مَن الأكثر تأثيراً على موظفيه..مدير الـ "وناسة" أم المدير الصارم؟

​​

المجاملة هي أحد الأساليب التي يلجأ إليها المدير للتعامل مع الموظفين والموظفات؛ شريطة ألاّ يتجاوز إهمال موظفيه، ويبالغ في مجاملتهم بلباقة وابتسامة ويختلق الأعذار لغيابهم، وضعف إنتاجية العمل، دون توجيه تحذير حازم، على اعتبار أن المجاملات الزائدة تربك إيقاع الأداء، خاصةً عندما يميز موظفًا عن آخر، والمجاملة قد تكون مقبولة من المدير لموظفيه عندما تكون متعلقة بتأخير العمل لوقت قصير، وبأسباب مقنعة وتقديمه بجودة أقل وبنسبة لا تضر بالمصلحة العامة. فهل المجاملة بمفهومها الواسع تعطل العمل وتربكه؟

المعادلة الصعبة

يُقال إذا أراد المدير الوصول إلى النجاح؛ فعليه تحقيق المعادلة الصعبة، بالاهتمام بالجانبين الإنساني والإداري بقدر متساوٍ؛ حتى لا يخسر موظفيه ولا يؤثر على سير مصلحة العمل، كما أنه لا بد من أن يمسك المدير العصا من المنتصف، بمعنى أن يكون حازمًا في بعض القرارات المصيرية، وأن يحسن التعامل مع الموظفين ويتلمس احتياجاتهم ويراعي ظروفهم النفسية، وهو ما يولد إحساسًا لدى الموظف أن هذا المدير يستحق الكثير؛ مما يزيد الإنتاجية. وأخيراً لابد أن يعمل المدير ضمن منظومة عمل مؤسسي، ولا يعمل بشكل فردي.

حدود المجاملة

ويرى خبراء في الإدارة أنه يجب معرفة حدود المجاملة؛ حتى نخرج منها الجوانب الواجبة أدبياً في تعامل الناس مع بعضهم البعض. فعندما يجامل المدير موظفيه؛ فهو يعطي فرصة أكثر مما ينبغي لهم، نتيجة عدم أداء بواجباتهم، حيث تدخل في إطار الزمن وجودة العمل وأيام الإنتاج، ومن لا ينجز عمله في وقت محدد يعطيه المدير-بتساهله-مساحة أكثر من الوقت المحدد، أو أنه قد يرضى بجودة عمل أقل من المسموح به، وأحياناً قد لا يكلف الموظف بأي عمل مما يندرج تحت مسمى إخلال العمل.

مدير "وناسة"

وتؤكد تقارير متخصصة أنه في الإدارة نوعان من المديرين: أولهما مدير يحكمه الجانب الإنساني، فكل ما يهتم به "وناسة" موظفيه وتقدير ظروفهم؛ فيقررون موعد حضورهم وانصرافهم، وينالون إجازات أكثر مما يستحقون، وشعارهم ما لم ينجز اليوم ينجز غداً، وهو بذلك يكسب الجميع ويحرصون أن يكونوا تحت إدارته، لكن المؤسف أن مصلحة العمل ضائعة.

والنوع الثاني هو المدير الصارم جداً الذي يحكمه الجانب الإداري من العمل، فيهتم بالجوانب والمهام الإدارية، ويضغط على موظفيه بشكل مبالغ فيه، بحيث إن العمل يجب أن ينجز قبل موعده، ولا يسمح لهم أن يضعفوا جودة العمل، وأهم شيء لديه العمل، والموظفون لا قيمة لهم، وهذا يُكسب عملاً منجزاً وجيداً، لكنه سيخسر موظفيه.

أيًا ما كان نوع المدير، فمن المفترض أن يحقق المعادلة الصعبة، وأن يهتم بالجانبين: الإنساني، والإداري بقدر متساوٍ؛ بحيث لا يخسر موظفيه، ولا يؤثر على سير مصلحة العمل.

النساء والرجال

وعن العلاقة الإدارية بين النساء والرجال في بيئة العمل والفروقات بينهما، يرى بعض الخبراء أنها علاقة مختلفة تماماً. المرأة المديرة بشكل عام بطبيعتها دقيقة، ولديها انضباط، والتزام وولاء للعمل، وقد لا يوجد هذا لدى بعض المديرين الرجال، وفي حالات أخرى بعض هؤلاء المديرين يتعاطفون إنسانياً مع موظفاتهم ويقدرون ظروفهن الاجتماعية والأسرية، ويصلون إلى درجة مجاملتهن أكثر من اللازم. إلا أنه من أجل أن يحافظ المدير على جودة العمل، فإنه يجب أن يكون عادلاً ومنصفاً مع الجميع.

صورة ذهنية

ولكن لماذا في أذهاننا تتكون صورة ذهنية، أن المدير لابد أن يكون قويًا أو شرساً؟ يرى متخصصون في الإدارة أن هذا فكر خاطئ تماماً، ولا يمكن أن يتماشى مع الجيل الجديد، والفكر الإداري المعاصر، إلا أن الموقف الإداري بشكل عام يحتاج الحزم والمجاملة معاً، فالمجاملة ليست مشكلة طالما أنها مدعمة بظروف العمل الوظيفية الاجتماعية ورفع المعنويات وتحسين الأداء.

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة