الذكاء الاصطناعي: هل نحن مستعدون ؟

"....كل هذا يدعونا جميعاً إلى التفكير والعمل بجد للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وإطلاق أقصى إمكاناته في سبيل الارتقاء بمجتمعاتنا واقتصاداتنا. وإننا في المملكة العربية السعودية نترجم ذلك اليوم بإطلاق الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، بطموح واضح لأن تغدو المملكة أنموذجاً للذكاء الاصطناعي في العالم...حيث نجعل أفضل ما في البيانات والذكاء الاصطناعي واقعاً" (صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز)

 

يبرز اهتمام العالم في عصرنا الحالي بالتكنولوجيا وبرامج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات العامة والخاصة، وذكرت المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO أن الذكاء الاصطناعي ليس هناك تعريف عالمي محدد له. وبصفة عامة يعتبر تخصصًا في علم الحاسوب؛ يهدف إلى تطوير آلات وأنظمة بإمكانها أن تؤدي مهامًا تتطلب ذكاءً بشرياً.

وتتضح أهمية الذكاء الاصطناعي في جميع الميادين العلمية والعملية، خصوصاً خلال الفترة الحالية مع التطورات الإلكترونية في العالم بأسره، وتوجه المملكة العربية السعودية في رؤية 2030 إلى التحول الرقمي.

وحتى يكون هذا التطور في الطريق السليم الذي يقود إلى درب النجاح؛ يجب التأكد من جهوزية الأنظمة، وطرق الحماية، والقدرة على التحكم بهذه التقنية وعدم خروجها عن السيطرة. كذلك يجب الاستعداد قانونياً، من حيث وجود اللوائح والأنظمة والتعليمات الخاصة بتقنين هذه التكنولوجيا لصالح الإنسان.

فعلى سبيل المثال، لو بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي بالدخول للتطبيق الواقعي:

  1. الذكاء الاصطناعي في المرور: أصبحت السيارة تقود نفسها بنفسها وكل ما عليك القيام به أن تكون بمقعد الراكب وتنتظر الوصول لوجهتك دون أي جهد، لكن ماذا إذ وقع حادث لا سمح الله. من المسؤول؟ ومن يتحمل التعويض إذا وقعت تلفيات، صاحب المركبة؟ أنت كراكب في السيارة في حال لم تكن أنت صاحب السيارة؟ أم السيارة التي لا قائد لها؟ أم الشركة المصنعة؟
  2. الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة: أصبحت الروبوتات تستخدم في إجراء الجراحات، وأصبحت تستخدم أيضاً في مجال الصيدلة وصرف الوصفات، لكن ماذا لو وقع خطأ طبي خلال إجراء الجراحة؟ وماذا لو تم صرف وصفة طبية خاطئة ونتج عنه وقوع مضاعفات طبية؟ وكذلك مَن المسؤول؟
  3. الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم سواء كمدرسين أو لكتابة وتصحيح الاختبارات؛ فماذا لو أخطأ الروبوت بتصحيح اختبار أدى إلى رسوب الطالب؟ أو أخطأ في إجراء عمليات القبول للجامعات وضاعت فرصة القبول على مرشح؟ فمن المسؤول عن هذه الأخطاء؟

هذا التصور والتطبيق يثير العديد من التساؤلات لاسيما فيما يتعلق بالآتي:

  1. هل سيتم اعتبار التصرفات الصادرة من هذه البرمجيات، بأنه اعتراف لها "بشخصية قانونية"؛ وعلى أثر ذلك تتحمل مسؤولية تصرفاتها؟
  2. ما مدى ملائمة التنظيمات القانونية الحالية وقدرتها على استيعاب الخصائص الفريدة لهذه التقنية؟
  3. كيف يمكن تصنيف المركز القانوني لهذه التقنية؟ أم سيتم تصنيفها كتابع لمن يتحكم بها، لا سيما بالنسبة للروبوتات الأكثر تطوراً؟ 

وبذلك؛ تتضح أهمية الموضوع، الذي ندعو فيه إلى ضرورة التوجه لتقنين استخدامات مجال الذكاء الاصطناعي ووضع أطر ولوائح تنظيمية معينة، وإدخال التعديلات على بعض الأنظمة الحالية؛ تماشياً مع التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية وللتمتع بمزايا تقنيات الذكاء الاصطناعي الكبيرة التي قد تفيد العالم كثيراً، بما يحقق مصلحة الفرد والمجتمع، وتفادياً للآثار السلبية التي من الممكن أن تنتج عنها.

وأقتبس في الختام مقولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان: "نحن نعيش في زمن الابتكارات العلمية والتقنيات غير المسبوقة وآفاق نمو غير محدودة، ويمكن لهذه التقنيات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في حال تم استخدامها على النحو الأمثل أن تجنب العالم الكثير من المضار وتجلب للعالم الكثير من الفوائد الضخمة".

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة