ثقافة العمل وتأثيرها على تنفيذ الاستراتيجيات

​​​​

تشهد المملكة العربية السعودية مبادرات وتغييرات رائدة في جميع المجالات؛ لتحقيق رؤية 2030. المنافسة والطموح هو ما تعمل عليه جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية، وكذلك القطاع الخاص. فلا يمكن لتغيير استراتيجي أن ينجح بلا جهود تعاونية ومواءمة بين الجهات والمؤسسات ذات العلاقة سواء حكومية أو خاصة. فمن المهم جدًا أن تكون هذه التغيرات التطويرية مبنية على خطط استراتيجية مرتبطة برؤية المنشآت، والتي تدعم رؤية المملكة لتحقيق أهدافها محليًا وإقليميًا ودوليًا. إن استحداث أو تحديث استراتيجيات أو خدمات جديدة تعتمد على ركائز عديدة، من ضمنها ثقافة وقيم المنظمة؛ لذا فإن القيم والمبادئ تمثل ثقافة عمل أي منظمة وتعتبر أحد المقومات الحساسة والأساسية للتقدم والتطور، فهي تمثل العنصر الأساسي لتميز أي عمل أو إنجاز في شتى المجالات. فمفهوم ثقافة العمل تكاد أن تكون مهمشة في مراحل التغيير سواء تغير استراتيجي أو تكتيكي كونها غالبًا غير ملموسة.

ثقافة العمل

فثقافة العمل تتضمن اعتقادات وممارسات خاصة وتكون دائمًا داعمة لرؤية واستراتيجيات المنظمة لأنها تشكل المهارات السلوكية، سواء للقياديين أو سائر الموظفين في طريقة تعاملهم فيما بينهم؛ لتحقيق أهدافهم وكذلك طريقة تقديم الخدمات أو المنتجات للمجتمع. لذلك فإن القيم والثقافة تعبر عن الـــ (DNA) الخاص بالمنظمة وطريقة عملها. ولهذا فإنه من المهم جدًا أن تحرص المنظمات بلا استثناء على مواءمة ثقافة وقيم العمل مع خططهم التطويرية ورؤيتهم المستقبلية، واعتبارها جزءًا لا يتجزأ من التغيير الاستراتيجي. فلا يكمل نجاح الخطط الاستراتيجية وتنفيذها بلا ثقافة واضحة، محددة، وقابلة للتطبيق؛ بما يتوافق مع المهام والأدوار والمسؤوليات. قد يكون التغيير بحد ذاته ليس صعبًا، ولكن استدامة التغيير والتطور والبناء عليه هي من تضمن نجاح الاستراتيجية وتحقيق الرؤية بإذن الله.

تعزيز الأداء

وضوح ثقافة المنظمة وقيمها تعزز من أداء وسلوكيات الموظفين والكفاءات، والتي تنعكس على أداء المنظمة في تنفيذ استراتيجياتها. فقد أكدت الدراسات أن ثقافة العمل لها تأثير كبير على أداء الموظفين في تحقيقهم والتزامهم بأهداف المنظمة، وأن ما يقارب 66% من الاستراتيجيات لم تحقق أهدافها بسبب ضعف في الأداء وطريقة التنفيذ. لكم أن تتخيلوا منظمة تحتوي على عدد من الموظفين من مختلف الثقافات والمجتمعات والحضارات، يمارسون أدوارهم "بلا ثقافة واضحة"، كيف ستكون سلوكياتهم في تنفيذ الاعمال وتعاملهم مع المجتمع؟ لذا فإن الثقافة والقيم الواضحة تجمع الموظفين تحت مظلة وهوية واحدة؛ لتكون علامة مميزة في تعاملها وتقديم خدماتها. على سبيل المثال، العمل الجماعي والابتكار يعتبرا أحد السلوكيات التي تمكن الموظفين من تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة؛ لذلك فإن توفير الدعم وبيئة عمل فعالة تساعد الموظفين على ممارسة هذه السلوكيات؛ لتمكينهم من انتهاج وممارسة هذه السلوكيات بشكل يومي.

أخيرًا، في علم الإدارة يقال إن ثقافة المنظمات تقتل الاستراتيجيات بغض النظر عن فعاليتها على المدى البعيد. لذا فإن أحد مهام القياديين الأساسية هي تحديد ثقافة المنظمة التي تدعم استراتيجياتها وتمكِّن رأس المال البشري في بيئة العمل.  يمكن لنا أن نشبه القيادات الفعالة في المنظمات بالآباء مع أبنائهم في منزل واحد، فإن لم يتمثل الوالدان بالقيم والمبادئ الصحيحة والرؤية الواضحة للعائلة؛ فهذا غالبا لن ينعكس إيجابيًا على أبنائهم ولا على مسيرتهم في الحياة وتفاعلهم بشكل إيجابي مع مجتمع طموح وحيوي.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة