وجدتهم في "أوبك" لا يحترمون الوقت ويتلاعبون بحصص النفط


تركت العمل بوزارة الزراعة فهددني الوزير بالسجن

يتحدث معالي وزير البترول السعودي "سابقاً" د.علي بن إبراهيم النعيمي عن طفولته في كتابه (من البادية إلى عالم النفط) فيقول: كنا نغدو مع بزوغ الفجر نسوق قرابة (150) رأساً من الغنم؛ لترعى قريباً من مضاربنا، وكنت في الرابعة من عمري. وقد نشأت بعد ولادتي (1935م) صبياً حافياً يرعى الغنم. فرضت علينا مواسم الأمطار الترحال بحثاً عما نكلأ به دوابنا. وعشت مع أسرتي وعشيرتي حياة شبه معزولة عن المدنية والحضارة. وفي الثامنة من عمري أرسلتني أمي للعيش مع والدي، وسرعان ما تعلقت بأخي عبدالله الذي كان طالباً في مدرسة الجبل بشركة أرامكو. وكان يعمل بالشركة ساعياً، وأصبحت مثله. وكنا طلاباً فقراء نقضي معظم وقتنا في دراسة اللغة الإنجليزية، والعربية، ومبادئ الحساب. وصرت الطالب الذي يبذل جهداً أكبر ويقوم بواجبه أفضل من بقية الطلاب. وفي أحد الأيام سألنا مدرسنا عما نريد أن نكون عندما نكبر، فجاء أغلبنا بإجابات نمطية، مثل: رجل إطفاء، أو أستاذ، أو مشرف حفر، لكني فاجأت الجميع قائلاً: "أريد أن أصبح رئيس شركة أرامكو"! أصبحت موظفاً رسمياً في أرامكو إلى جنب دراستي التي كنت شغوفاً بها. ولكن دوام الحال من المحال؛ فقد طردت من أول وظيفة في أرامكو بعد تسعة أشهر؛ بسبب إصدار الحكومة نظاماً يمنع توظيف من هم دون سن الثامنة عشر. بعد محاولات في أعمال أخرى؛ عدت لأرامكو من جديد فتعينت بوظيفة كاتب مبتدئ، وعدت لمقاعد الدراسة مرة أخرى.

ابتسم لي الحظ عام 1953م عندما وقع علي الاختيار للدارسة صيفاً في الجامعة الأمريكية في بيروت؛ فتعرفت هناك على علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء، بالإضافة إلى الرياضيات الحديثة.  وابتسم لي الحظ مرة أخرى عندما تم اختياري ضمن خمسة طلاب منحوا بعثة دراسية إلى الكلية الدولية بالجامعة الأمريكية في بيروت لإكمال دارساتنا الثانوية، والتحضير للدراسة الجامعية. وأنهينا متطلبات الدراسة الثانوية بنجاح، ودرسنا مواداً إضافية استعداداً للبعثة إلى أمريكا التي اتجهنا إليها مباشرة والتحقت بجامعة "ليهاي" شرق بنسلفانيا لدراسة الجيولوجيا.

من أرامكو إلى وزارة الزراعة

طرأ أمر ساهم في تغيير مساري المهني مع مطلع العام 1965م، عندما اتصلت بمدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي افتتحت مؤخراً في المنطقة الشرقية، وكان مديرها صديقاً قديماً ويعرف أنني متخصص في المياه الجوفية؛ فاتصل بصديقه وزير الزراعة وسأله عما إذا كان يبحث عن بديل لوكيل الوزارة لشؤون المياه. فاتصل بي الوزير وعرض علي بعد حديث وجيز منصب المدير العام في مقر الوزارة بالرياض براتب شهري ثلاثة آلاف ريال؛ وذلك تهيئة لأصبح وكيلاً للوزارة. وكان الراتب ضعف ما أتقاضاه في أرامكو تقريبا. وكان المنصب الحكومي المرموق في ذلك الوقت قمة الطموح لأي شاب سعودي.  طلبت من أرامكو إجازة استثنائية لمدة سنة دون مرتب؛ لأتمكن من خوض تجربة العمل الحكومي. فلم توافق الشركة وحسب، بل أقرضتني عشرة آلاف ريال لأتمكن من استئجار سكن في الرياض.

توهمت بانضمامي إلى القطاع الحكومي أني سأقوم بخدمة الناس، وأسهم في تطوير البلاد ونهضتها، إلا أنني لم أجد وقتاً حتى للتفكير بذلك. فما كدت أضع حقيبتي على المكتب حتى تقافز أمامي المقاولون وأصحاب الأراضي، يريدون انتزاع توقيعي للموافقة على حفر آبار مياه دون تقديم تفاصيل هندسية، أو أي معلومات تتعلق ببرنامج الحفر. وبعد يومين مع معارك مشابهة لم أجد بداً من خوضها، ولا أملاً في درء أسبابها، فاض بي الكيل فبحثت عن مقعد على متن طائرة الخطوط السعودية تنقلني إلى الظهران. وعدت جيولوجياً أنقب في أرامكو عن النفط، وبعد أسبوعين تلقيت اتصالاً يخبرني بأن وزير الزراعة غاضب لتركي العمل بشكل مفاجئ، فطلب أن أحضر إليه، وعندما التقيت به سألني عما جرى فأجبت: لا يمكنني العمل عندكم يا معالي الوزير. فقال: ألم تعلم أنني أستطيع سجنك على ما فعلت؟ ولم يكن قد خطر ببالي ذلك الأمر، إلا أنه محق على كل حال. فأجبته: أنت تعرفني جيداً يا معالي الوزير ولا أحسبك اخترتني إلا لأنجز لك العمل على أتم وجه. وأنا لا أستطيع القيام بذلك في بيئة عمل كتلك. فالأمر لك إن شئت سجني فافعل. ولكني لا أرى في الأمر جدوى؛ فأنا لن استمر في الوزارة، وربما أعجيه منطقي، أو لعله تفهم اندفاع الشباب، فصافحني قائلاً: حسناً، في أمان الله إذن، فرجعت مباشرة إلى برنامج التنقيب هناك.

انتابني بعض الندم حين تركت فرصة الوظيفة الحكومية، فقد كنا نشعر في ذلك الوقت أن أرامكو لا تلتفت إلى تطورنا الوظيفي–نحن السعوديين–كما يجب. فقد كنا غالباً نملأ فراغ الوظائف الشاغرة؛ بسبب تقاعد أصحابها، أو انتقالهم، ولا نعطى الفرصة الكافية للتدريب، واكتساب الخبرة اللازمتين للوصول إلى الوظائف القيادية. وقد أراد كبار مسؤولي الشركة بمن فيهم الجيولوجي "توم باغر" الذي عين رئيساً تنفيذياً عام 1961م، أن يتم إعداد السعوديين لشغل الوظائف القيادية في أرامكو، كما ناشد أحد كبار الموظفين واسمه "فرانك جونكرز" بتقديم التدريب المكثف لنا. ولكن كثيراً ما اصطدمت تلك المبادرات بواقع بيروقراطية الشركة. ولم تكن صناعة القرار في أرامكو بمعزل عن محيطها السياسي والاقتصادي؛ فلقد جعل تأسيس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) عام 1960م، كلاً من المملكة العربية السعودية، والكويت، والعراق، وفنزويلا، وإيران يحكمون سيطرتهم على موارد النفط في بلادهم؛ مما دفع أرامكو إلى الحرص على متانة علاقتها مع الحكومة السعودية حفاظاً على امتياز التنقيب عن النفط؛ فأدى هذا إلى تدريب عدد أكبر من السعوديين على المستويات كافة.

وقد تقدمت أربع درجات وظيفية بحلول عام 1967م. وتم نقلي إلى إدارة العلاقات العامة بالشركة في ذلك العام. وأصبحت مرافقاً لزوار الشركة؛ لمعرفتي بتفاصيل العمل من جيولوجيا، وتنقيب، وإنتاج، وكذلك لاتقاني اللغة الإنجليزية، فالتقيت الصحفيين الدوليين، واصطحبتهم في جولات حول منشآتنا. وعرض علي بعد عام منصب مدير العلاقات العامة، مع وعد بأن أصبح نائب الرئيس للعلاقات العامة؛ إن أبليت بلاءً حسنا. كان عرضاً مغرياً، فمنصب نائب الرئيس رفيع جداً، فلم يتجاوز عدد نواب الرئيس عشرة آنذاك، وكلهم من الأمريكان. وفي 1 مايو 1975م دخل مكتبي الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو وهنأني بتعييني نائباً لرئيس الشركة. كان خبراً مفاجئاً. وكنت أول سعودي يصبح نائباً للرئيس في قطاع تشغيلي. وفي عام 1980م عينت عضواً في مجلس إدارة أرامكو، وكانت نقلة عظيمة في مسيرتي المهنية.

رئيسا لشركة أرامكو

صادف يوم 16 مايز 1983م الذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقية الامتياز التي منحت شركة "ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا" حق التنقيب عن النفط في معظم أنحاء شرق المملكة العربية السعودية، وأقيم حفلاً برعاية الملك فهد-رحمه الله-وألقى وزير البترول كلمته في هذه المناسبة وفاجأ معظم الحضور وأنا منهم، إذ قال "أصبحت أرامكو الآن منشأة سعودية، تتحدث لغتنا، ونأمل ألا تغيب شمس هذا العام إلا وقد اعتلى سعودي هرم هذه الشركة.

وأثناء تواجدي في نيويورك لحضور اجتماع مجلس إدارة شركة أرامكو أخذني الوزير أحمد زكي يماني جانباً وقال لي: لقد أمر الملك بأن تصبح أنت رئيس الشركة، وهكذا انتخبني مجلس الإدارة في نوفمبر 1983م. وتوليت منصبي في يناير من العام التالي.   

عندما أصبحت وزيرا

في يونيو 1995م كنت في رحلة استرخاء وصيد سمك في ألاسكا، وبينما كنت أتناول الإفطار دخل رجل وسأل عني، وقال إن أحدهم يرغب في التحدث إلى وأن الأمر يبدو ضرورياً وعاجلاً. وساورني القلق فإن كان ثمة ما يستدعي إرسال رسول ليطلبني في هذا المكان النائي، فلا بد أنه أمر جلل. توجهت على طائرة مائية لأقرب مركز هاتف، فاتصلت بالرقم مباشرة وكان رقم الشيخ إبراهيم العنقري المستشار بالديوان الملكي. فقال لي لقد عينت وزيراً للبترول والثروة المعدنية؛ فعد رجاءً إلى المملكة يوم الأربعاء إذ سيعلن الخبر، وكنا يوم الاثنين، فحزمت حقائبي وغادرت الفندق نحو طائرة أرامكو السعودية. وكانت المرة الثانية التي تفاجأني فيها ترقية عمل، فقد حدث ذلك حين عينت نائباً لرئيس أرامكو قبل عشرين سنة.

وعندما وصلت المملكة تبين لي أن تعييني كان جزءاً من عملية إعادة هيكلة الحكومة، وتم خلاله إعفاء عدد من الوزراء بمن فيهم وزير البترول هشام ناظر. وكانت المرة الأولى يحتل فيها منصب وزير البترول السعودي مسؤول تنفيذي سابق في شركة نفط.

وبعد أداء القسم أمام خادم الحرمين الشريفين؛ طلبني الملك في لقاء خاص، وكان اللقاء إشارة إلى بداية علاقة أوثق ليس مع الملك فحسب، بل مع الدولة كلها. وكانت أول مهمة لي بعد تعييني وزيراً هي تعيين خلفي ليرأس شركة أرامكو السعودية. وكانت مهمة صعبة لكني كنت مضطراً لاتخاذ القرار.

اختيار عبدالله جمعة صدم البعض وأغضبهم

فبعد تقاعد نائب الرئيس التنفيذي ناصر العجمي عام 1993م؛ قمت بترقية أربعة من قادتنا المتميزين إلى تلك الدرجة في العالم التالي. وكان في نيتي ونية مجلس الإدارة أن نختار خلفي على منصب الرئيس التنفيذي من بين أولئك الأربعة، بينما أترأس أنا بصفتي وزير البترول مجلس إدارة الشركة. وكنت مدركاً أن القرار الذي سأتخذه سيكون مثيراً للجدل. كان المرشحون الأربعة هم: نبيل البسام (الشؤون المالية)، وسداد الحسني (التنقيب والتطوير)، وعبدالعزيز الحقيل (العلاقات الصناعية)، وعبدالله جمعة (العمليات الدولية). وكنت أعرفهم جيدا لأني كنت المسؤول عن تدريبهم وترقيتهم واحداً واحداً. وبعد دراسة وافية لأصل إلى المرشح الذي اطمئن وأثق في أنه الأجدر بتولي مهام المنصب، كان قراري صادماً للكثيرين بمن فيهم الرجل نفسه الذي اخترته. حيث وقع اختياري على عبدالله جمعة. ولا ألوم من استغرب أو حتى امتعض أو اعترض، فحين تضع على هرم أكبر شركة نفط في العالم رجلاً ليس بمهندس ولا جيولوجي، ولا فيزيائي، بل من يحمل شهادة العلوم السياسية، وفي وقت الفراغ يكتب الشعر. وجب علي إيضاح بعض النقاط.

لقد اخترت عبدالله جمعة؛ لأنه كان يسمو عن الغرق في تشابكات قطاع أو تفاصيل فرع بعينه، وآمنت بأن رؤيته الاستشرافية ستتيح له أخذ زمام قيادة الشركة، واتخاذ القرارات باعتبار الصالح العالم لأرامكو، كما كان الشخص اجتماعياً؛ وهبه الله ملكة التحفيز واستخراج ما يمكن أن يقوم به موظفوه وحتى زملاؤه.  وصدر الأمر بتكليف عبدالله جمعة رئيساً تنفيذياً بالإنابة ولم يبت في منصبه مباشرة. وعلى الرغم من أني لم أجد سبباً للتأجيل، إلا أن تلك الخطوة برأيي منحته الوقت ليثبت نفسه، ولا سيما أن بعض المسؤولين في الحكومة قد ألحوا علي أن أرشح اسمين اثنين، إلا أنني رفضت تماما؛ فقد أردت أن ينأى تعيين رئيس أرامكو عن أي عامل غير عامل الجدارة. كما هي أرامكو دائماً.

وصدرت موافقة المقام السامي على تعيين علد الله جمعة رئيساً تنفيذياً لأرامكو في ديسمبر من ذلك العام. ولم تكن المرحلة الانتقالية سهلة فقد تعرضنا أنا وهو لكثير من الانتقادات من قبل الذين عارضوا تعيينه لأسباب مختلفة.

ولأنني الوزير فلم أتدخل في كيفية إدارة عبدالله جمعة للشركة بالطريقة التي يريد. ولم أُمل عليه يوماً أي قرارات، وعندما تتجاذب الوزارة الدفة مع أرامكو كان عبدالله جمعة يحسم بأنه هو الرئيس التنفيذي للشركة. وكنت احترمه لذلك.

السياسة النفطية بين الملك فهد والملك عبدالله رحمهما الله

أشار الملك فهد-رحمه الله-في أحد لقاءاتنا الأولى أنه يريد إحاطة أكبر بشؤون سياستنا النفطية، كما كان يفعله مع الوزير هشام ناظر. إلا أن القدر شاء ألا يتم أول اجتماع لي بالملك بعد أشهر من تعييني لمناقشة السياسة النفطية، إذ أصيب الملك بجلطة دماغية، كلف بعدها ولي العهد الأمين آنذاك عبدالله بن عبدالعزيز–رحمه الله–بتولي شؤون البلاد نيابة عنه. فاجتمعت بسمو الأمير عبدالله عدة مرات خلال سنوات، فوجدته رجلاً لبقاً، وفي الوقت نفسه ذي قلب طيب وحنون، فتوطدت بيننا علاقة عمل وثيقة خلال فترة وزارتي، ووجدته على غير أسلوب الملك فهد–رحمهما الله-لا يحبذ الغوص في تفاصيل السياسة النفطية، إلا أنه ظل على اطلاع بكل ما يدور في قطاع النفط. وقال لي في بداية عملي معه جملة لا أنساها ما حييت، قال "ياعلي لا تخش أي مسؤول، لا تخش إلا الله". فحرصت على اتباع الحق ما وفقني الله إليه.

الانضباط الإداري في الوزارة ومنظمة أوبك

أعاد تعييني وزيراً للبترول إلى العمل الحكومي، مذ فررت من وزارة الزراعة في الستينات. ولكن هذه المرة أمسك بيدي عصا التغيير، فأدرك موظفو الوزارة أن عليهم الالتزام بأوقات العمل، مثل هذا الوزير الذي يأتي باكراً كمدراء أرامكو السعودية. ليس هذا فحسب بل امتد أثر انضباط الوزارة إلى أوبك. فقد حضرت أو لاجتماع للمجموعة عام 1995/، وكان مقرراً في العشرة صباحاً فوصلت إلى قاعة الاجتماعات قبل الموعد بخمس دقائق. واندهشت حين كنت أول الواصلين، إذ لم يصل الوزير التالي إلا في الحادية عشرة، أما الباقون فتوافدوا بحلول الظهيرة. ولم يرق لي الأمر. فحين جاء دوري في الحديث كانت أول جملة أنطق بها: "في الاجتماعات المقبلة، حين نقرر اجتماعاً في العاشرة علينا المجيء في الوقت المحدد عند العاشرة". فحضر الجميع في الاجتماع التالي في الوقت المحدد. وإن لم يعجبهم ذلك. وفي الحقيقة أن مشكلات أوبك تتجاوز مسألة احترام المواعيد. فبسبب افتقار المجموعة إلى التركيز والانضباط؛ فقدت احترام كثيرين حول العالم. ويقول وزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله العطية في هذا السياق: "كنا نمضي الأسابيع في اجتماعات أوبك في جنيف دون فعل شيء يذكر سوى التسوق وممارسة بعض الرياضيات الشتوية"!!

صممت على تغيير واقع أوبك؛ بصفتي ممثل أكبر منتج للنفط في المنظمة، والدولة صاحبة أحد أكبر احتياطات نفطية مؤكدة، فأردت أن تعيد المنظمة توجيه بوصلتها نحو النفط لا السياسة. ولكن هذا الموقف لم يجد إذناً واعية لا أمس ولا اليوم.

التلاعب في الحصص بين دول أوبك

بدأت مشكلاتنا في مجموعة أوبك عندما حاولنا معالجة قضايا تتعلق بحصص تصدير النفط. فمع الأسف كان "الغش" في حصص الإنتاج هو الشائع بين دول أوبك. ولكن بعضها كان أسوأ من غيره. فخلال عام 1997م، أصبحت فنزويلا تجاهر بإخلالها بالحصص المحددة في ذلك الوقت، فقد كانت صنابيرها مفتوحة بلا حسيب ولا رقيب، وتنتج بمعدل (3,6) مليون برميل تقريباً في اليوم، في حين يفترض أن يقل انتاجها عن (3) ملايين برميل. وكانت خزائن الدولة تمتلئ بعائدات مبيعات النفط الإضافية على حساب بقية أعضاء المنظمة. فواجهت وزير الطاقة الفنزويلي في أحد الاجتماعات، وقلت له: "اسمع!  ها نحن في أوبك نتجاوز السقف الذي اتفقنا عليه؛ بسبب رعونة تصرفاتكم. فإن كنتم ترغبون في الاستمرار على هذا النحو، اقترح أن نسمح بهذه الزيادة لبقية الأعضاء". 

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة