ذكاء الأعمال والتحليلات وعلم البيانات ميزة تنافسية في عالم الأعمال

تحليل البيانات هو الوسيلة الإستراتيجية المعاصرة التي تساعد المؤسسات المختلفة في أن تصبح أكثر فعالية وكفاءة في عملياتها، ويعتمد عليها صانعو القرار بشكل كبير في اتخاذ القرارات المناسبة. وقد تطور مجالا ذكاء الأعمال وكذلك تحليلات الأعمال بسرعة هائلة فأصبحا أكثر تركيزاً على التطبيقات المبتكرة لاستخلاص المعلومات، وهو ما نلمسه في أغلب المجالات الحياتية، كالرعاية الصحية، والرياضة، والسفر، والترفيه، وإدارة سلاسل التوريد، والمرافق. ولعل علم البيانات هو أحدث تجسيد للتعلم العميق وإنترنت الأشياء. وربما قد لا ينتبه البعض إلى أن هذا العلم وتحليلاته المختلفة، سواء الوصفية أوالتنبؤية أوالتوجيهية؛ تُعد ميزة تنافسية للكثير من المؤسسات في عالم الأعمال والإدارة. وهذه المحاور الثلاثة تمثل موضوع كتاب مترجم للغة العربية، وصادر عن معهد الإدارة العامة بعنوان: "ذكاء الأعمال، والتحليلات، وعلم البيانات: منظور إداري"، وهو من تأليف: "راميش شاردا"، و"دورسون ديلن"، و"إفرايم توربان"، وقام بترجمته د.محمد بن عايض القرني، وهو الكتاب الذي نقرأه معاً في هذا العدد من "التنمية الإدارية".

3 مجموعات

يتضمن الكتاب موجزاً تمهيدياً بالإضافة إلى 8 فصول متنوعة، ويبلغ عدد صفحاته 768 صفحة. يستهله مؤلفو الكتاب في الفصل الأول منه بإلقاء "نظرة عامة على ذكاء الأعمال والتحليلات وعلم البيانات"، وتتمثل أهمية هذا الفصل في أن تطبيق التحليلات على مشكلات الأعمال من بين المهارات الأساسية، خاصة في عملية صنع القرارات. ويصحبنا المؤلفون لفهم والإلمام بالعديد من النقاط المهمة والتي يأتي في مقدمتها ذكاء الأعمال (BI) الذي أصبح مجال جذب كبير للكثير من المؤسسات على مستوى العالم. وبالرغم من أن مجموعة Gartner صاغت هذا المصطلح في منتصف عقد التسعينيات من القرن العشرين؛ إلا أن هذا المفهوم أقدم من ذلك وله جذوره في نظم تقارير MIS في عقد السبعينيات من القرن نفسه. وتجدر الإشارة إلى أن المؤلفين يركزون هنا على بنية ذكاء الأعمال، واستعمال الوسائط المتعددة، وتطوير أو حيازة أنظمته. كذلك من بين هذه النقاط المهمة تحليلات البيانات الضخمة وإدارتها وذلك من جانبي التخزين والمعالجة، وهو ما نستوضحه جلياً من خلال النماذج التطبيقية لها، كما في نموذج شركة Center Point التي تستخدم تحليلات البيانات الضخمة لتحسين خدمة العملاء.

ويصنف الكتاب محللي صناعة التحليلات والمؤثرين فيها إلى 3 أنواع من المنظمات أو المحترفين كالتالي: المجموعة الأولى هي مجموعة من المنظمات المهنية التي تقدم المشورة إلى موردي صناعة التحليلات والمستخدمين، وتضم المجموعة الثانية مجتمعات أو شركات مهنية تقدم أيضاً بعضاً من الخدمات نفسها ولكنها قائمة على أساس منظم، أما المجموعة الثالثة فهي ما تسمى سفراء التحليلات أو المؤثرين أو القائمين بالدعاية.

مستودعات البيانات

ويستعرض الفصلان الثاني والثالث "التحليلات الوصفية" من خلال مناقشة طبيعة البيانات، والنمذجة الإحصائية، وتصوير البيانات، وذكاء الأعمال ومستودعات البيانات. وذلك بالتأكيد على أهمية البيانات وعمليات تحليلها، وخاصة البيانات الضخمة، وهو ما تؤكده العديد من العبارات المستحدثة الدالة على هذه الأهمية، مثل "البيانات هي النفط"، و"البيانات هي اللحم الجديد"، و"البيانات هي العملة الجديدة". فيبدأ الفصل الثاني بوصف طبيعة البيانات من حيث ماهيتها وأنواعها وصورها وكيفية معالجتها، ثم محاولة فهمها بشكل أعمق، وتسليط الضوء على الطرق الإحصائية المستخدمة لتحضير البيانات كمدخلات لإنتاج المقاييس الوصفية والاستدلالية. أما الفصل الثالث فنستطيع من خلاله الاقتراب من فهم التعريفات والمفاهيم الأساسية لمستودعات البيانات، وفنياتها، ووصف العمليات المستخدمة في تطويرها وإدارتها، وشرح عملياتها، ودورها في دعم القرار، وفهم جوهر إدارة أداء الأعمال، وتعلم بطاقة الأداء المتوازن وستة سيجما كنظم قياس الأداء.

التنقيب والـ"سوشيال"

وينتقل الكتاب في فصليه الرابع والخامس إلى بحث "التحليلات التنبؤية"، فنجد المؤلفين في الفصل الرابع يلفتون إلى عملية، وطرق، وخوارزميات التنقيب عن البيانات. فتبدو أهمية عملية التنقيب عن البيانات كتقنية تمكينية لتحليلات الأعمال، وهو ما يستتبعه محاولة فهم أهداف وفوائد هذه العملية، والدراية الكاملة بمجموعة واسعة من تطبيقات التنقيب عن البيانات، وتعلم عمليات التنقيب في البيانات القياسية، وتعلم أساليب وخوارزميات مختلفة من التنقيب عن البيانات، والوعي بأدوات البرامج الحالية للتنقيب فيها، وفهم القضايا الخصوصية ومشكلات وخرافات التنقيب في البيانات. وفي الفصل الخامس منه يتطرق الكتاب إلى "تحليلات النص والويب ووسائل التواصل الاجتماعي"، فيقدم نظرة شاملة على تحليلات التنقيب في النصوص، والتمييز بين تحليلات النصوص والتنقيب فيها والتنقيب في البيانات. كذلك وصف تحليل المشاعر، والإلمام بالتطبيقات الشائعة لهذا النوع من التحليل، مثل محركات البحث، وتحليل شبكات ووسائل التواصل الاجتماعي. ويؤكد المؤلفون هنا على أن الطبيعة المتغيرة للبيانات تجبر المنظمات على جعل تحليلات النص والويب جزءاً حساساً من بنيتها التحتية فيما يخص ذكاء/تحليلات الأعمال.

وفي الفصل السادس "التحليلات التوجيهية" أو ما يعرف بالتحسين والمحاكاة؛ باعتباره فصلاً جديداً أضافه المؤلفون للكتاب ضمن طبعته الجديدة. نجده يتخطى مرحلة تطبيقات التحليلات وصولاً إلى ما بعد إعداد التقارير والتحليلات التنبؤية، كما ينقلنا الفصل أيضاً إلى التقنيات المختارة التي يمكن توظيفها جنباً إلى جنب مع النماذج التنبؤية للمساعدة في دعم القرار، فيركز هنا على التقنيات التي يسهل تنفيذها نسبياً سواء باستخدام أدوات جداول البيانات أو باستخدام أدوات برمجية قائمة بذاتها.

البيانات الضخمة

ويناقش الفصل السابع "مفاهيم وأدوات البيانات الضخمة" التي أصبحت من بين أهم أنواع البيانات وذات أولوية قصوى بين أولويات الأعمال؛ فمن المحتمل أن تغير خريطة المنافسة بين المؤسسات بشكل كبير في عالمي الاقتصاد والإدارة على المستوى العالمي. لذلك فقد بات من المهم التعرف على البيانات الضخمة والمفاهيم المرتبطة بها، وهو ما يهتم به هذا الفصل من الكتاب، بالإضافة إلى التعرف على التفاصيل الفنية لتقنياتها التمكينية، مثل Hadoop، وMapReduce، وNoSQL. وكذلك الإلمام بالتحليل المقارن بين مستودعات البيانات وتحليلات البيانات الضخمة، وهذه الأخيرة تعد تحليلات التيار من بين إحدى أقيم المقترحات الواعدة لتحليلات البيانات الضخمة. ويختتم المؤلفون كتابهم بالفصل الثامن الذي يستشرف "الاتجاهات المستقبلية والخصوصية والاعتبارات الإدارية في التحليلات"، حيث نتعرف على عدة تقنيات حديثة الظهور والتي من المحتمل أن تكون ذات تأثيرات جوهرية على تطوير واستخدام تطبيقات ذكاء الأعمال.

 

 

​​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة