الجودة الشاملة في التعليم

 نظرًا لأهمية التربية والتعليم وقضاياها في حياة المجتمعات الإنسانية؛ فقد حظيت باهتمام كبير على كافة المستويات: المحلية، والعربية، والعالمية، وأسهمت في تطوير هذا المفهوم منظمات عديدة. قدمت جهودًا كبيرة، مثل اليونسكو، والألسكو، وغيرها الكثير والتي من بينها مؤسسات وجمعيات أهلية وحكومية. هذه الأهمية للتربية أدت إلى ضرورة أن يواكبها ضبط لكافة متغيراتها ضمن ما يعرف بالجودة الشاملة للتعليم، وهذا ينطبق على عدد كبير من القطاعات والنشاطات الإنسانية المختلفة التي تتم إدارتها وضبطها ضمن مفهوم الجودة الشاملة. فما هي الجودة الشاملة في التعليم؟ وما أهميتها؟ وأهدافها؟

حظيت الجودة الشاملة بجانب كبير من هذا الاهتمام إلى الحد الذي جعل بعض المفكرين يطلقون على هذا العصر "عصر الجودة"؛ باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لنموذج الإدارة التربوية الجديدة لمسايرة المتغيرات الهائلة على كافة الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية والتكنولوجية خاصة، ومحاولة التكيف معها. فأصبح المجتمع العالمي ينظر إلى الجودة الشاملة والإصلاح التربوي باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، بحيث يمكن القول إن الجودة الشاملة هي التحدي الحقيقي الذي ستواجهه الأمم في العقود المقبلة، وهذا لا يعني إغفال باقي الجوانب التي لا بد وأن تواكب سرعة التطور الحاصل في المجالات كلها.

والجودة في التعليم مرتبطة بعمليتي التعلم والتعليم، وكذلك بالإدارة؛ وذلك من أجل ربط التعليم بحاجات المجتمع، وإحداث تغير تربوي هادف، وبناء وتنمية ملكة الإبداع عند المتعلمين. ويحدث التعلم عندما يحدث تفاعل بين المتعلم وبيئته، ونحن نعرف أن التعلم قد حدث عندما نلاحظ أن سلوك المتعلم قد تعدًل. ودورنا نحن أن نتيح الفرصة لحدوث التفاعل كي يحدث التعلم، وهذا يعني توفير كل الشروط والبيئة الصالحة للتعلم؛ مما يستوجب وضع معايير للعمليات، بما يشمل نظام محدد للتأكد من جودة التعليم.

ويعرفها معهد "الجودة الفيدرالي" في الولايات المتحدة الأمريكية بأنها القيام بالعمل وبشكل سليم من أول مرة مع ضرورة الاعتماد على آراء المستفيدين من السلع والخدمات بخصوص مدى تحسين الأداء.

وهي ترجمة احتياجات وتوقعات الخريجين كمخرجات لنظام التعليم الى معايير محددة تتوفر في الخريجين وتكون أساسًا لتصميم وتنفيذ برامج التعليم وتطويرها باستمرار، وتتمثل في تضافر الجهود الجماعية المتضمنة كل مراحل التعامل مع الطالب: القبول، وعمليات التعليم والتدريب، والخدمات، وحتى تقديم الطلب الخريج الى سوق العمل.

وتبرز أهمية تطبيق إدارة الجودة الشاملة فيما يلي:

- تحسين صورة المنظمة في نظر العملاء الداخليين والخارجيين.

- تنمية الشعور بوحدة المجموعة والعمل بروح الفريق، ونشر الثقة بين الأفراد والشعور بالانتماء في بيئة العمل. وتشير الدراسات إلى أن الجودة أحد العوامل المهمة في تحفيز العاملين ودفعهم إلى زيادة الإنتاجية وزيادة ارتباطهم بالمنظمة وأهدافها.

-  يحقق تطبيق الجودة الشاملة عائدًا مرتفعًا للمنظمة.

-  يؤدي تطبيق الجودة الشاملة إلى تخفيض التكلفة وزيادة الربحية.

-  تنعكس إدارة الجودة الشاملة في منظومة التعليم الجامعي بشكل إيجابي على منظومة البحث العلمي؛ لذلك فإن جودة الأداء التعليمي لجميع المراحل الأكاديمية سوف تنعكس إيجابيًا على جودة الأداء في منظومة البحث العلمي، ولا يمكن أن ننشد بحثًا علميًا جيدًا في ظل منظومة تعليمية متخلفة.

-  كذلك فإن إدارة الجودة الشاملة في منظومة التعليم الجامعي سوف تنعكس إيجابًا على الأداء الجامعي في كافة مجالات الأداء الأخرى.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة