إدارة وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا..بعيدًا عن أخطارها

​​​​

يؤثر التقدم التكنولوجي بشكل كبير على جوانب كثيرة من حياتنا. وكلما ازداد هذا التقدم؛ كلما أثر في تغيير نمط حياة الأشخاص. ومع الاعتماد المتزايد على الإنترنت؛ أصبح استخدام منصات التواصل الاجتماعي جزءا أساسيًا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات لكثير من الأشخاص في العالم. وهناك من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للترفيه وتقضية الوقت، وربما لإضاعته، وآخرون أدركوا مدى قوة وسائل التواصل الاجتماعي، فاستخدموها بشكلها الفعال.

ويتعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة؛ فلم تعد تقتصر على كونها نافذة للتواصل بين الأفراد، وإنما باتت أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام وتشكيله.

إحصائيات مهمة

تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص يشاهدون أكثر من 25 مليار صفحة تدوين شهريًا، وأن المستخدمين ينشرون 70 مليون منشور جديد و77 مليون تعليق جديد كل شهر، وأنه من بين 1.7 مليار موقع في العالم، هناك حوالي 500 مليون مدونة، كما أن نظريات الاتصال والإعلام الحديثة تُجمع على تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع الثورة الرقمية التي يعيشها عالم اليوم، ومن المهم والضروري العمل على تعظيم الاستفادة من الفرص التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي حالياً.

تويتر وفيسبوك وانستغرام

ويعتبر "تويتر"، و"فيسبوك"، وانستغرام" أهم وسائل التواصل الاجتماعي التي تُستخدم للتفاعل، خاصة أنها توفر مجتمعات افتراضية متغيرة، وسهولة وسرعة في نشر وتداول المعلومات والأخبار، كما يؤكد ذلك التزايد المستمر في أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العام 2019م، فقد بلغ عددهم أقل من 3 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، بينما وصل هذا العدد في عام 2020م إلى 4 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، وهو يعادل حوالي 50% من إجمالي عدد سكان العالم.

العالم العربي

وفيما يتعلق بالعالم العربي، وحسب التقرير الصادر عن مؤسسة "هوتسويت" الكندية عن العالم الرقمي للعام 2019م، فقد وصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى 136.1 مليون شخص، أي نحو 53% من عدد سكان الدول العربية. الأمر الآخر الذي لفت إليه التقرير أن الدول العربية تتفوق على الدول المتقدمة في مدة استخدام الإنترنت بأكثر من ساعة ونصف يومياً على الأقل، وذلك بالنسبة للفئة العمرية من(16-64) عاما، إذ أن متوسط مدة تصفح المستخدم في السعودية على سبيل المثال بلغت 5 ساعات و14 دقيقة، وفي مصر بلغت 4 ساعات و55 دقيقة، وفي الإمارات وصلت إلى 4 ساعات و53 دقيقة، أما في المغرب فتبلغ المدة 4 ساعات و31 دقيقة. وهذه الأرقام كلها تفوق المتوسط العالمي المحدد بـ 4 ساعات و22 دقيقة؛ ويشير هذا إلى تعاظم أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في الدول العربية، وأنها باتت أحد أنماط الحياة العامة في الحياة المعاصرة.

صناعة الرأي

وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً فاعلاً في صناعة الرأي العام وتشكيله؛ فهي تسهم في ترويج الأفكار التي تعتنقها النخبة في المجتمع، لتصبح ذات قيمة اجتماعية معترف بها، وتحظى بالانتشار بين الأشخاص العاديين، ومن ثَم التأثير على سلوكهم وفي تشكيل توجهاتهم إزاء قضايا بعينها. وهذا الدور وفقاً لنظرية التسويق الاجتماعي يتشابه إلى حد كبير مع حملات التسويق التي تستهدف الترويج لسلعة معينة وإقناع المستهلكين بها. وهذا التأثير يرجع بالأساس إلى ما تتميز به وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام الجديد بوجه عام، من قدرة على التأثير الكمي من خلال التكرار، حيث تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بتقديم رسائل إعلامية متشابهة ومتكررة حول قضية ما، بحيث يؤدي هذا العرض التراكمي إلى اقتناع أفراد المجتمع بها على المدى البعيد.  وعلى أية حال، فإن وسائل التواصل الاجتماعي باتت شريكًا رئيسيًا في صناعة الرأي العام من خلال العديد من الأدوار.

إيجابيات

ويمكن إجمال إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي كالتالي:

  1. إتاحة فرص للشباب في التعبير عن أفكارهم: أصبح العالم في ظل مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات متصل بدرجة كبيرة؛ حيث يسهل على أي شخص التعبير عن أفكاره وجمع المهتمين بها من كل أنحاء العالم.
  2. الحصول على الدعم والمشاركة: تشير بعض الأبحاث إلى أن مجرد مشاركة الشخص مشاكله والتعبير عنها والحصول على دعم الآخرين أو سماع خبراتهم حول نفس المشكلة وكيفية حلها؛ يُسهٍل على الشخص تخطي التجربة بشكل أفضل.
  3. الحصول على فرص عمل والتسويق لأنفسهم: حسب آخر إحصائية يوجد إعلان عن 6.5 مليون فرصة عمل متاحة على موقع com وهو مثال لمنصة تواصل اجتماعي مهنية؛ تهدف إلى ربط الباحثين عن عمل وأصحاب العمل، وأصبحت الشركات تستخدمها كأداة لاستقطاب الموظفين في كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى ظهور ما يسمى بمهارات التسويق، والتي تُستخدم فيها مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات؛ لإبراز مهارات الشخص وتوثيق إنجازاته في العمل.
  4. فتح آفاق جديدة وكبيرة للأفكار الرائدة: تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي إحدى أهم وسائل التسويق التي تستخدمها الشركات الكبرى والشباب وأصحاب الأفكار الجديدة لتسويق منتجاتهم وخدماتهم، وهو ما يسمى بالتسويق الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
  5. خلق فرص عمل وظهور مسارات مهنية جديدة: أصبحت هناك فرص للعمل الكامل أو الجزئي، والتي يستطيع القيام بها العديد من الشباب، مثل: كاتب المحتوى التسويقي، وأخصائي تسويق منصات التواصل الاجتماعي، ومصمم جرافيك متخصص لتصميم إعلانات المنتجات على منصات التواصل الاجتماعي.
  6. الاتصال الدائم بالعالم: في الماضي لم يكن لدينا الفرصة للبقاء على اتصال دائم مع الأصدقاء والعائلة في حالة وجود كل منهم في دولة أو مدينة أخرى، ولكن الآن أصبح الأمر سهلًا للتواصل مع أي شخص في أي مكان. وهذا يفتح فضاءات كثيرة للعمل وللحصول على المعلومات من كل مكان.

سلبيات

بينما يمكن إبراز أهم سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي في الآتي:

  1. الإدمان: حسب إحصائية تم الإشارة إليها في مجلة Business Insider أن كثيرًا من الأفراد، وخاصة المراهقين، ما بين 13 و18 سنة، يقضون حوالي 9 ساعات يوميا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وذلك أكثر من ساعات النوم والطعام والشراب وغيرها من الأنشطة، حتى يصل البعض إلى أنه لا يستطيع قضاء ساعة كاملة بدون تصفح منصات التواصل الاجتماعي. ويؤثر ذلك بشكل كبير وسلبي على جوانب الحياة الأخرى، حيث إنه يتم قضاء الوقت في استخدام الإنترنت على حساب أوقات العائلة والعمل والدراسة بلا شعور. كذلك فإن إدمان استخدام هذه المنصات؛ يؤثر على تركيزنا بشكل عام ويسبب تشتت التفكير.
  2. العزلة الاجتماعية ووهم التواصل الافتراضي: قد يصل الأمر إلى أن نجد عائلة في بيت واحد تتواصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو أن تجد عوائل يقضي أفرادها ساعات في استخدام الهواتف دون أي تواصل شخصي فعال، ويكتفي الجميع بالتواصل الافتراضي. وقد تؤدي مثل هذه الممارسات إلى ضعف تطور الشخص اجتماعيًا ومهنيًا؛ بسبب عدم قدرته على التفاعل الإيجابي والطبيعي مع جوانب الحياة المختلفة.
  3. مراقبة أحوال الآخرين والنظر إلى مظاهر الترف: يتعمد البعض إظهار الجانب الإيجابي والمثالي فقط على وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما يسبب الإحباط واليأس للبعض من كثرة تتبع المشاهير والمؤثرين وأخبارهم.

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة