القانون لا يحمي الجاهلين

​​​​

يقوم نظام الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل، والشورى، والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية، وما تقضي به الأنظمة الأساسية. وتسير المملكة العربية السعودية بدعم من قيادتها متجهة نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية حتى تصل إلى نجاح رؤية 2030 بكل عزم وثقة وتوفيق.

والتطور والتحديث عملية مستمرة لا تقف عند فترة زمنية معينة؛ لأن ازدهار وتطور أي مجتمع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقانون. فكلما تطور المجتمع استدعى ذلك تطوير البيئة القانونية؛ لأن القانون يعتبر انعكاسًا للعوامل والظروف، ويعبر عن ضمير المجتمع ويتغير بتغيره. وعملية تطوير البيئة التشريعية والقانونية ترفع من كفاءتها، وتسهم في ترسيخ العدالة.

فكما جاء في تصريح صاحب السمو الملكي ولي العهد ورجل القانون وقائد الرؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز: "إن المملكة العربية السعودية تسير وفق خطوات جادّة في السنوات الأخيرة نحو تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وترسخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعيات مؤسسية إجرائية وموضوعية واضحة ومحددة".

أهمية التطوير

وتتضح أهمية هذا التطوير من خلال ما يلي:

  • جاء تطوير بيئة القوانين المتخصصة والبيئة التشريعية؛ حتى تتماشى مع التقدم والتطور الذي تسير به المملكة في كافة المجالات، وبما يتوافق مع المكانة الكبيرة التي تحظى بها المملكة على المستويات الدولية، وبما يحقق أهداف رؤية 2030.
  • من ضمن مشاريع الأنظمة التي يجري تطويرها، هو نظام الأحوال الشخصية الذي تنبع أهميته من مدى ارتباطه بحقوق وأحوال أفراد هذا المجتمع، وتطويره يؤدي إلى تحسن جودة الحياة وتعزيز النزاهة.
  • الأهمية التالية، اقتبسها من تصريح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس" فيما يخص تطوير منظومة التشريعات المتخصصة: "إن مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، ستمثل موجة جديدة من الإصلاحات، التي ستسهم في:
  1. إمكانية التنبؤ بالأحكام.
  2. رفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية.
  3. زيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة؛ كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوح حدود المسؤولية.
  4. استقرار المرجعية النظامية بما يحد من الفردية في إصدار الأحكام".

لا يحمي المغفلين

وخلال الفترة الماضية بدأت مسيرة التطوير الكبيرة للبيئة التشريعية والقانونية؛ وذلك ليساير تطور المجتمع السعودي ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، لكن يبقى السؤال: هل أدرك الأفراد هذه التطورات والتغييرات القانونية، وحقوقهم وواجباتهم المبنية على هذه التطورات الحديثة؟ وماذا لو غفلوا عن إدراك ذلك؟

كل ذلك يقودنا لمفهوم متداول ومتعارف عليه اعتدنا دوماً على تكراره، حتى ظننا أنه من المسلمات البديهية: "القانون لا يحمي المغفلين". وفقاً للرأي القانوني: إن القانون وضع لحماية الجميع، فإذا كان القانون مصدر حماية للجميع، فلماذا تم استثناء "المغفلين" في العبارة السابقة؟ للإجابة عن هذا التساؤل يجدر التوضيح أن القانون هو عبارة عن أداة ووسيلة حماية وتنظيم للمجتمع بأسره، ولكن إذا كان القانون وضع لكي يحمي أفراد المجتمع بأسره، فإنه في المقابل على أفراد هذا المجتمع، حتى يستفيدوا من هذه الحماية، أن يعلموا بمحتواها وطريقة اللجوء إليها. فوفقاً لما تنص عليه المادة 71 من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية: "تنشر الأنظمة في الجريدة الرسمية، وتكون نافذة المفعول من تاريخ نشرها، ما لم ينص على تاريخ آخر".

الجهل بالقانون

بالتالي تعد القوانين والأنظمة واللوائح نافذة بعد نشرها في الصحيفة الرسمية، فلا يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون، إلا في حالات استثنائية قليلة؛ وذلك بسبب أنه من المستحيل إبلاغ كل شخص وفرد بالمجتمع بعينه بما يؤكد علمه بالنظام، وإلا سادت الفوضى وتعذر كل شخص حينها بعدم علمه بالنظام. فيجب على الفرد المشمول في هذا المجتمع أن يكون على اطلاع مستمر على كافة التحديثات القانونية والتشريعية؛ فمن يتجاهل ويغفل عن أخذ الاحتياطات القانونية الأساسية، لن يتمكن القانون من حمايته.

على سبيل المثال:

  • مَن يخالف الإجراءات الاحترازية المعتمدة من قبل الجهات المختصة؛ مدعياً جهله بوجود قوانين أو تعليمات تجرٍم عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية من كورونا.
  • مَن يقوم بالتوقيع على بياض دون أخذ الحيطة والحذر ودون اطلاعه أو علمه بكافة التفاصيل التي قام بالتوقيع عليها وترتب على إثرها مديونيات/مسؤوليات/تعهدات...غير قادر على الوفاء بها.
  • التوقيع على شيك برصيد مفتوح، سوف يلزم صاحبه بدفع أي مبلغ يتم كتابته على الشيك من قبل المستفيد ولا يعتبر ذلك تزوير، ولو كان بلا رصيد فسوف يعرضه للجزاء كجريمة إصدار شيك بلا رصيد.

التوعية

وبذلك؛ تتضح أهمية هذا الموضوع، الذي نوصي فيه بضرورة توعية أفراد المجتمع بأهمية الاطلاع المستمر على التشريعات والأنظمة واللوائح والتعليمات وغيرها، بصفة مستمرة وعدم الاعتداد بالجهل وعدم العلم، خاصة كون أن المجتمع السعودي-حالياً-يشهد عملية تطوير للبيئة التشريعية والمنظومة القانونية؛ يترتب عليها صدور التحديثات القانونية والتشريعية والتطورات والتحديثات على الأنظمة واللوائح والتعليمات.

وختاماً، نستطيع تصحيح المفهوم المتداول ونستبدل عبارة "القانون لا يحمي المغفلين"، بـ:"القانون لا يحمي الجاهلين به".


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة