التجربة الدولية في الاتصال المؤسسي..ودور الصحافيين!!

واكبت المنشآت في مختلف دول العالم مستحدثات علم الاتصال والنضج المفاهيمي الموازي لحركة الأبحاث التطويرية في هذا المجال، والذي انعكس بدوره على أرض الميدان عبر الممارسات المهنية. فقد انتهجت كثير من المؤسسات تكييف واستحداث مسمى الاتصال المؤسسي؛ لقدرته على إبراز الشمولية التي تقابل كل ما يمارس من أفعال داخل إدارات الاتصال المؤسسي. وبعيدًا عن الأدوار التي تقوم بها مثل هذه الإدارات في استهداف الجماهير المختلفة داخليًا وخارجيًا وبخطوط اتصالية متفرقة والمساهمات التي من الممكن أن تُبذل لتحقق مطامع المنشآت، فإني أبحث في مقالي هذا عن قيمة استقطاب إدارات الاتصال المؤسسي للصحافيين؛ وذلك باعتبار أن هذا السيناريو يمكن ملاحظته عموميًا على المستوى الدولي وانتفاء فلسفة اقتصاره على تجارب محلية.

بالنظر للأنشطة الكتابية حول هذا الجانب، والتي تبرز من خلالها عصارة تجارب وخبرات المؤسسات في قيمة الاستعانة بصحافيين للعمل لدى إدارات الاتصال المؤسسي، فإنه يتجلى حجم الانعكاس في توظيف واستغلال المهارات الصحفية مع زيادة المحاذير في الجانب المقابل حول مدى جدوى وقدرة الصحافي في التحرر من الفكرة الإعلامية الضيقة، وكذلك نوع المهام التي من الممكن أن يتولاها لتقييم الناتج لاحقًا حول هذا النوع من القرارات في الاستقطاب.

ومن المعلوم تمامًا أن هناك تفريعات داخل إدارة الاتصال المؤسسي، وعليه فإن اختيار الدور المناسب حين التوجه في استقطاب صحافيين هو الجزء المثالي في العملية المهنية، ولكن ما يقوض نجاح هذا الاختيار هو اتجاه القائمين على المؤسسات إلى منح الصحافيين صلاحيات تتعدى الدور المناط؛ وبالتالي يحدث هناك عادة بعض الأخطاء، مثل التضارب في الأفكار الاتصالية وتطبيقها. ويعتقد القائمون على المؤسسات أن امتلاك صحافي من شأنه وبشكل كافٍ تعزيز علاقة المنشأة برجال الصحافة والوسائل الإعلامية؛ وبالتالي زيادة فرصة حضور اسم المنشأة في تلك المؤسسات الإعلامية. ولكن هذا لا يعتبر صحيحًا بشكل تام، فمثل هذه المهارة في تكوين العلاقات قد تتوفر لدى رجال العلاقات العامة حيث العبرة هنا ليست في مدى وحجم المعرفة بمن يعمل في الميدان الإعلامي، لكن في كيفية توظيف وصياغة الرسالة بما يتناسب مع الهوية الإعلامية.

تبدو إشكالات الكتابة الإعلامية في أنها ليست حديثة عهد في المجال الاتصالي، ولكنها تبدو مزمنة بعد تتبع عدد من النماذج السلبية الناتجة من المؤسسات، حيث قد يتوفر هناك من يصنع الأفكار؛ ولكن يندر من يجيد كتابتها، أو حتى التفريق بين أنواع الرسائل الإعلامية ومدى ارتفاع الحساسية في اختيار المفردات والوعي بقوة اللغة المستخدمة والظروف المختلفة التي يتطلب التعامل في كتابة محتواها بما يتناسب مع طبيعتها. إن الرسالة الإعلامية يجب أن تتحرر من كينونتها الكتابية لتحدث صوتًا لدى من يتلقاها، وهي الحرفة التي يجيدها الصحافيون، والتي تشكٍل حاجة ماسة يفتقر إليها عدد من المؤسسات صاحبة الحضور الاتصالي المكثف.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة