعي بهذا العالم، فهي كغيرها من المؤسسات والشركات التي قد تتخذ قرارات غير موفقة؛ ربما تسبب لها فضائح وسقطات ومنعطفات أقرب ما تكون إلى الفشل والسقوط الإداري المدوي. نصحبكم في عالم "السوشيال ميديا" للتعرف على أبرز هذه القرارات التي كانت بمثابة أزمات ورياح عاتية كادت أن تعصف بها وبموظفيها وبمؤسسيها ورؤسائها التنفيذيين.
فشل Myspace
نستهل استعراض هذه القرارات-بحسب موقع EveryLeader-بما حدث في عام ٢٠٠٣م، إذ كان موقع Myspace هو أقوى موقع للتواصل الاجتماعي في ذلك الوقت؛ حتى أنه شرع في حملة لشراء المواقع الصغيرة التي من المتوقع أن تشكل منافسة لها، وكان من بينها موقع تواصل صغير-حينئذ-يدعى Facebook. في عام 2005م اجتمع الرئيسي التنفيذي لـ Myspace مع فريق Facebook الذي طلب مبلغ 75 مليون دولار مقابل الشراء، وهو ما رفضه مدير Myspace. حاليًا تتجاوز القيمة السوقية لـ facebook مبلغ 350 مليار دولار؛ بينما تم بيع Myspace لشركة تسويق مقابل 35 مليون دولار فقط! 
منعطفات "تويترية"
ويتناول موقع "GRUNGE" أبرز المنعطفات التي واجهت "تويتر"، والتي من بينها ما حدث في يوليو 2020م، حينما تم اختراق أكثر من 130 حسابًا تخص شخصيات عامة وقادة عالميين ومؤثرين من المشاهير من قبل محتال سابق في لعبة Minecraft يبلغ من العمر 17 عامًا، والذي تسلل إلى نظام Twitter الداخلي دون معدات متطورة من أي نوع. وقد قام هذا المحتال بإجراء مكالمات مع مكاتب Twitter متظاهرًا بأنه من قسم تكنولوجيا المعلومات، وحصل على بيانات اعتماد المسؤول للموظفين، عن طريق توجيههم لإدخالهم إلى موقع تصيد (عبر إدارة الخدمات المالية بولاية نيويورك)؛ وفي غضون ساعات أصبح "تويتر" تحت رحمته؛ فقد تمت سرقة حوالي 118 ألف دولار من Bitcoin من خلال هذا الاختراق، والذي أظهر أن هناك ثمة قرارات غير موفقة تتعلق بإجراءات الاعتماد والدخول والأمان.
كذلك تعرض المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"تويتر" "جاك دورسي" للانتقادات؛ في أعقاب الضغوط الشديدة والنقد الذي تعرض له؛ بسبب قراراته وفشله في المشاركة في العمليات اليومية للشركة، حيث استقال "دورسي" في نوفمبر 2021م وأعلن استقالته عبر "تويتر". وعقب ذلك حاولت شركة "تويتر" تفادي النقد الشديد الذي واجهته في السنوات الأخيرة، لا سيما منذ اختراق عام 2020م، لكن الشركة لا تزال متورطة في أعقاب اتخاذها العديد من القرارات غير الموفقة فيما يتعلق بالأمن وربما فيما يتعلق بسلامة المعلومات، وجميعها تضاف إلى فضائح المضايقات، والتدخل الأجنبي في الانتخابات، وخطاب الكراهية، وغيرها من المنعطفات.
محاولات ترويض "سناب شات"
وفيما يتعلق بموقع وتطبيق "سناب شات" للتواصل الاجتماعي الذي أسسه "إيفان شبيجل" وأصبح رئيسه التنفيذي، إذ تم إطلاق هذا الموقع في شهر سبتمبر عام 2011م-طبقًا لما أورده موقع Arageek-لتسجيل وبث ومشاركة الرسائل المصورة، بحيث يمكِّن المستخدمين من التقاط الصور، وتسجيل الفيديو وإضافة نص ورسومات، وإرسالها إلى قائمة من المتلقين هم متابعي الشخص.
وقد حظي "سناب شات" بشعبية كبيرة في وقت قياسي، وهو الأمر الذي دفع مؤسس فيسبوك "مارك زوكربيرج"-الذي يريد السيطرة على كافة التطبيقات المميزة-إلى التفكير في إنشاء تطبيق منافس له، وبالفعل في ديسمبر عام 2012م أطلق فيسبوك تطبيق مشابه ومنافس اسمه "Facebook Poke"، والذي يعتبر نسخة من تطبيقات التراسل الفوري التي تقوم بتدمير الرسائل ذاتيًا، والتي يمكن استخدامها للأنشطة التي تستدعي السرية أو الخصوصية. إلا أن العديد من مستخدمي التطبيق الجديد أبدوا شعورهم بالإحباط بعد استخدامه، والذين كان من بينهم المحلل التقني المعروف "بيتي باشال". ولم يكتف "زوكربيرج" بذلك لكنه عاود محاولة إنشاء وإطلاق تطبيق آخر ينافس "سناب شات"، أطلق عليه اسم "Slingshot"، والذي فشل أيضًا في جذب المستخدمين، بالرغم من محاولات تطويره، حتى قامت الشركة بإزالته تمامًا.
ومن الجدير بالذكر أن " زوكربيرج" لم يستسلم، ومازال مصرًا على المنافسة، حيث أصبح يستنسخ الأفكار التي يتم تحديثها في "سناب شات"؛ لصرف المستخدمين عنه وجذبهم للتطبيقات التابعة لشركته، والتي من أبرزها: تقليد ميزة Discover، وتقليد ميزة "الحالة Status" في تطبيق "واتس أب" المملوك لفيسبوك، وتقليد إضافة ميزات وتأثيرات وأقنعة جديدة للصور لتطبيق الكاميرا الرئيسي الخاص بالتقاط الصور والفيديوهات، كما تبنى تطبيق "إنستجرام" التابع لفيسبوك نسخته الخاصة من القصص الحية كما في تطبيق "سناب شات"، إضافة إلى استنساخ "واتس أب" رسوم وملصقات "سناب شات". وبالرغم من كل ذلك فقد أثبت الأخير جدارته ورسَّخ مكانته بين تطبيقات التواصل الاجتماعي وأحقيته في منافسة تطبيقات "زوكربيرج" الذي فشل من خلال قراراته ومحاولاته المتتالية في ترويض "سناب شات" الذي ازداد قوة وثباتًأ.
فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"
ويبدو أن القرارات غير الموفقة لإدارة شركة "فيسبوك"، والتي أوصلتها لحافة الفضائح لم تنته، فقد تعرض هذا الموقع الشهير لإحدى هذه الفضائح التي تفجرت أوائل عام 2018م وسُميت بفضيحة "بيانات فيسبوك-كامبريدج أناليتيكا" التي تم خلالها-وفقًا لموسوعة ويكيبديا-الكشف عن أنّ شركة "كامبريدج أناليتيكا" قد جمعت "بيانات شخصية" حولَ ملايين الأشخاص على موقع "فيسبوك" من دون موافقتهم قبل أن تستخدمها لأغراض "الدعاية السياسية". وقد وُصفت الفضيحة من قِبل الكثيرين على أنها "لحظة فاصلة" في الفهم العام للبيانات الشخصية، كما أدّت إلى حدوث هبوطٍ كبيرٍ في سعرِ أسهم شركة "فيسبوك" العالميّة التي انخفضت قيمتها السوقية لأكثر من 100 مليار دولار، فيما دعا آخرون إلى "تنظيمٍ أكثر صرامة" لاستخدام شركات التكنولوجيا للبيانات الشخصية.
16 أزمة
وعلى صعيد متصل، ذكر موقع "INCIDER" أبرز 16 أزمة واجهتها شركة "فيسبوك"؛ والتي نتجت عن اتخاذ قرارات غير موفقة وإجراءات وممارسات خاطئة، والتي كان من أبرزها: في عام 2019م فرضت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية غرامة على الشركة بقيمة 5 مليارات دولار؛ بسبب انتهاكها خصوصية المستخدمين، وهي غرامة باهظة بالنسبة لشركة تعمل في المجال التقني. كذلك أعلنت "فيسبوك" عن خططها لإطلاق عملة مشفرة تسمى Libra مما أدى إلى استدعاء "مارك زوكربيرج" للإدلاء بشهادته أمام مجلس النواب؛ بشأن التأثيرات المالية واللوائح المتعلقة بهذه العملة. وفي نوفمبر من العام نفسه تم إصدار أكثر من 4000 صفحة من مستندات Facebook الداخلية تخص دعوى قضائية بواسطة مطور تطبيقات، إذ كشفت الوثائق كيف قطعت الشركة وصول المطورين إلى البيانات، وخططت لتتبع مواقع مستخدمي Android، وفكرت في فرض رسوم على المطورين للوصول إلى بيانات المستخدم من بين أشياء أخرى. وفي يناير 2020م أعلنت الشركة أنها لن تتحقق من إعلانات السياسيين على منصتها؛ مما قد يسمح لهم بنشر منشورات تحتوي على معلومات مضللة، وهو ما كان محل انتقادات؛ لأن الانتخابات في أمريكا كانت تلوح في الأفق.
يضاف إلى ما سبق أن "زوكربيرج" ظهر في جلسة استماع ضخمة لمكافحة الاحتكار في الكونجرس الأمريكي في يوليو 2020م، جنبًا إلى جنب مع الرؤساء التنفيذيين لشركات: Amazon وApple و Alphabet's Google؛ حيث خلص المشرعون لاحقًا إلى أن جميع الشركات الأربع تتخذ قرارات غير موفقة؛ من شأنها أن تؤدي إلى انتهاج ممارسات احتكارية يجب تنظيمها.



 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة