الاحتفالات بالمناسبات في العمل عدوى للسعادة واكتشاف للمواهب​

​إعداد/د.أحمد زكريا أحمد​​

​تهتم الإدارة المعاصرة بالتأكيد على الجانب الإنساني للموظفين والمديرين، وهو ما تؤكده الاحتفالات بالمناسبات المختلفة في أماكن العمل، سواء كانت شخصية أو وظيفية؛ فهي فرص مواتية جدًا لإظهار سلوكيات وآراء ومواقف واتجاهات ربما لن يكشفها الطابع الرسمي للعمل، وتؤكد اللمسة الإنسانية كالمشاركة الوجدانية؛ مما يزيد من ولاء الموظفين. كذلك تبرز الهوية الخاصة للموظفين في بيئات عملهم، وتكسر روتين العمل، وتضفي بهجة؛ مما يجعل المؤسسات والشركات المختلفة تبدو كبيئات عمل سعيدة. وتنظيم مثل هذه الاحتفالات لا يتعارض مع جدية وسير العمل وجودة الأداء؛ لأنها ستكون تحفيزًا وتقديرًا لهم. في هذا التقرير نصحبكم للتعرف على أبرز أسباب، وطرق، وفوائد، ونصائح تتعلق بتنظيم الاحتفالات بالمناسبات في أماكن العمل، وأهم الأمثلة لها. 
بيئة عمل سعيدة ومنتجة
نستهل هذا التقرير بما تشير إليه "كيمبرلي ميكيش"-موقع "Happier.com"-أن تخصيص بعض الوقت في بيئة العمل للاحتفال بأشياء صغيرة سعيدة، مثل عيد ميلاد زميل، أو بدء مشروع جديد؛ سيجعلك موظفًا أكثر سعادة وإنتاجية، وستستمتع بمزيد من المرح. كذلك فإن هذه الاحتفالات عبارة عن طريقة رائعة لتعليم زملائك كيف يكونوا سعداء في العمل أيضًا. وطبقاً لمدونة "VantageCircle"، فإن الموظفين والمديرين في بيئة العمل المعاصرة يرغبون في أن يرى الآخرون إنجازاتهم ويقيمونها ويقدرونها، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال تلك الاحتفالات. كذلك فإن أرباب العمل-في بيئات العمل المعاصرة-يبحثون عن خيارات جديدة تسهم في تحقيق السعادة لهؤلاء الموظفين.
عدوى السعادة
وتحدد "ميكيش" 5 أسباب للاحتفالات في أماكن العمل، كالتالي:
1- مناسبات تجمع زملاء العمل معًا: بالاحتفال معًا نبني أواصر الصداقة والود وتصبح بيئة العمل أكثر إيجابية، كما أن السعادة عبارة عن عدوى؛ فقد وجد "نيكولاس كريستاكيس" و"جيمس فاولر"-باحثان في جامعتي "هارفارد" و"سان دييغو" على التوالي-أن كل صديق إضافي سعيد يزيد من احتمالية أن يكون الشخص سعيدًا بنحو 9%.
2- لحظات مؤثرة في العديد من الزملاء: هذه الاحتفالات ما هي إلا تفاعلات إنسانية إيجابية في العمل تسهم في توسيع تفكيرنا؛ بحيث لا ينحصر جُل تفكيرنا في العمل وما يرتبط به من أنماط تفكير تقليدية، كالملل أو الإحباط من ظروف معينة، بل سنفكر في أشياء أخرى، كالذكريات السعيدة، والقصص الشخصية، والعمل الجماعي.
3- مناسبات مجانية تسهم في العمل بجدية: يؤكد الخبراء وتثبت الدراسات أن التقدير والتشجيع يسهمان في رفع الروح المعنوية والإنتاجية في مكان العمل؛ فوفقاً للدراسات فإن 69% من الموظفين ذكروا أنهم سيعملون بجدية أكبر إذا تعارفوا على بعضهم البعض بشكل جيد، كما يحدث في مثل تلك الاحتفالات.
4- تحديد أهداف أكبر وأفضل: الاحتفالات في بيئة العمل تتيح للموظفين التفكير بشكل أفضل وأعمق.
5- الثقة: الاحتفالات بالإنجازات في العمل؛ تتيح للموظف أو زملائه في فريق العمل الجماعي تقييم مواهبه/مواهبهم؛ وتمنحه/تمنحهم الثقة في التغلب على التحديات المختلفة، كما تغلبوا عليها سابقًا وأصبحت سببًا/أسبابًا لمثل هذه الاحتفالات.
أمثلة
ويبرز موقع "ERC"-المهتم ببيئة العمل السعيدة-العديد من المناسبات للاحتفال بها في أماكن العمل، كالترقيات، والتقاعد، وأعياد الميلاد، والتخرج، واحتفالات الذكرى السنوية، وولادة الأطفال الجدد، وبداية ونهاية العام، وبدايات المشروعات، وتغييرات المكاتب، والاحتفالات بتقدير بعض الموظفين أو المديرين، وذكرى الشركة، ومناسبات بناء فرق العمل الجماعي، وغيرها من المناسبات والاحتفالات.
21 طريقة للاحتفال
وقد يبدو للعديد من الموظفين والمديرين في بيئات العمل لدينا أن تنظيم مثل هذه الاحتفالات في أماكن العمل تتعارض مع جدية العمل، وإنجازه، وغيرها من الأسباب التي ينظر إليها خبراء وباحثو الإدارة حاليًا باعتبارها أنماط تفكير تقليدية ولم تعد تتناسب مع متغيرات العصر والنظر بعين الاعتبار إلى أهمية تحقيق وتوفير سُبُل السعادة في بيئات العمل المعاصرة. ففي الدول المتقدمة تولي المؤسسات والشركات المختلفة هذه الاحتفالات اهتمامًا كبيرًا ويعولون عليها في رفع معدلات الأداء. وربما كان لهذا التوجه العصري انعكاساته على الموضوعات التي تهتم بها المواقع الإلكترونية المتخصصة في بيئات العمل السعيدة، كموقع "Great Place to Work" الذي يصف أفضل 21 طريقة للاحتفالات في مكان العمل، والتي يمكن إجمال أبرزها-باختصار-في الآتي: تحث المؤسسة الرؤساء التنفيذيين على إرسال بريد إلكتروني أو إعلان فيديو بشأن الاحتفال بالإنجازات والنجاحات في العمل، وترتيب مفاجآت سارة للموظفين كأن يقدم قادتها ومديروها الشكر لهم أو التقاط الصور معهم، والاحتفاء بالمديرين من خلال تقديم الموظفين هدايا رمزية لهم للتعبير عن امتنانهم تجاههم.
بالإضافة إلى إبراز هذه الاحتفالات عبر مواقع المؤسسة أو الشركة بوسائل التواصل الاجتماعي، وتحديث بروفايل المؤسسة على هذه المواقع للتعبير عن هذه المناسبات والاحتفالات، ودعوة الموظفين للاحتفال من خلال تناول الغداء، وتناول الكعك، وتزيين مكاتبهم، وتوزيع هدايا عليهم، وإنشاء ملفات تعريف الارتباط "Cookies"، وتدشين حملات الإعلانات الخارجية بخصوص الاحتفالات بالإنجازات، وتحفيز الموظفين بمنحهم الوقت الإضافي للاسترخاء والترفيه، ودعهم يرتدون ملابس غير رسمية في بعض الأحيان، وأن تجعل المؤسسة موظفيها يشعرون بالرضا، ومشاركتهم التعليقات والتفاعل معًا.
4 فوائد
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتفالات بالمناسبات، سواء الشخصية أو الوظيفية، في أماكن العمل لها العديد من الفوائد، فهي-بحسب موقع Chron - تنحصر في 4 فوائد، وهي:
1- تمنح الموظفين تقديرًا لإنجازاتهم في كل من العمل وحياتهم الشخصية: تنظيم وإقامة احتفالات للمناسبات الشخصية في أماكن العمل، مثل أعياد الميلاد، وحفلات الزفاف، والأطفال حديثي الولادة، يظهر الاهتمام بهم بشكل شخصي؛ لأن معظم الناس يحبون الاعتراف بإنجازاتهم، والاحتفالات في مكان العمل تتيح للمؤسسة ومديريها منصة لتقديم هذا الامتنان لهم، وتقدير جهودهم التي يبذلونها في عملهم.
2- زيادة تماسك وبناء فرق العمل: تجمع الاحتفالات في أماكن العمل أعضاء فرق العمل-كل حسب هدفه وأعضائه-بحيث تساعد هذه الاحتفالات في خلق شعور بوحدة الفريق للموظفين، خاصةً إذا كان الاحتفال بخصوص إنجاز جماعي. على سبيل المثال، يمنح الاحتفال بالانتهاء من مشروع عمل كبير الفريق فرصة للترابط وتذكر نجاحات المشروع عبر مراحله المختلفة. وغالبًا ما تضفي الاحتفالات جوًا مريحًا؛ إذ يتمكن الزملاء من التعرف على بعضهم البعض، بخلاف العمل الرسمي الذي يقومون به معًا. كذلك قد تساعد الاتصالات الشخصية الموظفين على العمل معًا بشكل أفضل في المشاريع المستقبلية.
3- رفع الروح المعنوية: غالبًا ما ترتفع معنويات الموظفين عندما يتم التعرف عليهم من خلال احتفالات مكان العمل؛ فيكسبهم شعورًا بالرضا، كما توفر الاحتفالات استراحة ممتعة من الروتين المعتاد في مكان العمل لزيادة المعنويات. بالإضافة إلى أنه عندما تكون الروح المعنوية عالية في مكان العمل، فمن المرجح أن يعمل الموظفون بكفاءة.
4- التحفيز: الاحتفالات في أماكن العمل تمنح الكثير من الموظفين الحافز على التركيز وتحقيق النجاحات الوظيفية.
اكتشاف المواهب
ويلفت موقع "Medium.com" إلى أن الاحتفالات بالمناسبات المختلفة في أماكن العمل قد تساعد في التعرف على المواهب غير المعروفة لبعض الموظفين. وبحسب "ساتيا ناديلا"-الرئيس التنفيذي لشركة Microsoft-ففي هذا العالم المعقد أصبح العمل ميكانيكيًا للغاية، ولذلك فإن الاحتفالات تصبح كمزيل للضغط. وخلال ممارسة الأنشطة والألعاب، يتم الكشف عن الكثير من المواهب غير المعروفة. فربما يكون أحد الموظفين موهوبًا في الموسيقى، وقد يتمتع أحدهم بالمهارات السلوكية، مثل المبادرة أو الاتصال، والتي لم تظهر أثناء العمل، بحيث تمثل هذه الاحتفالات الفرصة السانحة لاكتشافها.
4 نصائح مهمة
ويقدم موقع "إدارة.كوم" 4 طرق بسيطة لجعل الاحتفال في الشركة حدثًا مفيدًا وممتعًا للجميع، وهي:
1- احرص على الاحتفال بموظفيك واجعله مختصراً: يعد موسم الأعياد الوقت المثالي لشكر الزملاء والموظفين والاعتراف بالعمل الشاق والإنجازات. فقد خلصت إحدى الدراسات إلى أن 80% من العمال ذكروا أن أحد الأسباب الرئيسية لتركهم وظائفهم هو الشعور بعدم التقدير، وقد توصلت أبحاث أخري إلى أن إبداء التقدير يساعد على إشراك الموظفين أكثر من الترقيات أو زيادة الرواتب.
2- قدم طعاماً رائعاً: هناك طريقة أخري فعالة لإبداء التقدير وهي أن تكون كريماً مع موظفيك من خلال تقديم طعام رائع؛ فالطعام يطلق "الإندروفين" في عقولنا مما يجعلنا نشعر بالراحة. حيث تستطيع أن تجمع حفلات العشاء كل من العائلة والأصدقاء، وتُجدد الالتزامات الاجتماعية. بينما يبدو أن الأكل سوياً أمر بسيط، إلا أنه يساعد على تقوية الروابط والالتزامات.
3- وفِّر أنشطة لتخفيف التوتر: إذا كان هناك توتر بين زملاء العمل أو مستويات عالية من الإجهاد في المكتب؛ فإن إقامة حفل في مثل هذا التوقيت قد تكون فكرة سيئة، ولكن الأنشطة البسيطة مثل تشغيل الموسيقي أو حتى مشاركة القصص يمكنها أن تساعد في بدء حوار مع الآخرين.
الهدف من ذلك هو منح الناس فرصة للإفراج عن التوتر والتواصل مع بعضهم البعض، وليس إجبارهم على القيام بأشياء لا رغبة لهم فيها. فقد أظهرت الأبحاث أن التواصل بين الأشخاص ينمو عندما يناقشون الأحداث الإيجابية أو يضحكون معاً، ومن المعروف أن النشاط البدني، مثل لعبة السهام، أو أي لعبة جماعية أخرى يقلل من التوتر ويرفع من المزاج.
4- اجعل الاحتفال جزءاً لا يتجزأ من العمل: في حين أن حفلات الأعياد رائعة، إلا أنها لا ينبغي أن تكون الحدث الوحيد للاحتفال بإنجازات فريقك؛ فالثناء الفوري والمتكرر له تأثير كبير على معنويات العاملين وزيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 42% لذلك يعزز الإعراب عن الامتنان الروابط والدوافع والولاء.
 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة