دراسة عن الآثار القانونية لجائحة كورونا على العقود في المملكة توصي: إصدار تشريع لتحديد مفهومي القوة القاهرة والظروف الطارئة وإيجاد وسائل بديلة لتسوية المنازعات وتشكيل لجان قانونية-اقتصادية



مازال العالم يقف مذهولا أمام جائحة كورونا التي اجتاحت كل الدول-ومن بينها المملكة العربية السعودية-وألقت بظلالها على جميع المجالات، ولا سيما حركة المال والأعمال؛ لذلك تصدى الباحثون لها وتناولوا آثارها التي انعكست على الالتزامات العقدية. وفور حدوث هذه الجائحة توقع الخبراء والباحثون أن يؤدي ذلك إلى عزوف الكثير من الشركات والمؤسسات، وحتى الأفراد، عن تنفيذ هذه الالتزامات، أو فسخها، أو تأجيلها، أو تعديلها؛ بحجة وجود قوة قاهرة أو ظروف طارئة متمثلة بهذه الجائحة وآثارها. غير أن الإشكالية هنا تكمن في مدى انطباق هاتين النظريتين على هذه الجائحة؛ وهو موضوع مهم دفع د.محمد سعود خليل الخصاونة إلى بحثه من الناحية القانونية في المملكة، من خلال دراسته المنشورة بمجلة "الإدارة العامة" الصادرة عن معهد الإدارة العامة، والتي نسلط الضوء عليها في هذا العدد، وإليكم التفاصيل.

القوة القاهرة

يستعرض الباحث تعريفات الباحثين للقوة القاهرة وشروط تطبيقها؛ والتي يخلص منها على أنها حدث غير متوقع، ولا يمكن دفعه، ولا شأن لإرادة المدين فيه، يجعل من تنفيذ الالتزام أمرًا مستحيلًا؛ ويؤدي بالتالي إلى انفساخ الرابطة العقدية. وفي ضوء ذلك تتحدد 3 شروط، موضحة بالإنفوجرافيك؛ يجب أن تكون مجتمعة معًا لتطبيق نظرية القوة القاهرة.

الظروف الطارئة

كذلك يسرد الباحث تعريفات الباحثين ومفاهيمهم لنظرية الظروف الاستثنائية، والتي يراها ظروفًا تحدث بشكل لاحق على نشوء العقد، وتؤثر على توازن العلاقة العقدية؛ بسبب أحداث لم تكن متوقعة تجعل من تنفيذ الالتزام أمرًا شاقًا على المدين، وتهدده بخسارة جسيمة، ولكنها لا ترقى إلى درجة القوة القاهرة التي تجعل من تنفيذ الالتزام أمرًا مستحيلًا يترتب عليه انقضاء الالتزام، بل يكفي تعديل الالتزام إلى الحد الأدنى الذي يؤدي لزوال هذا الإرهاق، وإعادة التوازن الذي يقوم عليه تكوين العلاقة التعاقدية. وبناء على ذلك توجد 7 شروط، موضحة بالإنفوجرافيك؛ لتطبيق نظرية الظروف الاستثنائية.

ويرى د.محمد الخصاونة أن شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة أوسع من شروط تطبيق نظرية القوة القاهرة، كما أن الأثر القانوني لكلتيهما مختلف، ففي حين يترتب على تطبيق نظرية القوة القاهرة فسخ العقد وانقضاء الالتزام، فإنه يترتب على نظرية الظروف الطارئة تعديل الالتزام فقط إلى الحد المعقول.

4 نتائج و4 توصيات

خلص الباحث إلى 4 نتائج هي: تباين وتداخل مفهومي القوة القاهرة والظروف الطارئة؛ مما يصعب التمييز بينهما. كما تتفق الشروط الواجبة التطبيق بين نظريتي القوة القاهرة والظروف الطارئة. كذلك عدم كفاية التشريع السعودي لمعالجة الآثار القانونية الناجمة عن تعثر الالتزامات التعاقدية؛ بسبب جائحة كورونا. وطبق القضاء السعودي النظريتين على أساس أحكام الجوائح الواردة في الفقه.

ويبدي د.محمد الخصاونة 4 توصيات هي: ضرورة إصدار تشريع خاص في المملكة العربية السعودية يحدد مفهوم النظريتين، ويميز بينهما، ويحدد الموقف القانوني من جائحة كورونا، وموقعها بين النظريتين. وضرورة إيجاد وسائل بديلة لتسوية المنازعات العقدية الناتجة عن هذه الجائحة. وعقد مؤتمر علمي استثنائي لتحديد مفهوم قانوني-شرعي لتلك الجائحة، وتمييز هاتين النظريتين، والشروط الواجبة التطبيق. وضرورة تدخل الدولة من خلال تشكيل لجان قانونية-اقتصادية؛ لتحديد القطاعات المتأثرة بالجائحة.

 

 

تصميم إنفوجرافيك

شروط تطبيق نظرية القوة القاهرة:

  1. أن يكون الحدث أو الفعل أو الخطأ غير صادر عن المدين، أو نتيجة لإهماله، أو تقصيره، ولا دخل له فيه.
  2. ومن الأمور التي لا يمكن توقعها بصورة مطلقة وقت إبرام العقد.
  3. والاستحالة المطلقة.

شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة:

  1. أن يكون الظرف استثنائيًا.
  2. وعامًا.
  3. ويقع بعد التوقيع على العقد وقبل تمام التنفيذ.
  4. وغير متوقع.
  5. وعدم القدرة على دفعه.
  6. وألا يكون للمتعاقد دخل في حدوثه.

ويصبح تنفيذ الالتزام مرهقًا للمدين أو يهدده بخسارة فادحة

​​​​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة